سبتمبر الإنجاز والإنحراف
الخميس 27 سبتمبر ,2018 الساعة: 07:24 مساءً

حقيقة الثورةُ تتجلى في أن تكون بدايةً لواقعٍ جديدٍ وخلاصاً من واقعٍ وجبَ التخلصُ منه ووأدَهُ من غير رجعة ومن خلال الثورة تُقرِرُ الشعوبُ مصيرها انطلاقا من حتمية البقاءِ وتلبيةً لضرورة الإرتقاءِ والإزدهارِ  ونزولاً عند الإرادةِ الحُرة المجبولُ  عليها تكوينُ الفرد والمجتمع  ،فالشعوب تثورُ حين تُصادر حقوقُها وتُهمَّشُ غاياتُها وتُحجَّم ُرغباتُها في النهوضِ  ،ويظهرُ الخيارُ جلياً  بين خنوعٍ ودونيةٍ  أو رفضٍ  وثورة فتبقى الثورةُ هي الحل ُوالخيارُ لأنها آلةَ الحقِ في إقامة كيانه ومركبة النجاة ِ إلى واقعٍ مزدهر  ،تكون المبادرة ُفيها للشعب فهو الذي يخفض ُويرفع   ويقلبُ الواقع َحسب رغبتِه ووفقاً لإرادته ...

قبل 26من سبتمبر كان هناك وضعاً ينبغي أن يتغيرَ وشعباً يجبُ أن يخلق َقدره ويعيدَ حقه المصادرَ من سلالةٍ عبثتْ بحقوقه وبأرضه ولوثتْ نقاء تكوينه وهمّشت ْمكانته واغتالتْ أصالة ماضيهِ ورفعة مجدِه وتطلعاته وأغرقتْه برتابةٍ من التخلف وقتامةٍ من الإستبدادِ وأذكتْ فيه الطبقيةَ والعنصريةَ وكانتِ الثورة ُ مطلباً  ملحاً وحتماً  على الشعبِ اليمني أن يجتازها فشرع بموجاتٍ ثورية كان 26 من سبتمبر أكبرُها سعةً وأعرضها نضالاً وأثبتُها كفاحاً لقد كان فجرُ سبتمبرِ استثناءاً ظهر فيه الشعبُ تواقاً للحرية والنهوض ِوقرر اليمني فيه أن يكون كياناً موجوداً مثل أي كيان في العالم  وقد أفلحَ الشعب ُعندما أحرق عمائم الأئمةِ وأسقطَ وهْمَ الإصطفاءِ وثيوقراطية السلالةِ وأعلن مبادىء ثورتِه العادلة  وصمدَ أمام ثورة الظلام المضادة في مشهدٍ كسر رغبةَ المستبدين وداعميهم الإقليمين المشرئبين  في تهميش بلدنا ودوره الإقليمي والعالمي  أولئك الذين لهم اليد الطُولى في حرفِ مسار (ثورة سبتمبر ) وإفراغها من أهدافها فقد سعوا جاهدين على تهميش النظام الجمهوري والدولة اليمنية  من خلال تمكين القبيلة ورموزها من مقاليد الحكم ووأدِ مشروع النهضةِ في الشمال إضافة إلى تكريس الصراع وإذكاء النزاع في الجنوب على إمتداد  فترة الجمهوريتين  (شطري اليمن )ولا يزالون يعبثون حالياًوينفذون ما يرغبون لخدمةِ مصالحهم على حساب حقنا في البقاءِ والنهوض  ويبقى سبتمبر ُوإكتوبر ُوفبراير وأيُّ فكرة ٍنهضوية ٍفكرة ًمؤرقة لهم لا لشيء إلا أن هناك غطرسة مستبد يستأثر النفوذ له ويخاف من تداعيات الحرية ومن وهج نورها وثمة عاملا ً آخر يتمثل في غريزة الأعراب المجبولة على النهب والعبث ...

إن ثورة سبتمبر إنجازٌ عظيم  فكرةً وإنطلاقة ً ورؤية وقد جاءت تلبية لحاجة الشعب وفي إطار الزخم العربي للخلاص من الإستعمار ومخلفاته وعوامل بقائه وغايتها وطن قوي وجيش قوي ونهضة شاملة ووحدة يمنية في إطار وحدة عربية شاملة على هذه المبادىء  شرع  السبتمبريون في تأسيس الجمهورية ومثلهم الإكتوبريون واتحدتْ رؤاهم وغاياتهم ولم يكن هناك أدنى شكٌ   -في ذهن أي ثائر جنوبا وشمالا -أن تكون اليمن الموحدة دولة ذات سيادة وقوية على كافة الأصعدة لكن هناك انحرافاً في واقع ما بعد الثورة  تزايد مع مرور الزمن  وظهرت في الفترة الأخيرة الحاجة لثورةٍ جديدة  فقد وجد الشعبُ نفسه  محكوماً  من  نظام عائلي ونفوذٍ أُسَرِي في قالبٍ مشابهٌ لقالب السلالية الإمامية  وصارت هناك حقيقة واضحة مفادها أن انحرافاً في مسار الثورة قد أوصل البلادَ إلى وضع عصيب ذلك الإنحراف الذي  ظهر جليا بإغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي رحمه الله تعالى وتنصيب شاوشاً مقاليد الحكم ذلك المعتوه الذي عمل بما تقتضيه نزوات الأعراب ومن هنا بدأتِ الفوضى فالجمهوريون في جنوب الوطن أدركوا مغبة الإنقلاب على ثورة سبتمبر وأدركوا خطورة إستخدام القبيلة من قبل الأعراب  كآلةٍ للسيطرة على القرار وتطويع الإرادة السياسية في شمال الوطن ولهذا بدأت جهودهم للتخلص من النظام الهجين في صنعاء وذلك لإستكمال مبادىء الثورة وبناء اليمن القوي إلا أن الأعراب بما لديهم من مال وعمالة للغرب اخترقوا منظومة الجمهورية في الجنوب وحولوا الوضع لصالح نظام عفاش الذي استفاد من تناقضات المشهد الإقليمي والعالمي وضعف خصومه بعد أحداث 13يناير فحقق مكسباً عائلياً جديداً عام 1990 إذ أن الوحدة لم تأتِ وفقاً للإرادة الوطنية التي اقتضت يوماً ما زوال نظام عفاش كإحدى خطوات تحقيق الوحدة وبناء يمن قوي مزدهر ...

في كل محطات الصراع كان للأعراب دورهم في العبث والتآمر على مكاسبنا الوطنية بدءاً من حصار السبعين يوما إلى القضاء على التجربة الجمهورية بإغتيال الرئيس الحمدي ثم إلى أحداث يناير ثم إلى أحداث 94 ثم ثورة فبراير وَمِمَّا لا يُخفى على أحد أن الأعراب كان لهم باعاً في تمكين حركة الحوثي من الإنقضاض على مخرجات الحوار الوطني وأهداف ثورة فبراير كي لا يوجد  اليمن القوي المزدهر السبب نفسه يتكرر والأعداء نفسهم موجودون  فالأئمة يعاودون الصراع وهدفهم سرقة الجمهورية واختطاف اليمن الكبير القوي والأعراب هدفهم وأدُ اليمن المزدهر ولولا أن السلاليين الجدد مرتهنين إلى إيران لكان الأعراب سنداً لهم ولكان المشهد مختلف والغرض مختلف أيضاً  فبدلاً من تحالفٍ عربي للحفاظ على الأمن القومي الخليجي من عبث إيران كان الأمر تحالفاً عربياً للحفاظ على الأمن القومي الخليجي من خطر الإسلام السياسي وخطر التجارب المدنية على انظمتهم الملكية المستبدة  بل إن حقيقة الأمرُ تكمن في أن القبيلة والأعراب والسلالية الرجعية قد تتعارض مصالحهم نوعاً ما لكن هناك مصلحة واحدة يشتركون فيها وهي عدم وجود جمهورية يمنية قوية مزدهرة ذات سيادة وريادة ،،،فتباً لهم جميعاً والمجد والبقاء والإزدهار لوطننا الجمهوري ،المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والبقاء والقوة للثوار الأحرار


Create Account



Log In Your Account