الفرحةُ المُحاصَرة
الجمعة 07 يوليو ,2023 الساعة: 03:47 مساءً

منذ تسع سنوات تعيش تعز حصاراً خانقاً تنفذه جماعة الحوثي الانقلابية التي فشلت أمام تعنتها وتلذذها بأوجاع السكان كل المبادرات والمطالبات المحلية والدولية، ومع حلول عيد الأضحى المبارك تزداد وتيرة المعاناة بشكل كبير فأبناء تعز الذين ينتشرون في جميع محافظات الوطن للعمل وطلب الرزق يحلو لهم أن يقضوا أيام العيد في رحاب أسرهم وأهلهم، وهذه العودة العيدية تمثل كابوساً صنعه الحصار المطبق والذي يلجئون بسببه لسلوك طرق جبلية وعرة تكثر فيها الحوادث، ويفقد فيها الكثير من أبناء المحافظة حياتهم وتتعرض المركبات والممتلكات للتدمير.

 

لم تتعرض مدينة في التاريخ الحديث لما تعرضت له مدينة تعز من حصار جائر ترك أثره سِلباً على كافة مناحي حياة سكان المحافظة، فالأدوية والأغذية ومواد البناء واحتياجات السكان المختلفة لا تصل المدينة إلا عبر طرق بعيدة ووعرة مما يرفع كلفة التوصيل وبالتالي ترتفع الأسعار، وهذا يجعل كلفة المعيشة في المدينة مرتفعة، ويضيف على أبناء المحافظة المحاصرين المزيد من الأعباء والمشاق اليومية، والتي يتلذذ الانقلابيون الحوثيون بمشاهدتها ويرفضون كل المطالبات والمبادرات لفتح الطرق ضاربين عرض الحائط بمعاناة السكان المدنيين في صورة تمثل أبشع ما وصل إليه التعنت الحوثي المشبع بالحقد والانتقام من تعز لوقوفها ضد مشروع الحوثي في اسقاط الدولة ، ورفضها القاطع للتماهي مع الانقلاب الحوثي ضد الجمهورية.

 

وحتى تتضح الصورة الظالمة للحصار المليشاوي فوسط المدينة يربطه بالحوبان شارع معبد يستغرق الانتقال خلاله أقل من ربع ساعة قبل أن يغلقه الحوثيون في "جولة القصر" بالألغام وينشروا على جوانبه القناصين مما اضطر السكان من أجل الانتقال من الحوبان إلى وسط المدينة والعكس إلى سلوك طرق بعيدة وعرة يعبرونها خلال أربع إلى خمس ساعات في أقل تقدير، ناهيك عن المخاطر التي يعيشونها في هذه الطرقات إذ لا تتوقف فيها حوادث انقلاب السيارات والشاحنات وفقدان الأرواح والممتلكات.

 

يمثل حصار تعز مأساة حقيقية وخاصة خلال فترة عيد الأضحى المبارك، وعلى مدى تسعة أعوام متواصلة لم يتحرك فيها ضمير العالم للضغط على الانقلابيين لفتح الطرق وايقاف الحصار في حين فُتحت لهم ميناء الحديدة ومطار صنعاء تحت المبررات الانسانية ولم تطال هذه المبررات الانسانية تعز وأبنائها المحاصرين، أضف إلى ذلك أن الحوثيين أثبتوا للداخل والخارج أنهم لا يمتلكون ذرة انسانية ولا بعضاً من رحمة، وأن الفكر المليشاوي الإمامي الوافد على البلد لم ولن يتعايش مع اليمنيين الذين وصفهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنهم "أرق قلوباً وألين أفئدة".

 

يعود الأضحى المبارك ولازلت فرحة تعز محاصرة من قبل مليشيا الموت لكن مع كل هذا العناء يكافح التعزيون ليعيشوا أجواء العيد السعيدة، ويبدعون في صناعة الفرحة متناسين كل همومهم ومعاناتهم ويحولوا بحيرات الألم إلى متنفسات للبسمة والفرحة، وأطنان الوجع إلى لحظات للضحكة والسعادة، وتلك فلسفة العيد التي يدركونها جيداً، وكل عيد وتعز وأهلها بألف خير.

 

دمتم سالمين..


Create Account



Log In Your Account