مغامرة إيران على يد الحوثيين في البحر الأحمر
الجمعة 27 يوليو ,2018 الساعة: 04:07 صباحاً

أعلنت المملكة العربية السعوية وقف شحناتها النفطية عبر باب المندب والبحر الأحمر اثر تعرض ناقلتي نفط سعوديتين لهجمة يرجح أنها حوثية.

 

هذا الإعلان هو ثاني أهم حدث في هذه المنطقة بعد إعلان عاصفة الحزم فالأولى دشنت تدخلا إقليميا في منطقة غير مستقرة تدور فيها حرب أهلية طاحنة  والثاني يعكس  إحدى تاثيرات الحرب على صعيد الاقتصاد العالمي التي دشنها الحوثيون في اليمن في العام ٢٠١٤.

 

وتهديد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب أمر وارد في اطار الحرب الدائرة وسبق للحوثيين أن لوحوا به مراراً كما سبق لهم وأن استهدفوا قطع بحرية تابعة لدول التحالف العربي.

وكانت أمريكا قد استشعرت الخطر الحوثي على البحر الأحمر وقصفت بطارية ردار تابعة للحوثيين فيما مضى.

لكن الجديد في الأمر هو أولا : تزامن استهداف ناقلات نفط مع نشر ايران تهديدات خاصة بالمضايق وحركة نقل النفط كرد على العقوبات التي ستنزل عليها.

 

ويبدو أن الإيرانيين يأكلون الثوم بأفواه الحوثيين أو الجماعات العربية التابعة لها. فالأولى أن تغلق ايران مضيق هرمز وتنفذ تهديداتها القديمة لكنها وجدت في الحوثيين أداة تنفيذ بلا عقل ولا تعي عواقب ما تفعل بنفسها وباليمن.

ثانياً أن الإستهداف الحوثي بلغ هدفاً إقتصاديا ولم يقتصر على هدف عسكري وهذا أمر موجع للإقتصاد السعودي ونتيجة مخيبة للتدخل العسكري للتحالف الذي لم يتمكن من تحييد الخطر الحوثي على الممر المائي الإستراتيجي لدول التحالف بعد أكثر من ثلاثة أعوام من التدخل.

 

ورغم تعدد الهجمات والإعتداءات الحوثية في البحر إلا أن الأوساط الأمنية الغربية لم تكن تبت في أن الحوثيين هم الجهة المنفذة وكانت تترك الأمر مبهما. علماً أن الخطر الحوثي يقع في منطقة تمثل 40% من إجمال حركة التجارة العالمية وهذا يستدعي حساسية مفرطة تجاه هذا الخطر ولكنه أيضا خطر في منطقة تعد من اكثر المناطق ذات الحضور العسكري البحري والبري بسبب الإرهاب وأيضاً أعمال القرصنة في خليج عدن والمحيط الهندي. وعملياً البحر الأحمر لا ينفصل استراتيجياً عن خليج عدن والمحيط الهندي.

وهناك حضور عسكري دولي في هذه المنطقة سواء في البحر كما هي القوات المشتركة ١٥١ ،١٥٢، ١٥٣ التي تتخذ من البحرين قاعة عملياتية لها بالإضافة الى القواعد العسكرية الدولية في جيبوتي والصومال واريتريا.

 

اقتصار الاستهداف الحوثي على قطع دول التحالف حيد ردود الفعل الدولية باعتبار الإستهداف يندرج ضمن ميكانزمات الحرب الدائرة في اليمن.

 

والرسالة المزدوجة من استهداف ناقلة نفط هو أن الحوثي يملك يداً موجعة سيستخدمها في حق السعودية أو دول التحالف لكنه أيضاً قادر على ايذاء المجتمع الدولي وهذه مغامرة خطيرة متهورة لا تستخدمها إلا ايران وفق حسابات دقيقة ويبدو أنها استخدمتها الآن ولكن على يد الحوثيين وأي رد فعل سيعود مباشرة الى الحوثيين أولاً باعتبارهم الأداة المباشرة.

 

إلا أن الجزء الآخر من الرسالة يتعلق بمعركة الحديدة وتنقلات المبعوث الأممي. وكما هو الحال مع ولد الشيخ الذي كان الحوثيون يتعمدون الإساءة إليه وتنفيذ ضربات صاروخية على السعودية وهو حاضر بينهم ها هم يفعلون الأمر عينه مع المبعوث الجديد في تحد صارخ وإفشال لجهوده ويرفضون أي مبادرة.

إنهم يشدون وتر القوس على الآخر وقد يكون المنزع الأخير الذي سينعكس عليهم وينتهي التدليل الدولي لهذه الجماعة الغاصبة للحكم والتي ما يزال ينظر إليها من منظور الأقلية التي يجب أن تراعى في أي صيغة سياسية مستقبلية ما يمنحها أفضلية تعالج مظلومتيها وهذا هو تصور فعلي في الغرب للحوثيين.

 

يستهدف الحوثيون دول التحالف كتحاذق على المجتمع الدولي باعتباره غير مستهدف. إلا أن هذه الألعوبة لن تدوم طويلا وإن كانت قد أتت أكلها محليا منذ ٢٠١١ وبكثافة منذ ٢٠١٤. فأمن البحار مسألة حساسة والإضرار به لا يقتصر محلياً ولا إقليمياً ولهذا قد يأتي الرد الدولي بأكثر من المتوقع. إذ  أن المكان يغص بالقطع البحرية الدولية كما أسلفنا وهي على أهبة الإستعداد لخوض معركة قصيرة لكسر عظام إلى جانب التحالف الذي سيتكفل برياً بإزالة الخطر وإن كان إلى حد اللحظة لم يثبت نجاحاً كبيراً ولأسباب عديدة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي.

 

تأمين البحر الأحمر من طرف اليمن لا يتم عبر جماعة مارقة ولكن من خلال دولة تحترم التزاماتها الدولية وتسهم في حماية التجارة العالمية وحماية مصالحها ومصالح شركاءها، ولهذا لا بد من إزاحة الخطر الحوثي من الساحل مرحلياًوصولاً الى إزالته من الأرض اليمنية.


Create Account



Log In Your Account