المؤتمر الشعبي العام طائر العنقاء (1)
الأحد 03 سبتمبر ,2023 الساعة: 09:24 مساءً

عرف الوطن العربي أحزاباً وطنية لعبت أدواراً كبرى،  واليمن إحدى هذه الدول،  ففي ظل التشطير عرفت حزبين حاكمين رئيسين  هما المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني.

المؤتمر الشعبي والتوافق الوطني

لو أعطينا للمؤتمر الشعبي إسما آخر لكان (حزب التوافق الوطني) ففي 27-5 -1980 صدر قرار جمهوري بتشكيل لجنة حوار وطني من كافة القوى الفكرية والسياسة الذين أنهوا عملهم بوثيقة الميثاق الوطني لتمثل قاسم مشترك بينها، وعلى إثره تأسس المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م.

جاء ميلاد المؤتمر وسط عواصف وتهديدات كبرى، فالوطن منقسم شمالاً وجنوباً، وداخلياً يغص  بناره ورماده،  فجاء المؤتمر الشعبي كمظلة جامعة وضابطاً لإيقاع العملية السياسية ومرشداً لها،  وفي هذا نجد رئيس المؤتمر والرئيس السابق علي عبدالله صالح يقول :
لم تكن الأرضية جاهزة لإعلان نظام الأحزاب لأن ذلك سيؤدي للإنقسام، ورأينا عمل عكس ذلك؛ أن نجمع القوى الحية داخل حركة واسعة وهذا ما تم بتأسيس المؤتمر الشعبي العام لتقليل حدة الصراع.

وفي لقاءات عدة جمعتني بالدكتور أحمد الأصبحي أحد مؤسيسي ومنظري حزب المؤتمر والذي قال أن المؤتمر جاء كفكرة سلطوية ليتم استيعاب مختلف التنظيمات السياسية التي كانت تمارس أعمالها بالخفاء وبطريقة مخالفة للدستور. كما تم تشكيل المؤتمر الشعبي ليكون الحزب المناظر للحزب الاشتراكي في الجنوب من أجل تحقيق الوحدة.


الأفكار العظيمة قائدة الشعوب

استطاع المؤتمر الشعبي وشريكه الاشتراكي تحقيق الوحدة اليمنية رغم التخوف الداخلي والمعارضة الإقليمية التي لديها حسبه مفادها :أن عودة الوحدة اليمنية قد يفتح شهية البعض باستدعاء التاريخ وإعادة ترتيب الجغرافيا مجددا.
فقد نامت دول أخرى ليلة 22مايو وبجوارها دولتين صغيرتين متعاديتين لتستيقظ بظهيرة ذلك اليوم على دولة يمنية موحدة أكثر سكاناً وأكبر مساحة وأعمق أثراً.

بعد الوحدة والسماح بالتعددية الحزبية فقد المؤتمر طابعه الجبهوي الموحد الذي كان علة وجوده، فتحول إلى حزب وحاول أن لا يفقد طابعه كحركة وسط يضم اليمين الاجتماعي والقومية المعتدله وقد شبهه أحد مؤسسيه بالحركة الديغوليه الفرنسية : التجمع من أجل الجمهورية.

قام المؤتمر بإعادة بناءه الهيكلي والنظري وذلك بإقرار بعض التغييرات والتعديلات على ميثاقه بما يتلاءم والتطورات الجديدة حتى لا يصاب بمرض الترهل السلطوي، التي تصيب عادة أحزاب السلطة الحاكمة.
و لكي لا يصبح حزباً مضيافاً للأحزاب الأخرى أعلن عن نفسه حزباً ليسهل إنطلاقته لممارسة دوره الوطني من منافسة وسباق كأي حزب تنظيمي ريادي.

المؤتمر ذو البنية الغاندية
خلافاً لأحزاب الايديولوجيات التي تجعلها أقل مرونة وأكثر حدية، أستطاع أن يتكيف مع بعض المتطلبات الدولية.

وعلى الصعيد الداخلي بما له من إمكانات السلطة وتحقيقه للوحده وامتلاكه لكارزما قياديه استطاع أن يستمر بالسلطة وينسج تحالفات ويكسب العديد من الشخصيات من مختلف الشرائح الإجتماعية واشترط لمن يريد البقاء داخله أو الإنضمام إليه أن لا يكون منتمياً لحزب آخر.

كما استطاع ، عكس غيره من الأحزاب، أن يجدد من قياداته لست مرات .
صرح بذلك رئيس المؤتمر رئيس الجمهورية الأسبق في العام 2005.
وفي هذا أيضا يذهب الدكتور أحمد الأصبحي أحد أمنائه العاميين أن المؤتمر مر بتحديات وأزمات استطاع ان يجدد من نفسه وأن بنية المؤتمر، بنية غاندية قادت البلد نحو الأفضل رغم التحديات.

حقا أن المؤتمر فكرة عبقرية والأفكار العظيمة كما قال أحدهم :
هي قائدة القوة البشرية..
إننا نعرف قوة هذه الأفكار انها ليست الأفكار التي تصفق لها المقصورات، إنما هي التي تحرك التاريخ وتجعله يمشي واقعا مستمرا وتحميه ليبقى.


Create Account



Log In Your Account