خطايا لا أخطاء
الأربعاء 15 نوفمبر ,2017 الساعة: 12:33 صباحاً

  لم يعد بإمكان التحالف العربي تبرير غاراته التي تستهدف المدنيين في اليمن بعد أن أصبحت متكررة بشكل لا يمكن تفسيره إلا من طرفه وحده، ويزداد الأمر حيرة وغموضا عندما تكون الشرعية التي جاء لدعمها أحد هذه الأهداف المستهدفة.

في الحالات التي يعترف التحالف بمسؤوليته فيها وهي قليلة قياسا بما تتهمه المنظمات الحقوقية الدولية يقول إنه سيعمل على تجنب تكرار حدوث هذه الأخطاء في عملياته ولا يفوته التذكير بالتزامه بالقانون الدولي الإنساني رغم تشكيك المدافعين عن القانون ومنهم هيومن رايتس بجديته ومصداقيته انطلاقا من تجربة الواقع.

والواقع هو المقياس والاختبار الحقيقي لمدى الالتزام بالوعود والتعهدات وهو يخبرنا أن التحالف فشل بتحويل أقواله إلى أفعال ولعل غاراته الثلاث التي طالت موقع للجيش الوطني وبرج إرسال إذاعة” وطني إف أم” الخاصة بجبل العروس الاستراتيجي جنوب تعز أحدث مثال على هذا الفشل.

فلا يمكن التعلل بأن المقصود كان مواقع الانقلابيين لكن القصف اخطأ أهدافه وطال مواقع الشرعية ذلك أنه لا يوجد مواقع قريبة وكيف تخطئ المقاتلة والعميد أحمد عسيري قال ذات يوم متفاخرا إن نسبة الخطأ عن قلب الهدف لا تتجاوز خمسة متر؟

لقد باتت الغارات التي توصف بالخاطئة متكررة ولا يكاد يمر شهر في تعز إلا واستهدفت منازل مواطنين أو مواقع مدنية أو تابعة للمقاومة وهذا ينسحب على محافظات أخرى مثل الجوف أو ميدي بحجة حتى فقد الناس التعويل على طيران التحالف مقارنة بما كان عليه الحال بداية التدخل عام 2015 ومنتصف العام التالي.كل عملية خاطئة تخدم الانقلابيين الذين يستفيدون منها لتسويق خطابهم بأن التحالف يستهدف جميع اليمنيين ولا يفرق بين داعم له أو معارض ويستخدمونها في وسائل الحشد والتعبئة لكسب المزيد من المقاتلين للجبهات خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم والتي يؤثر فيها خطاب التخويف بأن ما سيحصل لها من التحالف أسوأ مما حصل لداعميه.

وعلى المستوى الإعلامي والسياسي فهم يستغلون هذه الحوادث لحشر التحالف بزاوية الطرف المعتدي الذي جاء لقتل اليمنيين وتدمير بلادهم وليس دعما لشرعية السلطة الشرعية وإعادة الدولة وتتلقف مثل هذا الطرح منظمات ومؤسسات حقوقية دولية تضغط على الهيئات الأممية لمعاقبته أو إيقاف عملياته بحجة النتائج المأساوية التي تشهدها اليمن والتي هي نتيجة الانقلاب الذي أشعل الحرب وجاء بالتحالف.

وبالنسبة للمواطنين المتواجدين بمناطق سيطرة الشرعية فهم في وضع لا يحسد عليه، إذ يبدو احتجاجهم كمن يتنكر لمن يدعمه مع أن الأمر ليس كذلك ولا يتعدى صرخة مظلوم وإنسان لا يقبل اعتداء الخارج مثلما يقاوم طغيان الانقلاب بالداخل.

لقد ذهبت كل المطالبات بالتحقيق في الأخطاء والعمل على منع تكرارها ومحاسبة المسؤولين عنها أدراج الرياح ولم يحصل أي تغيير سوى كلام مكرر بالاعتراف بالمسؤولية دون محاسبة أو توقف عن هذا النهج المؤذي للجميع.

ومهما يكن عجز الحكومة الشرعية وضعفها وارتهانها للتحالف فإن ذلك لا يعفيها من مسؤوليتها في الاحتجاج والجلوس مع التحالف لوضع رؤية تمنع استمرار هذا العبث بالأرواح والممتلكات بدلا من الصمت والتفرج وكأنها غير معنية بما يجري.

لا يمكن التسليم بتبرير الاخطاء وقد أصبحت عادة دائمة فكيف لما يتعلق الأمر بحياة البشر الذين هم أغلى من أي شيء ويجدون أنفسهم أهدافا مشروعة للانقلابيين أو للتحالف الذي جاء باسم حمايتهم والدفاع عنهم في مواجهة من اختطف دولتهم.

اليمن لم تعد تحتمل أكثر مما حصل لها ولابد من تحمل المسؤولية من قبل التحالف والشرعية لوقف نزيف الدماء ووضع أولوية حماية الناس وإطعامهم ومعالجتهم قبل أي شيء آخر وهذا يعني وجود مقاربة واضحة ودقيقة وشاملة تصحح اخطاء الماضي وتعيد الأمل بالمستقبل مرة أخرى.

 

 *نقلاً عن "اليمن نت"


Create Account



Log In Your Account