هل انتهت فقاعة "الدعم الخليجي"؟.. الأزمات تضرب البلاد والمجلس الرئاسي يعود إلى السعودية بدلا من عدن.. ما الذي يحدث؟
الثلاثاء 21 يونيو ,2022 الساعة: 07:46 مساءً
الحرف28 - خاص

أنهى المجلس الرئاسي جولته الخارجية التي شملت كلا من الكويت والبحرين ومصر وقطر،  حصل خلالها على وعود خليجية بتقديم الدعم لليمن لمواجهة الازمات التي تضرب البلاد، فضلا عن وعود جديدة قدبمة ، لدغدغة العواطف بضم البلاد إلى نادي الأغنياء، مجلس التعاون الخليجي. 

وفي الوقت الذي كان ينتظر عودة المجلس الرئاسي إلى عدن، لمواصلة الجهود لحلحلة الازمات خصوصا الاقتصادية منها، توجه رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي إلى العاصمة السعودية الرياض، في خطوة أثارت مخاوف اليمنيين من عودة سيناريو الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الذي منعته السعودية والامارات من العودة إلى البلاد حتى أجبرته على نقل السلطة للمجلس الرئاسي في ابريل الماضي. 

تشير مصادر مطلعة، إلى أن عودة المجلس الرئاسي إلى الرياض لم تكن ضمن البرنامج الرسمي للجولة الخارجية، لكنها على الأرجح جاءت على وقع الإحتجاجات وضلوع الإنتقالي في إثارة المشاكل للمجلس مجدددا،بإيعاز إماراتي بالإضافة الى متابعة الوعود السعودية التي تبخرت فور عودة المجلس إلى عدن قبل أكثر من شهر.

وتثير عودة الرئاسي إلى الرياض تساؤلات حول طبيعة المرحلة القادمة خصوصا مع التغيرات الطارئة على الأرض، بالتزامن مع إشعال فتيل تظاهرات شعبية غاضبة في عدن نتيجة سوء الأوضاع الخدمية والمعيشية، وتراجع العملة.

وعلى الرغم من شراكته في الحكومة وانفراده بإدارة الأوضاع الأمنية والعسكرية في عدن ومعظم المحافظات الجنوبية، فقد برز  المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، مشاركا في تحريك تلك التظاهرات واستغلالها ، وهو الذي صار شريكا في المجلس الرئاسي ورئيسه نائبا للرئيس ضمن ٧ آعضاء آخرين. 

ووصل الرئيس العليمي الى  الرياض صحبة عدد من أعضاء المجلس أمس الأول الأحد في زيارة غير معلنة، لوحظ أنها جاءت في وقت يقوم فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بزيارة خارجية لعدد من الدول في مقدمتها مصر، ما يعني أن المجلس سيكون عليه الإنتظار حتى عودة بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية.
.
وبينما رافق الرئيس عدد من أعضاء المجلس، تخلف عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الإنتقالي عن العودة للرياض، وتوجه من القاهرة مباشرة إلى عدن ليشارك في إجتماع لمايسمى الجمعية العامة الجنوبية وهي هيئة عينها المجلس من أنصاره واتباعه برعاية ودعم إماراتي. 

في الأثناء اشتعلت إحتجاجات شعبية في عدن، طغى عليها نبرة مناطقية وشعارات مسيئة للحكومة والمجلس الرئاسي وظفت سياسيا لمصلحة المجلس الانتقالي، رغم أنه يسيطر فعليا على عدن، ويشارك في الحكومة التي ابدى فيها تمسكا لافتا  برئاسة معين عبدالملك الذي فرضته السعودية، لكن الإنتقالي يتنصل من المسؤولية. 

وكشفت وثائق متداولة على منصات التواصل الإجتماعي عن تحصيل التشكيلات المسلحة التابعة للمجلس اكثر من ٢٢ مليار ريال شهريا، كإتاوات مفروضة على المشتقات  والمنشآت النفطية. 

وطبق مصادر صحفية فقد فرضت شركة النفط التي يرأسها قيادي في الآنتقالي زيادة في أسعار المشتقات النفطية دون معرفة الحكومة التي بدت مشلولة وغير قادرة على فعل شيئ بسبب فسادها وخضوعها للإملاءات السعودية الإماراتية..

بالنسبة لرئيس الإنتقالي الزبيدي ، فقد وجد في الإحتجاجات مناسبة لركوبها واستعادة زخم شعارات الإنفصال في وقت عجز فيه عن إدارة منشأة واحدة، بينما يمارس الوزراء المحسوبين عليه فسادا غير مسبوقا، صعق الجنوبيين أنفسهم ما دفع خبير عسكري جنوبي الى القول بأن ما يمارسه الإنتقالي من فساد لم يسبقه إليه أحد شمالا وجنوبا . 

وفور عودته إلى عدن باشر الزبيدي بالتأكيد على استمرار خطوات مجلسه نحو الإنفصال، ولملمة" الصف الجنوبي" في وقت تقول قيادات جنوبية معروفة إن الزبيدي ومجلسه  لا يقبل بالجنوبيين ، ولا يتحرك إلا لتنفيذ رغبات إماراتية معروفه وهو ما أكده تسجيل صوتي مسرب لوزير الداخلية السابق أحمد الميسري. 

ومنذ وصول رئيس المجلس الرئاسي وبعض نوابه الى الرياض، تحاط الزيارة بالصمت، وسط مؤشرات تقول إن السعودية تدير لعبة استنزاف سياسي واقتصادي لليمنيين، ولم تف بوعد واحد قطعته لحلفائها اليمنيين، سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي أو العسكري. 

سياسيا، فتحت السعودية قنوات اتصال مع الحوثي عبر وساطة عمانية، لابرام تفاهمات جديدة بين الجانبين، والمؤكد أنها لم تخطر حلفاءها المفترضين في الشرعية، كما سبق أن فعلت عندما أبرمت اتفاق هدنة مع الحوثيين مطلع ابريل وطلبت من الشرعية الموافقة فحسب. 

وتأتي هذه المباحثات السعودية في وقت رفضت فيه مليشيا الحوثي كل مقترحات الأمم المتحدة بشأن فتح طرق رئيسية للتخفيف من الحصار المفروض على تعز منذ أكثر من سبع سنوات. 

وقد ذهب السعوديون الى تمديد الهدنة لشهرين آخرين والضغط على المجلس الرئاسي، للقبول بذلك، دون اي تنازلات من قبل الحوثيين، وفي الجنوب ترفض الرياض ممارسة اي ضغوط على المجلس الإنتقالي لتنفيذ اتفاق الرياض الذي رعته المملكة ولم ينفذ منذ قرابة العامين. 

أما اقتصاديا، فقد توقف الدعم السعودي، عشية اجبار الرئيس هادي على نقل صلاحياته لمجلس رئاسي جديد في 7 إبريل الماضي، عند  لحظة الإعلان عن منح ٣ مليارات دولار مناصفة مع الإمارات. 

وحتى اللحظة لم تقدم الرياض ولا ابوظبي أي من تعهداتها، بينما أغدق خليجيون الكثير من الكلام الدبلوماسي عن اهمية اليمن، وداعبوا مخيلة يمنية محدودة الأفق، بوعود قديمة جديدة عن ضم اليمن لنادي الأغنياء الخليجي،  وسط انهيارات اقتصادية ومعيشية متلاحقة يقول كثير من اليمنيين إنها مدبرة من التحالف الذي يمنع استئناف تصدير الغاز والنفط في كثير مناطق ويسعى عبر اذرعه لتعطيلها وبعضها حولها لقواعد عسكرية كمنشآت بلحاف الغازية.

على الصعيد العسكري، تستمر مليشيا الحوثي بإشعال المعارك على طول الجبهات مع تركيز خاص على محافظتي مأرب وتعز، وقد سجلت خروقات بالآلاف ما يجعل الهدنة مجرد اتفاق بين السعودية والحوثيين وسط استمرار المليشيا في قصف وقتل المدنيين بمختلف أنواع الأسلحة بمافيها الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية. 

ووسط هذه الأوضاع السياسية والعسكرية والإقتصادية المعقدة ، لن يكون المجلس الرئاسي الذي جرى الإحتفاء السعودي المؤقت به، قادرا على فعل شيئ حيال اي ملف، فالرياض وابوظبي لا تمسكان بزمام الأمور، في المحافظات المحررة إلى حد كبير فحسب، بل أصبحتا هما من يحددان كيف يجب التعامل مع الحوثي. 

ومنذ مطلع الحرب، عمدت الرباض وابوظبي الى بيع الكثير من الكلام المعسول، لحلفائهم اليمنيين، بينما كانتا تضربان الشرعية التي تزعمان مساندتها في الصميم، وقد دعمتا بالسلاح والمال مختلف التشكيلات المناهضة للشرعية وعمدتا ذلك بدعم انقلاب مسلح للإنتقالي في عدن في اغسطس 2019 برعايتهما. 

وقد  استغلت العاصمتين الخليجيتين ضعف الرئيس السابق هادي، وقصر حساباته وفساد عائلته، لممارسة المزيد من الإضعاف، بينما  مارس الرئيس السابق المزيد من الإرتهان للرياض، ليصل بها الحال حد الإملاء عليه إعفاء نفسه من الرئاسة، فهل سيسير المجلس الرئاسي على نهج سلفه في الصمت ومداراة ألاعيب الرياض المكشوفة؟


Create Account



Log In Your Account