هل صنف مجلس الأمن جماعة الحوثي إرهابية؟
الثلاثاء 01 مارس ,2022 الساعة: 02:59 صباحاً

أدان أعضاء مجلس الأمن الدولي، بأشد العبارات، "الهجمات الإرهابية الشنيعة" التي استهدفت مدينة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الاثنين الماضي، وكذلك مواقع أخرى في السعودية.
كان هذا جزءا من البيان الصحفي الصادر عن مجلس الأمن في 21 يناير الماضي بعظ الهجوم الإرهابي الحوثي المدمر على الإمارات في خبر من نشرته الأمم المتحدة عنوانه "مجلس الأمن يدين "بأشد العبارات" الهجمات الإرهابية التي استهدفت دولة الإمارات العربية المتحدة".

في القرار الجديد 2624الذي صاغته بريطانيا بضغط إماراتي جاء ما نصه " اعتمد مجلس الأمن صباح اليوم الاثنين القرار 2624 (2022) تحت البند السابع، يقضي بتجديد نظام العقوبات على اليمن، ويصف جماعة الحوثيين -المعروفة بجماعة أنصار الله- ب"جماعة إرهابية". كما يدرج القرار الحوثيين ككيان على قائمة عقوبات اليمن في ظل حظر السلاح، بالإضافة إلى إدانة هجمات جماعة الحوثيين عبر الحدود على المدنيين والبنية التحتية المدنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومطالبة الجماعة بالوقف الفوري للأعمال العدائية."

هل صنف القرار الجماعة الحوثية إرهابية؟
الجواب أن النص واضح في صيغة القرار في الرابط الذي عدله موقع الأمم المتحدة الذي يقول

"وإذ يتصرف (المجلس) بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،

يدين بشدة الهجمات العابرة للحدود التي تشنها جماعة الحوثيين الإرهابية، ومنها الهجمات على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية، ويطالب بوقف تلك الهجمات فورا؛".

برر سفير أيرلندا في مجلس الأمن الذي امتنع عن التصويت بأنه يرجع إلى "عدم وجود تعريف متفق عليه دوليا لمصطلح "الإرهاب" أو "الجماعة الإرهابية" ولم يكن هناك توافق في الآراء بشأن استخدام هذه اللغة في سياق المفاوضات، وأعرب عن قلق بلاده من أن استخدام هذا المصطلح في قرار مجلس الأمن المتعلق بالعقوبات في اليمن قد يكون له عواقب غير مقصودة على ملايين اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين".


نقرأ هنا أسباب امتناع النرويج عن تأييد القرار وفق خبر الأمم المتحدة "تحدثت نائبة المندوبة الدائمة لدى الأمم المتحدة، تراين هايمرباك، عن السبب في امتناع بلادها عن التصويت على القرار الذي اعتمد اليوم حول اليمن، موضحة أنه خلال المفاوضات بين الدول الأعضاء حول هذا القرار، "أعربنا عن قلقنا إزاء إدخال وسم إرهابيين وتصنيف إرهابيين" على النص.
وتابعت تقول: "لا نزال قلقين من أن استخدام مثل هذه المصطلحات، في غياب تعريف واضح لها، قد يكون له تأثير سلبي على جهود الأمم المتحدة المبذولة لتسهيل التوصل إلى حل سياسي في اليمن.".

إذن من النصوص السابقة تم فعلا اعتماد وصف الجماعة الحوثية بالإرهابية.

ما أهمية وصف الهجمات بالإرهابية ببيان المجلس في يناير وقرار المجلس في فبراير ؟


من المهم في هذا النقطة تشريح مليشيا الحوثي؛ تذهب تعريفات الباحثين إلى أن جماعة الحوثي هي فاعل دولي من غير الدول. يقول باحثون آخرون إنها من الفواعل العنيفة من غير الدول المستندة على هوية.

في هذا النوع من الفواعل تكون الهوية هي المحدد الرئيسي للمصالح على الضد من الفاعلين الدوليين الآخرين من نوع المنظمات الدولية والشركات العابرة للجنسية.

لكن الهوية تخلق أيضا مصالح الجماعة والمصالح تعمل على خلق الهوية التي تحميها،؛ للتوضيح أكثر تتعامل الجماعة الحوثية مع الشعب اليمني والعربي على أنه كافر أو تكفيري أو كفار التأويل أو منافقين ونادرا ما تتعامل معه مرتزقة أو عملاء ذلك أن هوية الحوثي المرتبطة بإيران والإرث الإمامي هو الذي يدفع إلى تكفير المجتمع وهو ما نقصده أعلاه بجماعة الهوية، ووفق الهوية الحوثية هذه تنشأ مجموعة من المصالح التي تسلب الناس أعمالهم وتجارتهم وحقهم في الحياة والدولة ثم تنعكس على هيئة أعمال تمجد الهوية الحوثية في التعليم والمؤسسات الإعلامية والثقافية والمجتمع ككل وهكذا تكون الجماعة قد حددت مصالحها بهويتها وحمت الهوية بمصالحها.

تحقيق المعايير السابقة ليس كافيا لأن تكون الجماعة أو الفاعل الدولي العنيف المستند على هوية من هذا النوع في مأمن ذلك أن تعامل هذه الفواعل مع الفواعل الدولية الأخرى شرط أساسي في وجودها ولا قيمة لدور الجماعات هذه بدون اعتراف الفاعلين الدوليين من الدول أو من غير الدول بدورها.
ولذا رغم التوصيف الإيراني ومعها جماعة الحوثي للعرب على أنهم تكفيريين وكفار ومرتزقة فإن هذا النوع من الخطاب موجه للداخل. لكن الخطاب الموجه للخارج يتعامل مع اليمنيين والعرب على أنهم إرهابيون.
وحين تصف هذه الجماعات خصومها بأنهم إرهابيون فهذا لا يعني أنها تحث العالم على مواجهتهم بل تريد منه فقط الاعتراف بهويتها الخاصة التي تؤهلها للاندماج في الفاعلين الدوليين بهويتها الخاصة وتسمى "هوية الدور" أي أنها تعمل على اكتساب هوية جديدة تؤسس لمصالح جديدة وفي الحالة الحوثية تعمل على تقديم نفسها النقيض الموضوعي والوحيد الذي يواجه الإرهاب في اليمن، ومن دون الاعتراف الدولي بهذا الدور لها في مواجهة الإرهاب فإنها تظل في مأزق حقيقي يهدد تماسك الجماعة ومن الصعب عليها أن تكف عن المحاولة التي تقنع بها الكبار بأنها أداتهم الفاعلة في اليمن خصوصا بعد تجربة النظام السوري والحشد الشعبي في العراق مع التحالف الدولي في مواجهة داعش.


إذن ما أهمية توصيف الأعمال الحوثية وجماعة الحوثي بالإرهابية؟
من خلال بيان مجلس الأمن في يناير الماضي، وقرار مجلس الأمن 2624 في فبراير فإن هوية الدور الحوثية تلقت ضربة قوية تمنعها من الاندماج ومن الحصول على الاعتراف بهويتها ودورها، ذلك أن الباحثين يقولون إن أي جماعة لا يتم الاعتراف بهويتها ودورها تفقدها أهم أسس وجودها ووظيفتها.

من هذه الناحية يكتسب بيان مجلس الأمن السابق وقراره الجديد أهمية حقيقية في توصيف الجماعة التي قال عنها المسؤولون الأمريكيون في 2015 لن نطلق النار عليها قدر الإمكان في اليمن ولن نتدخل في ذلك الصراع مهما كان.


Create Account



Log In Your Account