الأعراض ليست برنامج حزب أو ايدلوجية جماعة
الجمعة 29 سبتمبر ,2023 الساعة: 05:35 مساءً

ما يحدث من تراشق بالأعراض أواسط كثير يمنيين جراء الاختلاف في التوجه أو الانتماء أو المناطقية المقيتة أو المناصرة لطرف ما أو ... إلخ، قد يعده كثير بأنه نتيجة طبيعية لواقع يعيشه اليمن، فيما هو ليس كذلك..

الأعراض ليست برنامج حزب أو ايدلوجية جماعة أو أدبيات كيان ما، بل لا يمكن مقارنتها بذلك أو وضعها موضع يسمح بجعلها منطلق للاختلاف والنكاية بالأخر أو التشنيع به، الأعراض أقدس من أن تكون وسيلة لتصفية الحسابات، أو مصدر يعتقد منتهكها أنه حقق نصر على خصمه..

التراشق بالأعراض_ مهما تشبث كل شخص بحجة الطعن في أعراض الأخر، يكشف عن خلل قيمي وأخلاقي كبير، ومرض وتشوه روحي ناتج عن انسلاخ الفرد من آدميته كإنسان سوي.. فيا هؤلاء لا تكونوا مثل العنزة التي تنظر إلى عورة أختها وتضحك ساخرة منها وتجهل أنها مثلها تماما..

ولذلك فليقف كل شخص ومهما كان موقفه من قضية أو طرف ما أو انتماء أو مناصرة، ليقف مع نفسه في جلسة مصارحة ومكاشفة صادقة وليسأل نفسه: لو أن ما اتحدث به من سوء على أعراض الأخرين..؟. يقابله حديث بنفس السوء على عرضي.. ووصل هذا الحديث إلى سمعي ما الذي عساني أن أفعله..؟. وليجب على ما طرحه من سؤال بكل أمانة ثم ليتصور حجم ما قد ينتج عنه من كارثة.. فالتراشق بالأعراض يصنع شروخ لا يمكن ترميها، وتشعل في القلوب حروب لا تلبث أن تشتعل على الأرض.. 

وعليه ومهما كان مدمن التراشق بالأعراض يرى عرضه شريف وأنه قائم عليه وأنه منزه عن ممارسة أبسط سلوك غير سوي، فليعلم أن من السنن الكونية السماوية ما هو مؤلم وليس بوسعه الوقوف أمامه ومنع قدرة الله من إنفاذ حكمه وسننه في خلقه..

ولا مثال أعظم من قوله تعالى: " ضرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) صدق الله العظيم.. سورة التحريم..

فالمعيار ليس الاعتقاد بما يراه المتراشق بالأعراض من صلاح في عرضه أو نفسه، وسوء في أعراض الأخرين ولو كان من أهل الصلاح، بل المعيار سنة ألهية كونية لا تتبدل، ولذلك بدلا من الانشغال بالحديث السوء عن أعراض الأخرين ونسيان عرضك لاعتقادك بأنه منزه ومطهر من الله، بدلا من ذلك تحسس عيوبك وتفقد عرضك قبل أن تصحو وقد صاروا إلى ما صارتا إليه امرأة نوح وامرأة لوط، وأعراض من تصفهم بالسوء قد صاروا إلى ما صارت إليه امرأة فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى.. فلا يكن حكمك نابع من كونك رأيت عرض فلان بالشارع فيما عرضك في البيت..

اللهم إنا نسألك العفو والعافية والستر لنا ولأعراضنا في الدنيا والأخرة.. اللهم إنا نسألك الستر ستر الدارين الدنيا والأخرة.. 


Create Account



Log In Your Account