على رصيف الإنطفاء الحضاري
الأربعاء 06 أكتوبر ,2021 الساعة: 11:00 صباحاً

مع توقف الفيس بوك والواتس ووسائل أخرى في العالم الافتراضي، أحد أهم رموز الحضارة البشرية  .. لايستبعد ان يتوقف التويتر الذي بقى صامدا. 
لاشيئ يضمن عدم انطفاء الوسائل الحديثة، حتى تلك التي نراها أكثر صلابة، فقد نجد يوما التلفون السيار وقد تحول لمجرد لعبة  بدون حرارة و التلفون الأرضي هو الآخر يمكن يصاب بعطل ما، وقد يصحو العالم يوما بدون تلفزيون ولا راديو، حيث يصاب الأثير بغبار حاجب أو (زكمة ) تفسد ذرات الهواء و ماشابه كل هذا يبقى محتملا ولاشي يضمن عدم حدوثه.
السؤال:  هل سيتأقلم العالم  للحياة ، سريعا أو يبدأ البشر في نسخته هذه بالانقراض؟ 
ربما تصمد البشرية وتمتص الصدمة و يكسب البشر فوائد من غياب سلبيات هذه الوسائل وهي كثيرة، فقد تعود العائلة تجتمع على سطح المنزل تحت ضوء القمر بينما تبدا الجدة تسرد قصص على غرار وريقة الحنا وكرام وقد يقوم الأخ الأكبر او الوالد بمراجعة دروس أولاده وحل الواجبات المنزلية دون عجلة .
وبما يتعلق بالتواصل سيعود الناس الى التلغراف مثلا  و صناديق البريد وستنشط وظيفة (الطبل) حامل الرسائل.
هذه الأخيرة وسائل  كلاسيكية لا تخلوا من شاعرية جميلة، فيها شجن وشوق وانتظار بكل مابه من لهفة وقلق و سيشعر الناس بأوقات صعبة، وبنفس الوقت جميلة حيث اللقاء بعد صبر  ووصول أخبار الأحبة و الرسائل بعد طول انتظار، سترتفع ملكة الشعر وأدب الشوق و السفر  وسيغني المغني أغنيات مثل( اين الطبل لو لي معه رسائل) 
مسعود هجر وخلف المصائب 
والبعد طال وزادت المتاعب 
  
من أهم وسائل الخيبة في العالم العربي أن هناك اجيال  ولدت على (النيدو) ووسائل حديثة ناعمة الى حد الميوعة،  الغت كثير من الأعمال والجهود البدنية والعقلية، فتعطل الخيال واصبحنا أمة فاقدة للخيال وعندما تفقد أي أمة خيالها، يتحجر الضمير.وتضمر العاطفة وينام العقل وتنتهي العلاقة مع الارض والزرع، والمعلامة والكتاب والبحث عن العلم والرزق  وتنتهي قضايا مثل ركوب البحر وسفر القوافل وحكاية طريق الحرير واللبان.
يتحول الناس، بدون خيال انساني وشوق وحنين وجهد واجتهاد، إلى حالة اشبه  بمجموعة كراتين متحركة وزهور عاجية يسود الكسل وتتغلب ثقافة روح العالم الافتراضي على حساب  الواقع البشري بتفاعلاته المباشرة  المرة والحلوة ... 
الانطفاء الحضاري المحتمل لا أحد يضمن عدم حدوثة وبصورة غير متوقعه فلا يوجد أعجز من الإنسان ولا أجهل، وكلما شعر أنه امتلك الأرض والسماء وقع في حفرة ضيقة كثقب أسود يبتلعه بين عشية وضحاها.
إنطفاء قد ياتي لأسباب معلومة وغير معلومة ..   مثل غباء البشر واطماعهم ووحشيتهم  وموت العقل والضمير  وكل ما يسحب مبرر الوجود الحضاري للإنسان.
ومع هذا الانطفاء الحضاري، تتبخر كل الاسلحة الفتاكة الجوية والبحرية والنووية والبرية وستتحول الى مجرد خردة،  وسيأتي بدلا عنها الوسائل الحربية الطبيعية ليخرج
السيف أصدق انباء من الكتب، وتعود أهمية الحصان والجمل والحمير، وستغيب  سيطرة الدولار لتتحول اشياء أخرى مثل الفحم والحبوب  لتتحكم بقوة الاقتصاد ربما تكون حيوانات  النقل مثل الحمير هي الثروة الصعبة  وقد نرى( الصعبة) التي هي بنت الحمار وقد تحولت الى ثروة اصعب من الدولار اليوم.
سيتبخر كل هذا التبجح والغرور للقوة الغاشمة ليعود الانسان الى حالته الاولى،  بل ربمايفشل في التاقلم ويعحز عن العيش بعد أن افسدته تكنولوجيا فاقدة الأخلاق والضمير  ليفقد مبرر الوجود،  فتبدا مرحلة الانقراض المحتوم وخلق بديل بإرادة القدرة الخالقة، والتي وضعت للحياة وانقراض المخلوقات المفسدة  في الأرض سننا وقوانين نجهلها ونحن نسير في قطار العالم المتوحش والذي يتفنن في الإفساد  وتشريد الشعوب من ديارهم ونهب الثروات وتهديم المدن والقرى على رؤوس الاطفال والنساء وسفك الدماء بطريقة عبثية ومرعبة وغير مسبوقة. 
  
نجد الإشارة  واضحة في القران، بوجودخلق سبقوا  البشر على الأرض  انقرضوا وغابوا   لفقدانهم مبرر البقاء وهي اشارة تحتاج تدبر من نوع ما.

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
ولله في خلقه شؤون. 


Create Account



Log In Your Account