لو صدّقته الشرعية لنجونا.. ولكن!
الجمعة 25 ديسمبر ,2020 الساعة: 09:45 مساءً

"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" ذاك حديث رسول الله الذي لم تؤمن به قيادتنا الشرعية، فلُدغت مثنى وثلاث ورباع وأكثر من ذلك، ولو كانت قد صدقته وعملت به لنجونا من الكوارث التي نعيشها الآن.

النكبات كثيرة والشواهد وفيرة ماض وحاضر وربما ستتكرر بالمستقبل وكل شيء متوقع مع هكذا قيادة.

لن نتحدث هنا عن كل تركة الشرعية، فقط سنتحدث عن نكبتين متطابقتين ومتفقتين في كل شيء حتى بالرعاة والداعمين والممولين والشهود والمساندين والمعارضين، باستثناء الاسم والزمان والمكان وتفاصيل أخرى غير مهمة.

هل سمعتم باتفاق السلم والشراكة الذي وقعته الشرعية والاطراف السياسية في سبتمبر 2014 مع الحوثي عقب انقلابه على الشرعية؟... بالتأكيد سمع به الكثير...ذاك هو النكبة الاولى وله نسخة أخرى يسمى "اتفاق الرياض" النكبة الثانية.

جاء" السلم والشراكة" - كما قالوا - لإنهاء الازمة السياسية لكنه في الواقع جاء لشرعنة الانقلاب وكانت الشرعية والاطراف السياسية تعلم علم اليقين أنه ليس اتفاقا بقدر ما هو "شرعنة" للانقلاب، ومع ذلك وقع الجميع عليه غير واحد، على أمل أن يصدق الحوثي "الكذاب الأشر" وهو الذي لم نعهد عليه صدقا قط، وقد أثبت لنا ذلك ينقضه لذاك الاتفاق المزعوم.

لكن.. كيف وصل الحوثي إلى صنعاء وأجبر الجميع على توقيع الاتفاق معه؟

بشكل سريع، سنستعرض الأخطاء التي ارتكبتها الشرعية والرئيس هادي حتى مكنت الحوثي من تنفيذ الانقلاب، وهي ذات الاخطاء التي تكررت بانقلاب الانتقالي.

بدأ الامر بسيطا في صعدة "حرب الحوثيين ودماج" فقام الرئيس بإرسال لجنة رئاسية أفضت الى نفي سفليي دماج، وهنا تنفس الحوثي الصعداء، لينتقل مباشرة إلى عمران، وهناك قال الجيش إن تلك الحرب ليس للدولة علاقة بها، إنها بين أولاد الأحمر والحوثيين، فأحكم الأخير قبضته على المحافظة وخرج الرئيس ليقول عادت عمران إلى حضن الدولة.

لم ينتظر الحوثيون كثيرًا، حيث انتقلوا إلى صنعاء، وهذه المرة كان المبرر الفرقة الأولى مدرع وجامعة الايمان، وكالعادة لم يتدخل الجيش فضلا عن استمرار وزير الدفاع حينها بتسهيل مهمة وصول الحوثيين إلى صنعاء، ولم يتوقف الحوثي عند الفرقة والجامعة، فذهب للسيطرة على كل مؤسسات الدولة الواحدة تلو الاخر، وبعد استكمال السيطرة على صنعاء خرج الجميع إلينا بـ"اتفاق السلم والشراكة"، أو بالأحرى "اتفاق الحرب والفراكة".

ذهب الحوثي بُعيد الاتفاق لاستكمال سيطرته على المحافظات، وخلع مقاتلوه "الزنن" ولبسوا البدلات العسكرية، وحتى هذا لم يلتزموا به، فالكثير فضل الاستمرار بـ"الزنة" على الزي.

انتهى الحوثي من أحكام قبضته على الدولة ولفظ كل ما يتعلق بالشرعية خارج نطاقه وذهب يرتب لما بعد الانقلاب.. والحديث عن هذا يطول وليس مكانه.

بعد خمس سنوات من الحرب، دعمت الامارات والسعودية انقلابا آخر على الشرعية بعدن، ولا ننسى ان الدولتين ذاتهما هما من دعمتا انقلاب الحوثي باعترافهم الموثق.

انقلاب عدن هو نسخة من انقلاب صنعاء، كما ذكرنا آنفا، مليشيات تشكلت تحت نظر الدولة، تلقت تسليحا من الخارج دون ممانعة من الشرعية، استولت على المؤسسات، وأكملت المهمة بالانقلاب المسلح الكامل في اغسطس 2019، وطرد كل ما يتعلق بالشرعية خارج نطاقها.

ما الذي حدث بعد ذلك.. لاشيء جديد سوى تكرار نسخة اتفاق السلم والشراكة.

اجتمع الأطراف في الرياض ووقعوا اتفاقا شرعن انقلاب الانتقالي، أعقبه رفض الاخير للتنفيذ، وذهب للسيطرة على بقية المناطق كسقطرى.

لكن تحرك الجيش وتقدمه الى ابين ومشارف عدن بعد السيطرة على شبوة أربك حساباتهم، فأعادوا صياغة اتفاق الرياض في يوليو الماضي، والذي ينص على انسحاب الجيش من أبين مقابل انسحاب الانتقالي الى الضالع.

انسحب الجيش وذهب الانتقالي لتعزيز تواجده في أبين وعدن، ولبس مقاتلوه زي قوات المنشآت والقوات الخاصة وهي القوات التي أسند لها اتفاق الرياض مهمة الامن بعد انسحاب الطرفين.

حتى الان طبق الانتقالي في اتفاق الرياض، خطوات الحوثي في اتفاق السلم والشراكة، وفي قادم الايام سيطبق الباقي وستنتهي الشرعية عمليا ولن يبقى لها الا الاسم الذي ستستخدمه لتوقيع اتفاقيات شكلية برعاية دولية أو اقليمية وربما برعاية "آل جابر" ولن تكون لها من تلك الاتفاقيات ناقة ولا جمل.

وحينها ستأخذ الامارات كل ما تريد.. سقطرى وموانئ عدن والمخا والمكلا والحديدة، وستأخذ السعودية المهرة وستمرر أنبوبها النفطي رغم أنف الشرعية وممانعة هادي، كما أنها لن تسمح بخروج نفط الجوف، أما الشعب فسيتقسم الى مجموعات، مرتزقة للرياض ولأبوظبي، ولكل من يدفع أو يدفع أكثر.. وقد يجند شبابه للقتال في دول أخرى لصالح ذات الدول التي تدمرنا، كما يحدث مع السوريين الآن.


Create Account



Log In Your Account