(المنصف الوهايبي) مِنْ أساطين الإبداعِ والفنّ العربي.. شاعر وروائي وأستاذ جامعي
الخميس 22 فبراير ,2024 الساعة: 11:38 صباحاً
مجيب الرحمن الوصابي

يداهُ إلى الغيمِ مبسوطتانِ
وعيناهُ للبرقِ
هذا الفتى التونسيُّ
     الذي تورقُ العربيّةُ بينَ يديهِ،
            وتخضلُّ بالضوءِ
            تَهْمي على جسدِ الكلماتِ
حدائقَ،
            تضحكَ
            تبكي
            تغني،
            وتنشرُ ألواحَها
                    وأساطيرَ أسلافِها
صاحبي أنتَ وحدَكَ
         مَنْ فَضَّ سِرَّ القصيدةِ
         مَنْ أطلقَ البرقَ في الكلماتِ
                          وفي سوسناتِ الحجارةْ
 
*  *  *
"بيتٌ علَّمَنا الأشياءْ
الشمسُ تطيرُ بِجُنْحَيْنِ
الأشجارُ تسيرُ بنعلينِ
وكانَ الماءُ
 يجيءُ كصلصلةِ الأجراسْ
بيتُنا اليمنيُّ القديمْ
حَجَرٌ يتفرَّسُ في السابلةْ
              بنوافذَ عمياءَ
 أو شجرٌ ليسَ يدخلُهُ
                 غيرُ بيضِ النجومْ.
 
*  *  *
الظلامْ
يتكوَّمُ في فجواتِ الحجارةِ
والأرضُ
      ممكنةٌ ما تزالْ"


هذه قصيدة للشاعر اليمني الكبير عبدالعزيز المقالح، عنوانها: (المنصف الوهايبي)
من (كتاب الأصدقاء) وكلّ قصيدة فيه موسومة باسم شاعر عربي.
ومن هذا الكتاب هذه القصيدة التي عنوانها
"المنصف الوهايبي"
وقد طعّمها الشاعر المقالح  في خاتمتها بمقطع من قصيدة للمنصف الوهايبي عنوانها"صنعاء" كتبتها إثر زيارته لليمن عام 1989ومشاركته في ملتقى "الشعر العربي الفرنسي" في صنعاء ؛

والمنصف الوهايبي فجراً يكتبُ؛ ويستعدّ للقصيدة جيّداً، والكتابة عنده قراءة أو أنّ النصّ ينشأ (قرائيّاً) أي وهو يقرأ خاماته وكلّ ما يتردّد فيه من أصداء ومن أصوات. الكتابة، كما يهمها ويحاولها، أي استئناف لإنشائيّة الأثر.

رغم انه من أعلام الحداثة والقصيدة النثرية الا أنه يحبّ القصيدة الجاهليّة، وهي عنده تراث شعري إنساني عظيم، تتمثّل عالم الأشياء ومفردات البيئة والحياة، وليست نسجاً على منوال. ويحبّ القصيدة الأجنبيّة، وبخاصّة الإنجليزيّة كما هو الشأن عند ت.س. اليوت. ويقول عن نفسه باختصار، أنا أحبّ القصيدة لا الشعر. والشعر فنّ لا وجود له؛ إنّما الذي يوجد هو «القصيدة». الشعر مفهوم مجرّد، والقصيدة حدث… تماماً، مثلما لا يوجد مرض، بل مرضى.. ما يوجد هو الفرديّات لا الكلّيّات

 

محمد المنصف الوهايبي (20 ديسمبر 1949 -) هو شاعر وروائي وأستاذ جامعي تونسي.

 

ولد محمد المنصف الوهايبي بحاجب العيون بولاية القيروان وتحصل على شهادة الدكتورا الحلقة الثالثة (= ماجستير) عن أطروحة «الجسد المرئي والجسد المتخيل في شعر أدونيس» وعلى شهادة دكتوراه الدولة عن موضوع «صناعة الشعر عند أبي تمّام ومكوناتها: في قراءة القدامى وفي النص الشعري». ويعمل أستاذا محاضرا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة. وهو عضو في المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون - بيت الحكمة. وقام في 1996 بالكتابة وتأليف السيناريو للفيلم الوثائقي الخيالي «يا بلدا يشبهني» والذي يتمحور حول زيارة الرسام بول كلي إلى تونس والحمّامات والقيروان في عام 1914 وأخرجه هشام الجربي. وشارك في كتابة سيناريو فيلم «بانتظار ابن رشد» لنفس المخرج في 1998. وعمل في ترجمة الشعر إلى العربية إذ عرّب في 1984 بالاشتراك مع محمد الغزّي ديوان «تحت برج الدلو» للسويدي أوستون شوستراند عضو لجنة نوبل، وشارك مع الشاعرة البرتغالية روزا أليس برانكو في ترجمة ديوانها «ما ينقص الأخضر ليكون شجرة» في 2002 وفي إصدار «نخلة القيروان» باللغتين العربية والبرتغالية في 2003. وتُرجمت قصائد مختارة من دواوينه إلى عدة لغات هي الفرنسية والإنجليزية والألمانية الإسبانية والبرتغالية والسويدية. وله عدة مقالات في موقع الأوان ويعمل مديرا لجمعية «العتبة الثقافية» ببورتو في البرتغال.

تحصل ديوانه «ميتافيزيقا وردة الرمل» على جائزة البنك التونسي «أبوالقاسم الشابي» للشعر في 1999، وحصل أيضا على جائزة الكومار الذهبي عن رواية «عشيقة آدم» في 2012. وفاز ديوانه «ديوان الوهايبي» بجائزة أفضل ديوان عن مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري في 2014 والتي قيمتها عشرون ألف دولار أمريكي. وحصل في 2020 عن ديوانه «بالكأس ما قبل الأخيرة» على جائزة الشيخ زايد للآداب التي تقدمها جائزة الشيخ زايد للكتاب والتي تبلغ قيمتها مليون درهم إماراتي. وحصل بحثه «بنية الخطاب الشعري في الشعرية العربية المعاصرة بين الاستعاري والكنائي» على المركز الأول في الدورة الثالثة من جائزة الشارقة لنقد الشعر العربي في 2023.


Create Account



Log In Your Account