كرة القدم السياسية
الأربعاء 02 مايو ,2018 الساعة: 11:50 مساءً

قبل العام 2011 لم يكن هناك مؤشرا واحدا يدل على أن ثمة استعداد لتفجر ثورة بذلك الشكل الذي شاهدناه في تعز. رغم ان اسباب الثورة كانت قائمة كما هو الحال اليوم.

لكن حدثان جعلاني اعيد مراجعة حساباتي. الأول: خروج مسيرة فرح عارمة منتصف ليل احد ايام اواخر العام 2010 ابتهاجا بفوز فؤاد عبدالواحد بلقب فنان العرب. ثم بعد فترة بسيطة خروج مسيرة اكبر من وسط شارع جمال وحتى حوض الاشراف ابتهاجا بفوز برشلونة بلقب الدوري الاسباني. وكان الوقت بعد منتصف الليل.

طوال الثلاثة الاعوام المنصرمة, كان أكثر ما يثير استغرابي, هو أن معظم الشباب المسيسين في صنعاء, بدا وكأنهم يستسلمون بشكل جماعي لحالة احباط كثيفة. ولم يعد من شيء يجذبهم او يثير اهتمامهم سوى كرة القدم.

مع تعقد الاوضاع في تعز, اصبحت تقريبا افهم ذلك الوضع الذي كان يثير استغرابي. صحيح ان الاحباط بالنسبة للشباب المسيس سيظل غير مبررا في كل الاحوال لأن هناك دائما ما يمكن عمله. لكن هذا الانجذاب الطاغي الذي بت ألمسه نحو كرة القدم اصبح يوحي بنوع القتامة التي بدأت تتسيد في تعز بما ظلت تمثله كآخر بؤرة أمل.

انسداد الافق السياسي عادة ما يولد الرغبة في الهرب كشكل من اشكال المقاومة عند مختلف فئات الشعوب الحية وعند القطاعات المسيسة على وجه التحديد. هرب مؤقت وليس حالة يأس نهائية. لهذا مثلا لا يزال لعب الدمنة في المقاهي المصرية قائما منذ نكسة حزيران.

حتى مع كون كرة القدم دين الشعوب الحديثة بلا منازع. يبقى ان الاقتصار على الاهتمام بها دون كل الاهتمامات الأخرى _ باعتقادي _ يصلح هذا تفسيرا لحالة الاحباط العامة التي باتت طاغية. وهذا هو الوضع الذي كانت عليه تعز عشية الثورة. ويعود اليوم بعد سبع سنوات من هذه الثورة المغدورة وما ترتب عليها من خيبات.

هناك ثلاثة أوضاع تجعل من مسألة كهذه غير مبررة. بل ومستحيلة.

الوضع الاول: وجود حالة استقرار سياسي ومسار تنموي مفتوح.

الوضع الثاني: وجود حالة نهوض شعبي عارم.

الوضع الثالث: وجود قوى سياسية حية تستطيع العمل في مختلف الظروف, وقادرة على فتح نوافذ للأمل في احلكها.

كما ترون ليس لدينا واحدا من هذه الاوضاع. ولم يعد من السهل علينا تجاهل البهجة التي تمنحها كرة القدم كعزاء وحيد تبقى امامنا.


Create Account



Log In Your Account