بين الإشاعة والحقيقة

هاشم الصوفي

صحيح أن الإشاعة تأخذ قوة الحقيقة حتى تظهر ولكن في هذه "لا " يا قناة الجزيرة .. كون مدينة الحديدة مغتصبه من قبل الحوثيين فتلك "حقيقة" لا تحتمل الإشاعة إطلاقا .. لكن كون هناك حالات اغتصاب في سجون تابعة للإمارات باليمن بحسب ‎تصريحات قناة الجزيرة فإن احتمالية أن تكون " إشاعة " كبير جدا وبعيد جدا أن تكون حقيقة .

لكن الغريب في الأمر أن قناة الجزيرة القطرية تدفعنا ،هذه الايام ، بإصرار عجيب إلى تصديق ما هو إشاعة "اغتصاب سجين " ونوليه أولوية ونتجاهل ما هو حقيقة ناصعة لا خلاف فيه " مدينة مغتصبه" فنتخلى عنه .. فتحرير سجون العاصمة عدن ، فى نظر الجزيرة، من سلطة الامارات أكثر أهمية ووطنية من تحرير الحديدة من سطوة الحوثي وأن إغتصاب الحوثي لمدينة الحديدة أرضا وسكانا أهون ، على السياسة القطرية ، من ممارسة التعذيب فى سجون عدن .

لا شيء يبرر هذا السلوك المشين والمفضوح غير دافع الحقد الأعمى الذي يريد منا ،اليوم، أن نصدق ما هو إشاعة على ما هو حقيقة فنعطي اهتماما بالأولى وللأخرى نتجاهل ،على الطريقة الميكافيلية يمارسون الضحك على الذقون وبأسلوب الدعاية السوداء يسعون إلى اغتصاب العقول بأكذوبة بلهاء تعتمد كليا على منطق الإستحمار البليد لتصدق .

فيما لو نظرنا إلى هذه الإشاعة من زاوية أخرى سنجد أن محاولة قناة الجزيرة الحثيثة على إقناع متابعها بما تدعيه " جرائم التعذيب و الاغتصاب ليمنيين في سجون تابعة للإمارات " بخبر مجهول المصدر والهوية والمكان ،فهى بذلك تمارس جريمة اغتصاب مماثلة لعقول متابعيها مع سابق الإصرار والترصد ،،ما لم تثبت العكس بدليل قطعي .

لا شك أن سياسة قطر الجديدة تعتمد كليا على قناة الجزيرة فى حربها مع الخصوم " السعودية والإمارات ", وان الإشاعة بإمكانها أن توقف معركة تحرير الحديدة أكثر من ضغط الأمم المتحدة أو أضمن من صمود كتائب الحسن والحسين أمام الزحف الأكبر للعمالقة بقيادة الامارات العربية .

يبدو فعلا أن عزمي بشارة ومن على شاكلته من من يتقاضون أكثر قد أقنعوا تميما ووالده بنظرية: (الكلمة أقوى سلاحا من الرصاصة ) مؤمنين بأحاديث فسافسة التنظير في هذا المجال بقولهم " إذا أردت أن تدمر شخصاً لا تطلق عليه رصاصة، بل أطلق عليه إشاعة.. فالرصاصة إذا انزاحت انتهى الأمر بالنجاة، أما الإشاعة فهي مجموعة من حبات الكلاشنكوف لا بد أن تصيب إحداها الهدف" .

*نقلاً عن صفحة الكاتب في فيسبوك