المثقف الحاقد وحرف مسار المعركة
الجمعة 03 أُغسطس ,2018 الساعة: 07:48 مساءً

يعرفون جيدا أنهم في الجهة النقيض للوطنية ويتذرعون بأن الحرب مع السعودية هي من أجل جيزان وعسير ونجران بينما الحوثي يثخن قتلا في العمق اليمني.

قضية الحدود أغلقها صالح باتفاقية بدى معها منتصرا ظافرا، ولم تخرج مسيرة واحدة منددة أو موقف ثقافي أو سياسي مناوئ.

وعندما هب الحوثي لتدمير البلاد وأشعل الحرائق في البيضاء ومأرب وتعز وعدن استيقظت العداوات التاريخية والحنين إلى اليمن القديم.

المحتفلون بالأمس بالاتفاقية الحدودية وكأنها مأثر سياسي هم لاعنوها اليوم والمتشدقون بالسيادة الوطنية والعدو التاريخي لليمنيين، وبقية الرطانة الجوفاء التي يستخدمونها للتهرب من إدانة الحوثي في إعتدائه على الدولة، دولة كل اليمنيين وليست دولة الإصلاح أو دولة عبد ربه.

انقشعت قشور الطائفية سريعا مع غثاء الحوثية وطفت الأحقاد لا سواها مع كتلة هائلة من الغباء في الأحزاب والكيانات الاجتماعية والأوساط الثقافية التي فرطت بالوطن وبنظامه الجمهوري مقابل الإعتماد على مرتزق حاذق يصفي لها خصوماتها التاريخية لأنها لم تكن تؤمن بالنضال السياسي ولأن صالح كان قد أخصاها من الأفكار الخلاقة والاستجابة للعدالة الإنتقالية، مقابل الذهاب نحو مستقبل تعايش ومواطنة متساوية.

  لدى أمين معلوف تعبير لطيف في روايته "التائهون" بخصوص موقف اليهودي اللبناني من اسرائيل. "إن الأمر مثل لو أنك أخذت يا نعيم كل مالي، أجل، كل مال أسرتنا حتى آخر قرش، وذهبت لتراهن به على حصان في السباق؛ لكنتُ أمطرتك بوابل من اللعنات، ولكنت اتهمتك بأنك خربت بيتنا، بل لكنت ربما لعنت الساعة التي ولدت فيها. ولكن هل كنت سأرجو أن يخسر حصانك في السباق؟ لا، بالطبع لا. كنت سأرجو أن يخرج حصانك من السباق فائزا. "

هذا التعبير هو الأنسب لتوضيح موقف السلاليين من الحركة الحوثية التي انتزعت منهم رأسمالهم الاجتماعي وفكرة الاصطفاء والأحقية بالحكم، وغامرت بها في رهان مميت مع الجمهورية.

 امتعضوا من الحوثي لكنهم تمنوا له الانتصار وعبروا عن أمانيهم مخاتلة على اعتبار أن الحوثي سيستعيد الأرض التي ذهبت الى السعودية.

الحوثيون بعثوا الحياة في ذاكرة الموت. وتذكروا الْيَوْم أن حجاجا يمنيين قتلوا في عشرينات القرن الماضي على يد مسلحي النظام السعودي بينما كان الإمام عينه قد صفى القضية وتنازل عن الدم وهو طازج مقابل أن يستقر له الحال ولو في شبر من أرض اليمن يجبي أموال الفقراء ويسومهم أسوأ العذاب.

ليتهم توقفوا هنا. بل يريدون تصفية خصومات غابرة بين أجدادهم وآخرون، هم جزء من التاريخ وحبر على الأوراق لا شأن لليمن الْيَوْم بهم، وليس قضية بلد يعاني الفقر وشحة المياه وتدني مستوى التعليم وتدهور في النظام الصحي.


Create Account



Log In Your Account