صيف ساخن يشعل الجنوب في وجه أدوات الإمارات .. الغضب الشعبي يتحدى الرصاص الحي
الخميس 16 سبتمبر ,2021 الساعة: 10:33 مساءً
الحرف 28 – تقرير خاص

واصل المتظاهرون، الخميس، في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن)، الاحتجاجات المنددة "بتردي" الأوضاع المعيشية والاقتصادية، رغم استخدام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا العنف لقمعها.

وتستمر الاحتجاجات في محافظتي عدن وحضرموت (شرق) مترافقة مع أعمال عنف دامية أسفرت منذ انطلاق التظاهرات في التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري عن مقتل ثلاثة متظاهرين وإصابة 11 آخرين وفقا لحصيلة أعدها "الحرف28".

وجاب عشرات المتظاهرين مساء الخميس شوارع مديرية كريتر في عدن، مطالبين بوقف تدهور العملة المحلية، رغم إعلان المجلس الانتقالي "حالة الطوارئ"، وانتشار قوات أمنية في عدد من شوارع المدينة.


وقال متظاهر في العشرينات رفض كشف اسمه للحرف28 "هناك محاولات لفض التظاهرات لكننا لن نستسلم لهم".

وقتل متظاهر وأصيب ثلاثة آخرون مساء الأربعاء أثناء تفريق قوات أمن لمتظاهرين غاضبين من غلاء المعيشة في عدن.

وحمّل ناشطون وحقوقيون المجلس الانتقالي ووزير الداخلية في الحكومة الشرعية مسؤولية حماية المتظاهرين وتأمينهم من القمع وإطلاق الرصاص الحي عليهم.

وقال سفير اليمن في اليونسكو، محمد جميح، إن "الناس في عدن أخرجهم الجوع، وهم يرون موارد مدينتهم تذوب في أفواه لا تشبع".

وأضاف في تغريدة عبر تويتر: "الوقت يمضي وكل يوم تتأخر فيه المعالجات يعني الذهاب إلى نقطة اللاعودة".

وحمّل جميح المجلس الانتقالي مسؤولية الوضع "لأنه هو المسيطر على عدن، والشرعية تتحمل مسؤولية أكبر باغترابها الطويل الذي استمرأه الكثير"، وفق قوله.

"ارحل يا التحالف"

وفي حضرموت، تظاهرة عشرات النساء أمام مبنى السلطة المحلية تنديدًا بتدهور الوضع المعيشي وغياب الخدمات الأساسية.

وانطلقت التظاهرات في حضرموت مطالبة في البداية بمعالجة الوضع الاقتصادي وتحسين الخدمات لتتصاعد بعدها الى المطالبة برحيل "المحافظ فرج البحسني والتحالف العربي بقيادة السعودية".

ورفعت المحتجات لافتات كتب عليها "ارحل يا التحالف.. ارحل يا البحسني (محافظ حضرموت)"

كما نددت المشاركات في الوقفة بمقتل متظاهر مساء أمس الأربعاء برصاص قوات الأمن، وطالبن بمحاسبة من قام بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.


وفي وقت سابق الخميس، أعلن محافظ حضرموت اللواء الركن فرج البحسني، حظرا جزئيا للتجوال من الساعة الـ8 مساءً وحتى الـ6 صباحًا، اعتبارًا من اليوم الخميس وحتى إشعار آخر.

ولا يزال رئيس الحكومة معين عبدالملك الذي يقيم في العاصمة السعودية الرياض منذ أكثر من نصف سنة، يلتزم الصمت حيال ما يجري في عدن وحضرموت واستخدام العنف ضد المتظاهرين من قبل قوات مدعومة إماراتًيا.

بدوره اعتبر وزير الخارجية والمغتربين أحمد بن مبارك الاحتجاجات في عدن وحضرموت بأنها "نتيجة طبيعية لعدم تمكين الحكومة من أداء مهامها والاضطلاع بمسئولياتها لتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين ومعالجة الإختلالات"، بحسب كلمة ألقاها في الدورة الـ149 للمجلس الوزاري لدول الخليج.

"هيستريا" الانتقالي

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن مساء الأربعاء حالة الطوارئ في جميع المحافظات الجنوبية، ودعا قواته إلى "الضرب بيدٍ من حديد على كل من تسول له نفسه زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة البلبلة والقلاقل"، وفق كلمة متلفزة لرئيس المجلس عيدروس الزبيدي.

ويسيطر المجلس على مناطق واسعة في الجنوب، ويدعو إلى انفصال جنوبي اليمن عن شماله، وهو ما يثير رفضا واسعا على المستويين الرسمي والشعبي.

وأثار إعلان الانتقالي، انتقادات واسعة لا سيما وأن المخول الوحيد بإعلان "حالة الطوارئ والتعبئة العامة" هو رئيس الجمهورية وفق لما ينص عليه الدستور اليمني.

وقال الكاتب أيمن نبيل في تغريدة عبر تويتر، إن "قرار المجلس الانتقالي فيه تغذية لهستيريا القواعد كالعادة لأنه غير مستعد لتقديم شيء آخر يبقي "جماهيره" حوله".

وأضاف "ولكنه هذه المرة يصدر في خضم مظاهرات في مناطق سيطرته؛ "كأنه" دولة تستخدم قانون الطوارئ لقمع شعبها".

وتابع: "سريالية هذه المليشيا ستنتهي إلى أمر واقعي: قضاؤها على قواعدها"، حد تعبيره.

تأييد سياسي للمتظاهرين

من جانبه، أعلن الائتلاف الوطني الجنوبي، الخميس، تضامنه الكامل ووقوفه المطلق مع المتظاهرين ومطالبهم "المشروعة وحقهم في التعبير السلمي عن مطالبهم".

واعتبر الائتلاف الوطني في بيان له، أن ما وصلت إليه الأوضاع في عدن ومدن أخرى بأنه "نتيجة حتمية لعدم تطبيق اتفاق الرياض وتحديدا الشق العسكري والأمني، الأمر الذي قاد لهذا الوضع المختل والمرتبك".

وجدد الائتلاف التأكيد على وقوفه الكامل إلى جانب المطالب المشروعة لأبناء عدن وغيرها من المدن والمتمثلة بتوفير الكهرباء والخدمات ودفع المرتبات ودعم العملة الوطنية والحد من انهيارها ومعالجة المشاكل الاقتصادية.

ودعا إلى الحفاظ على سلمية المظاهرات ونبذ العنف والتخريب والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، محملا في ذات الوقت الطرف المعرقل لتنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض المسئولية عن السوء الذي آلت إليه الأوضاع.

وشدد الائتلاف الجنوبي على التنفيذ الفوري للشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، بما يمكن الحكومة وكافة مؤسسات الدولة من القيام بواجبها في تطبيع الأوضاع وتوفير الخدمات والاهتمام بالجانب الاقتصادي وبما يساهم في استقرار سعر صرف الريال والانتظام في دفع المرتبات.

وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 تم توقيع اتفاق الرياض، برعاية سعودية ودعم أممي، بهدف حل الخلافات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، والتي تحولت لاشتباكات مسلحة بينهما في عدن، ومحافظات جنوبية أخرى.

وبموجب الاتفاق، تم تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب بمشاركة المجلس الانتقالي في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن لم يتم إحراز تقدم ملحوظ في تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق، خصوصا دمج قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة والمجلس، تحت قيادة وزارتي الداخلية والدفاع.

وأدى تأخر تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض إلى تقييد حركة الحكومة في مقرها المؤقت مدينة عدن؛ حيث ما يزال المجلس الانتقالي مسيطرا أمنيا وعسكريا على الوضع بالمدينة منذ أغسطس/آب 2019، إضافة إلى سيطرته على مناطق جنوبية أخرى.


Create Account



Log In Your Account