طور جديد من الجريمة الممنهجة
الجمعة 01 يونيو ,2018 الساعة: 08:23 مساءً

الجريمة الممنهجة في تعز مع الحديث عن وجود جثث لمختطفين تم دفنها, ثم نبشها ثم دفنها مرة اخرى, تكون بذلك قد دخلت طورا جديدا, أصبح معه الحديث عن وجود صراع بين طرفين مسألة غير دقيقة.

هذه جرائم وحشية هدفها كسر المدينة وارهاب ناسها. أيا يكن الطرف المستهدف وايا تكن طبيعة الردود, يبقى أن هذا صراع موجه في الاساس ضد المجتمع, بهدف ارهابه واعادة تكبيله بالخوف وقلة الحيلة.

لو ان ثمة صراع بين طرفين فعلا, مهما كانت اسبابه ودواعيه, فلن يصل الى هذا المستوى الوحشي الذي بات يستهدف قيمة الحياة البشرية ليجعلها مساوية للصفر.

لسنا امام معارك عرقية او طائفية, حتى نتوقع مثل هذه الجرائم. ومن يتقاتلون يعترفون ان مترس مشترك لا يزال يجمعهم, لكن فجأة تحدث كل هذه الفضاعات وتتجاوز كل ما كان قد حدث خلال الجولات السابقة.

عن نفسي لم اعد أفهم شيئا. واذا كانت تلك الجثث لعسكريين فعلا فإن صمت رئيس الجمهورية ونائبه وقيادات الاحزاب بات مريبا. وكأنه لا يكفي الصمت المخزي لقادة الاحزاب على مستوى المحافظة والتي باتت تسند مهمة المجابهة أو التستر لمفسبكين ليس عندهم أي مسئولية أخلاقية. هذه ليست قضايا للمناكفة, بل في ظل هذا التصاعد المخيف, هذه جرائم تستدعي دق ناقوس الخطر.

 لدينا أحزاب لم نعد نعرف لماذا هي احزاب وما هو دورها؟ وكأن عقدا قد أبرم بين الجميع بنده الرئيسي الالتزام الصارم بمزيد من التواطؤ مع كل الجرائم الممعنة في قتل الحياة. والغريب أن لا أحد يرغب في خرق هذا العقد, في اول اجماع وطني يمكن الوقوف امامه منذ سنوات. ويا له من اجماع!

وصلنا الى قعر الجحيم الذي يمكن لبشر صناعته. وصلنا الى القاع الذي لطالما أرادوه لنا وأصبحنا نفهم كيف هندسوه ببراعة ثم لم نعرف كيف علينا مواجهته؟

لكن يبقى انه بالرغم من كل شيء, وكأن لهذه المدينة سبعة أنفس. فهي من قلب الارهاب الوحشي تظل ترسل برقيات الأمل. واعتقد ان هذا هو المدخل المتبقي للقيام بأقل واجب يمكن القيام به. أي مصارحة الناس بحقيقة ما يدور ومن الذي يتحمل المسئولية؟

برقيات الامل تاتي من قدرة الناس على تتبع المعلومات ومعرفة خبايا الأمور. هذا فضول يستحق الاحترام, ويشكل مدخلا لبناء تصور واضح عن حقيقة ما يدور والبدء بمكاشفة الناس وتبيين حجم الدور الذي ينتظرهم.

بالطبع الذين هم في الداخل ليس لديهم نفس فرصة من هم في الخارج. اعني بالنسبة لمن يمكنهم القيام بهذه المكاشفة. لكن هذا لم يحدث حتى الآن رغم أننا في عصر التكنولوجيا أما الأكثر  غرابة فهو أن لا أحد يبادر لفضح ما يدور من منطلق الدفاع عن المجتمع وليس الاصطفاف مع طرف ضد طرف.

بالتأكيد عمل كهذا لطالما انه سيحرص على توخي القدر اللازم من الدقة لن يكون ادانة الا للطرف المدان فعلا. ولن يشكل حماية إلا للمجتمع الذي أصبحت حياته مهددة وطاقة المجابهة لديه في تضاءل مستمر. بينما جرائم بهذا المستوى الوحشي أصبحت توحي بما ينتظر هذه المدينة وناسها. مصائر الالاف باتت على المحك.

نريد أن نرى من يتحلى بحرص مراقبو أحوال الطقس, ليس أكثر من ذلك, على الاقل لكي يفسروا لنا ما يحدث ويحذروننا مما هو متوقع. الوعي مقدمة ضرورية للفعل. بوجود الوعي (وليس الدجل والتضليل) يمكن لهذا الشتات ولهذا الصمت الرهيب أن يتحول الى طاقة مجابهة عاتية. لم يعد ثمة خيارات سوى ذلك المتعلق بالمراهنة على الناس ووعيهم.


Create Account



Log In Your Account