عن عطاء حنان ومثيلاتها
الثلاثاء 02 فبراير ,2021 الساعة: 07:34 مساءً

بكل أريحية وبساطة افترشت "البيجوم" المخضرمة القديرة، حنان عباس مدرسة الرياضيات للمرحلة الثانوية في مدرسة خديجة في تعز، الأرض أمام بوابة المدرسة قبل الدوام لتعطي دروسا إضافية لطالباتها وعلى أوراق الكارتون.

ما كان لتعز العلم والأدب والثقافة والدولة بكل مفرداتها أن تتراجع لولا شتات الحرب وقساوة الحصار.

حنان الحنان، هي أنموذج بألف رجل والف امرأة يشكلون إلياذات وملاحم، نحو ذرى المجد والعلو والصمود أنموذج


يؤرق العاهات ومن يدعون عدم الاستطاعة، ويملكون ألف ألف عذر وذريعة للتملص من واجبات أعمالهم فضلا عن التطوع بعمل الخير وذره ليحيا الإنسان وما أعظم ذلك حين يكون بالتعليم لإزالة الجهل والتجهيل.

إنها نفوس كبيرة لا يسع أحدنا إلا الخجل ومراجعة حساباته في حال إنه يستطيع فعل شيئ جيد وجميل ولا يفعل!

إن البؤس والشقاء في الإمساك والتقتير والأنانية بل وضيق وكرب الحياة، يأتي من ذلك الباب وهو عدم العطاء والبذل والتطوع وكل ذلك من وجوه الخير وخصوصا أيام المسغبة.

ذات يوم في عز استهداف المدينة من قبل أذرع إيران بالصواريخ واستهداف الأحياء عم الخوف والقلق وانعدمت مقومات الحياة، وعز رغيف الخبز وشربة الماء.

رغم كل ذلك كانت المدارس مفتوحة ومنها مدرسة محمد الدرة. كانت الأستاذة المتطوعة تصحب ولديها صباحا لتذهب للتدريس تطوعًا وهي وأولادها لا يمتلكون قيمة سندويتش واحد وتتناول وأولادها الفطور مع زميلاتها اللائي يجلبن بالتناوب خبز الطاوة للمدرسة للإفطار.

عرفت قصتها من إحدى قريباتي تعمل مدرسة في تلك المدرسة حيث روت لي قصص عن التطوع للمدرسات، كل قصة تحتاج صاحبتها أن تخلد في التاريخ، قصص تجعل أحدنا يبتسم وعيناه تدمعان وشفتاه ترددان مازالت الدنيا بخير وفيها أمثال هؤلاء العظماء نساء ورجالا لا يملكون قرشا واحدا ولا رغيفا واحدا.

لكنهم يملكون رضاء وقناعة وهمة وضمائر حية لو وزعت على أهل اليمن بجهاته الأربع لكفتهم.

طوبى لحنان وأمثالها ومثيلاتها طوبى لهم وحسن مآب

وسلام عليهم في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.

وتعسًا وعارًا وخزيًا لكل من تسنم منصبا كان مدرسا أو طبيبا أو مهندسا أو صحفيا أو مديرا أو وزيرا ... الخ ولم يؤد حق الله عليه كأمانة مسئولية وامتلاك قرار، فضلا عن أن يتطوع، فالتطوع هو السهل الممتنع.

لا يستطيع إلا كبار النفوس والأصفياء ومن لهم ضمائر حية وقلوب كبيرة وأنفس خالية من شوائب الأنا وضغائن الأنانية وحب الذات وعبادتها..


Create Account



Log In Your Account