تعز  لم يعد لها صديق إلا الجبل.. الحلقه الثالثة
الإثنين 20 نوفمبر ,2023 الساعة: 07:22 مساءً

مع انتهاء الحضور القيادي العسكري كانت هناك نواة قيادية قد بدأت تتخلق من ثلاثينيات القرن المنصرم، تمتعت بحنكة وحكمة جعلتها فاعلة على مستوى اليمن وذات حصافة أعطتها قدرة أكبر على التعامل مع أي ملف سياسي .إنهم المحافظون الجدد.

مفهوم نظرية المحافظة كفلسفة سياسية واجتماعية أنها جماعة تسعى للحفاظ على الأشياء كما هي وإن تطلب الأمر تغييراً يكون بالتدرج وعبر خطوات مدروسة بعيداً عن المغامرة والقفز للمجهول.

تم ترجمة ذلك بحضورهم السياسي الذي عزز أكثر لمفهوم الدولة وعمل على إحياء دورها وبناء المؤسسات الاجتماعية وإعتمادها سياسة الاستقرار أولاً والاستمرار للأمام ثانياً في سياقه الطبيعي وبدون القفز على الواقع وحرق المراحل المدمر. 

سر القوة والتميز 


كانت نخبة تعز الصاعدة متنورة ومن دعاة بناء الدولة وتقوم بدورها بترسيخ الإحتكام للقانون ونشر التنوير عبر  تأسيس المدارس ومشاريع التنمية والإنخراط بالعمل السياسي الوطني.

الاعمدة الخمسة لزعامات تعز:  ويمكن أن نرصد ملامح سمات تلك الشخصية بهدف التفسير وفهم أفكارها:

-ولدت من رحم الأسر الكبيرة في تعز وهي بيوت علم ووجاهة اجتماعية.

- زعامات الدائرة المستديرة لم يكن هناك رئيس ونائب وإنما من يحمل رؤية أو نظرية يتقدم والجميع يلتف حوله فهم أشبه بمجلس حكماء.

- إرساء قاعدة عدم الإعتماد على النظام بشكل كلي وبنفس الوقت ذهبت إليه وهي متكئة على قاعدتها الشعبية.

- الثالوث المقدس: 

أ - المال العام له حرمته وقدسيته.
ب - عدم استغلال العلاقة مع الدولة للإثراء والتكسب والاستبداد.
ج- الإحتكام للقانون. 

- تمتعها بروح المسؤولية والمدنية جعلها لا تتكسب مالياً لكنها أسست مدرسة مدنية كان الروؤساء يتقدمون إليها بتواضع للاستفادة أو لمواجهة أي مشاريع جهوية مناهضة لمفهوم الدولة.

لمعان قادة وعمالقة بالجملة


للزمن طفرات أحياناً تأتي مرة واحدة قصص النجاح والتجارب الفريدة للقيادات فيحدث التلاقي العجيب لمدارس فكرية متناقضة مختلفة وبساحة واحدة هذا ما تم وحدث لتعز.

حرب الكل على الكل  

تلك النخبة من المشيخ كانت تعمل وسط بيئة
قلقة لا زالت بطورها الأول وتتشكل:
-الاشتراكيون: لهم دولة بجنوب اليمن أخافت الجزيرة العربية ورئيسها ومنظرها الأبرز من تعز.

- وهناك الاسلاميين: ولهم امتداد عالمي ومن أهم مؤسسيها باليمن أحد أبناء هذه المحافظة.
القوميون: ولهم دولتين بالعراق وسوريا وأيضاً كانو من بين أهم مؤسسي قطر اليمن.

الملاحظ أن جميعهم يحملون صفة العالمية وعابري الحدود وينخرط مواطني تعز بهذه الأحزاب ويصبح:
ثلثها الأول أمميين 
وثلثها الثاني صحابة وخلفاء، وثلثها الثالث قوميبن أقحاح أصحاب "رسالة خالدة"

لم تأت نهاية السبعينيات إلا ومعظم أبناء تعز مؤطرين أو مناصرين ولم يتبقى كمواطنين عاديين إلا قلة قليلة!

تختلف النخب الحزبية عن المشيخ أو المحافظين الجدد:

أولاً :

دائماً الأحزاب لهم تطلعاتهم الكبري العالمية. واستراتيجية التضحية في سبيل الفكرة.
وأصبح الحديث عن ستالين وآخر عن عبدالناصر وثالث عن صلاح الدين وضرورة التضحية والكل يرى الآخر عقبة أمام تطبيق أفكاره والتضحية واردة.

هذا النمط من التفكير غير وارد عند المحافظين الجدد.
هذه النخبة كانت ترى أن تعز بموقعها وبعدد البشر الكبير وهذه القوى لو تم استغلالها لكسبت اليمن. 

ثانيا :
لم تكن هناك منطقة تناقضات قاتلة بين المحافظين الجدد كالتي بين الأحزاب والمدارس الفكرية التي وجدت، فظهر صراع قومي قومي
صراع شيوعي ديني
صراعات داخل الصراعات وحدثت مواجهات مسلحة الجميع حرص أن تكون بأطراف المدن.

الفوضوية الجديدة بالنسخة اليمنية 

ولإكمال الصورة أو المشهد ولتداخله أجد ضرورة التعرض لصورة ما حدث  بالوجه الآخر.

بالمقابل اكتملت الفورة بظهور القبيلة التي خطفت الدولة والأحزاب والعسكر  لنجد أنفسنا بعد ذلك أمام خطف متبادل وصراع من يقود الآخر.

وكان لذلك التخادم نتائج سيئة مثل:
ورث الحزب لأسوأ ما في القبيلة، وورثت القبيلة أسوأ ما في الحزب، لينتج عن ذلك مدرسة سيئة ستظل تلازم اليمنييين لفترة طويلة إنها :

المدرسة الفوضوية.

والفوضوية فكرة فلسفية عالمية جسدتها القبيلة بالشمال وتحالف معها من كل محافظات اليمن ولعبت بالبدء القبيلة دور الأستاذ ولعب العسكر والأحزاب دور الطالب المجتهد!

القبيلة وأهم مصفوفاتها 

القبيلة رافضة لفكرة قوة الدولة وشعارها : لا يوجد شيء أعلى أو أسمى مني.
وهي من كانت تمتلك الجرأة باتخاذ الخطوة الأولى بالفساد وتجاوزت الدولة ولم تسمح لمؤسساتها بالعمل في نطاق وحدود القبيلة.

هذه المدرسة يبدو أنها رضعت من الاشتراكية والليبرالية معاً فهي:

- تهتم بمصالح أفراد طبقتها ولكن الطبقة هنا هي القبيلة والمواطن الصالح بنظرها هو القبيلي المنتمي لها والملتزم بالداعي والمغرم.

أمرنا مترفيها ففسقوا فيها

هذه الطبقة أيضاً تتمتع بالليبرالية الكبيرة كالتي بالغرب تماماً ولسان حالها كما قال توماس فريدمان:

الطمع شيء إيجابي بل وضروري فنحن في سباق على النفوذ والاستحواذ والحصول على أكبر قدر من الثروة.

فحدث تحالف ووجدت مدرسة عفنه من كل اليمن ومحافظاتها "الليبراليين اليمنيين الجدد"!
وهذا الوضع " اللا مبالاة " "تحالف المترفين" أوصلوا اليمن بعد ذلك إلى حافة الهاوية.

الجميع مترهل لم يعد بمتلك مشروع زائد، تغيرات دولية قادمة وغضب شعبي عارم كل ذلك أوجد جندي مقاتل من طراز ثالث كان يتجهز يرى المشهد، ويترقب لينقض فتحقق له ما أراد ولخبط كل أوراق اللعبة.


Create Account



Log In Your Account