الريال ووحدة حقوق السحب الخاصة.. بين المأمول والممكن
الأحد 08 أُغسطس ,2021 الساعة: 07:59 مساءً

حقوق السحب الخاصة هي أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي لأول مره في عام 1969م ليصبح مكملا للاحتياطيات الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء في الصندوق والبالغ عددها 190 دولة، ويتاح للبلد العضو حيازة 25% من احتياطاته لدى الصندوق من وحدات حقوق السحب الخاصة.

هذا وقد أوصى مجلس محافظي صندوق النقد الدولي على زيادة احتياطياته الطارئة بمبلغ 650 مليار دولار كأكبر تخصيص للصندوق منذ عام 1970م، ويصبح تخصيص المبلغ ساري المفعول بعد 21 يوم من موافقه 85% من مجمل القوة التصويتية للصندوق ومن المأمول توزيع حصص حقوق السحب الخاصة على الأعضاء ابتداء من 23 أغسطس الشهر الجاري. هذا ويذهب 58% من مبلغ 650 مليار دولار إلى الاقتصادات المتقدمة، و42% سيذهب إلى الاقتصادات الناشئة والنامية وبإمكان الدول ذات المراكز القوية اقتصاديا إعادة تخصيص نصيبها من الاحتياطيات لدعم البلدان الضعيفة وذات الدخل المنخفض سواء بالتبرع بمخصصاتها على شكل مساعدات وهبات ويمكن إقراض مخصصاتها ايضا بفائدة لا تزيد عن 1,5% وذلك لمساعدة البلدان الفقيرة منخفضة الدخل لتحقيق نمو مرن ومستدام.

ستتمكن البلدان من تحويل نصيبها من وحده حقوق السحب الخاصة إلى عملات قابله للتحويل وخاصه الدولار الأمريكي وفي العادة لا توجد شروط مسبقة لتوزيع نصيب الدول من حقوق السحب الخاصة ولكن يشترط الصندوق الشفافية في استخدام نصيب الدول حيث يعود الحق في التصرف بنصيب كل دوله إلى البنك المركزي لكل دوله على انفراد باعتبار الأموال تعود للبنك المركزي للدول وتودع في حساباته الخاصة وهو المسؤول عن وجهه الصرف باعتباره يمثل الدولة في عضوية مجلس محافظي صندوق النقل الدولي.

كان الهدف المعلن من تخصيص مبلغ 650 مليار دولار هو من أجل التعافي من الركود الاقتصادي بسبب جائحه فيروس كورونا المستجد COVID_19 حسب إعلان الصندوق ويتاح للبنوك المركزية التصرف بنصيبها من التخصيص حسب ظروف كل بلد على حده.

حصلت اليمن على ما يعادل 555 مليون دولار كنصيب من الزيادة في احتياطيات صندوق النقد الدولي وعلى الرغم من تواضع المبلغ مقارنه بمشاكل اليمن الاقتصادية إلا أنه يمكن أن يلعب دورا مهما في حل بعض مشاكل اقتصاد البلاد العاجلة وذلك لدور المبلغ المأمول في رفد احتياطي البلد من العملات الصعبة الذي هو في وضع حرج لم يشهده منذ سته عقود بسبب الحرب الدائرة وانقسام السلطة والقرار المالي والنقدي وبروز سلطات متعددة تتخذ قرارات سيادية متناقضة في الشأن الاقتصادي.

إن السؤال المهم هو هل سيستخدم هذا المبلغ لصالح تعزيز وضع الريال المترنح وكيف يستطيع البنك المركزي تحقيق ذلك في ظل الانقسام بل والتشطير الاقتصادي والمالي في البلد.

من المأمول أن يساعد المبلغ في حال استخدامه استخدام سليم في التخفيف من الآثار الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للتقلبات السعرية الحادة في البلد الناتجة عن الحرب و انقسام البلد و سلطاته المختلفة، ولكن بالمقابل يمكن الجزم أن اليمن لا يمكن إخراج نفسه من أزمته الاقتصادية بهذا المبلغ دون اتخاذ إجراءات مرافقه و تصحيحية مثل وقف الحرب وحل مشاكل البلاد المعقدة و المتداخلة و إجراء إصلاحيات سياسيه و اقتصاديه بمعالجه المظالم السياسية والحقوقية حلا شاملا يحقق توافقا واتفاقا لكل الأطراف المتصارعة منذ عده سنوات.

ومن وجهه نظرنا فان إنفاق مبلغ 555 مليون دولار يمكن أن يتوجه إلى عدة أنشطة منها الإنفاق على مكافحة وباء فيروس كورونا المستجد و كذا دعم سعر صرف الريال في (المناطق المحررة) ليتعادل مع (المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي) في اقل تقدير و كذا تأمين استيراد المواد الغذائية الأساسية والدوائية لتخفيف الضغط على سوق الصرف الأجنبي و كذا شراء المحروقات و تحسين خدمات إمداد المواطنين بالطاقة الكهربائية و الاستثمار في مجال الطاقة البديلة و المتجددة والإنفاق المالي المباشر لمساعدة الفقراء مثل زياده الأجور ودعم الفقراء و الفئات المهمشة للتخفيف من الأعباء التي يتحملها المواطن و غيرها من الأولويات التي يتحمل مسؤوليه تحديدها و تنفيذها البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.

إن تحقيق المأمول من استخدام هذا المبلغ يمكن أن يتحقق من خلال التخصيص السليم و عدم استخدامه في مشاكل الحرب الدائرة و تحريم استخدامه في قضايا المضاربة في سوق الصرف و غير ذلك سيذهب المبلغ ادراج الرياح و لنا في الماضي البعيد و القريب عبر و دروس في سوء استخدام الاحتياطيات و المنح و المساعدات و القروض و على المجتمع المدني و المهتمين و الصحافة و المتخصصين تسليط الضوء على تخصيص المبلغ و مراقبه حسن استخدامه لتحقيق المأمول منه في دعم موقف  الريال في الأجل المنظور.

 

* أستاذ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة عدن


Create Account



Log In Your Account