بتواطؤ إسرائيلي خليجي.. توقعات ومخاوف من إشعال "ترامب" سلسلة من الأزمات في أيامه الاخيرة
الأربعاء 11 نوفمبر ,2020 الساعة: 11:42 مساءً


جاءت الإقالة الصادمة لوزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، والأنباء عن خطط لفرض عقوبات مرحلية جديدة على إيران، لتقطع بأن الأسابيع العشرة الأخيرة لدونالد ترامب في منصبه قد تكون عسيرة المضيّ على بقية العالم، وأن ترامب قد يشعل سلسلة من الأزمات الخارجية في أيامه الأخيرة.

ويرفض ترامب حتى الآن التسليم بخسارته الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، وفي الوقت نفسه يطلق سهام طعون قانونية لا أساس لها على نتائج الانتخابات، كما يسعى لإثبات أنه لا يزال مسؤولاً عن السياسة الخارجية والدفاعية. 

وكل ذلك يفاقم المخاوف المتعلقة بالتأثير الذي قد يتركه رئيس يستحضر نفسية المنتقم في دور الولايات المتحدة على المسرح العالمي، خلال الأسابيع العشرة القادمة من الفترة الانتقالية، حسب ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

ما هدفه من إقالة وزير الدفاع الأمريكي، وما علاقة دول الخليج بالأمر؟

على الجانب الآخر، لم يتضح مع إصدار القرار يوم الإثنين 9 نوفمبر/تشرين الثاني ما إذا كان طرد إسبر عبر تغريدة نشرها على موقع تويتر يشكّل مجرد عملية تصفية حسابات مع وزير الدفاع المنتهية ولايته والذي سبق أن اختلف علناً مع الرئيس، أم ما إذا كان الهدف هو تمهيد الطريق لاتخاذ إجراءات محلية أو خارجية كان إسبر قد عمل على قطع الطريق أمامها.

ففي نفس اليوم الذي شهد رحيل إسبر، نقل موقع Axios الإخباري عن مصادر إسرائيلية قولها إن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاءهما الخليجيين يناقشون خطة لإضافة مزيد من التعزيز إلى جدار العقوبات الذي بنوه حول إيران، وربما بواسطة إضافة مجموعة جديدة من العقوبات غير المسبوقة خلال الأسبوع الذي يسبق تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني.

وكيف ردت إيران؟
كانت استراتيجية إدارة ترامب في الأشهر الأخيرة تتمحور حول زيادة الضغط على إيران، لاستفزاز طهران كي تتخذ ردَّ فعلٍ يجعل من الصعب على الإدارة القادمة إنقاذ الاتفاق النووي لعام 2015 و"خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA) بين إيران من جانب والدول الكبرى من الجانب الآخر.

ومع ذلك، فإن إيران، من جانبها، ظلت حتى الآن تعمل ضمن إطار خطة العمل الشاملة المشتركة إلى حد كبير، فيما تتجاهل بعض القيود التي فرضتها الخطة على نشاطها النووي، كنوعٍ من الرد المحسوب على العقوبات الأمريكية.

بيد أنه من الواضح أن إدارة ترامب لم تتخل عن محاولة دفع الإيرانيين لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي لا يمكن الرجوع عنها أو تجنب آثارها على الاتفاق.

ترامب قد يشعل سلسلة من الأزمات الخارجية في أيامه الأخيرة من بينها أزمة نووية
تقول ريبيكا ليسنر، وهي مؤلفة مشاركة في كتاب An Open World: How America Can Win the Contest for Twenty-First-Century Order. المعني بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة: "بالنظر إلى سجل دونالد ترامب القائم على حالة من التجاهل المتكرر للأعراف والتقاليد السياسية، فإني سأكون قلقة للغاية بشأن المصادرة التي قد يفرضها هو وإدارته [على حق الإدارة القادمة في إدارة شؤون البلاد بمنهجها] خلال هذه الفترة الانتقالية، وهو أمر محفوف بالمخاطر حتى في الأوقات العادية، فما بالك بمدى سوء الأمر اليوم في ظل الأزمات المحلية والدولية التي تواجهها الولايات المتحدة".


وزير الدفاع الأمريكي المقال مارك أسبر/رويترز
على سبيل المثال، قد يعلن ترامب انسحاباً رسمياً من معاهدة "نيو ستارت" مع روسيا، والتي تتعلق بتقليص الترسانة النووية لكلتا الدولتين ومن المقرر أن تنتهي في فبراير/شباط المقبل، أو يسعى إلى "إلغاء" معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي وقعتها الولايات المتحدة لكن مجلس الشيوخ لم يُصدّق عليها بعدُ. 

وربما يقول قائل إن هذه القرارات يمكن لإدارة بايدن التراجع عنها، حتى إن اتُخذت بالفعل، لكن تأثير هذا التراجع سيُحدث مزيداً من الارتباك حول مكانة واشنطن وقد يقوض ثقة العالم بأن الولايات المتحدة تلتزم بالاتفاقيات التي توقعها.

ترامب يخطط لفرض عقوبات يصعب على بايدن إزالتها
من جهة أخرى، تُظهر العقوبات الجديدة على إيران التي يجري الحديث بشأنها أن ترامب ووزير خارجيته، مايك بومبيو، لم يتخلوا عن محاولة قتل "خطة العمل الشاملة المشتركة"، التي تعاني لكنها لا تزال حية.

وفي حين يعتزم فريق بايدن التفاوض على العودة إلى الخطة الموقعة بين البلدين، فإن عقوبات جديدة قد تفسد أي أجواء متعلقة بذلك بين البلدين، وقد كان مبعوث إدارة ترامب بشان إيران، إليوت إبرامز، بالفعل في إسرائيل يومي 8 و9 نوفمبر/تشرين الثاني لمناقشة الإجراءات الجديدة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، كما من المتوقع أن يتوجه إلى أبوظبي والرياض بعدها.

يزيد على ذلك أن العقوبات الجديدة من المتوقع أن تُفرض على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وارتباطاته المزعومة بالإرهاب، وأيضاً لدواعي السجل السيئ لإيران في مجال حقوق الإنسان، بدلاً من عقوبات على البرنامج النووي الإيراني، وكل ذلك يجعل من الصعب سياسياً على إدارة بايدن التراجع عنها.

وتعليقاً على ذلك، يقول نيسان رافاتي، وهو خبير الشؤون الإيرانية في "مجموعة الأزمات الدولية": "يبدو أن القصد هو ممارسة أقصى قدر ممكن من الضغوط، على المدى القصير المتاح، وإلقاء عقبات إجرائية وسياسية تضطر إدارة بايدن إلى مواجهتها إذا تحركت لتخفيف العقوبات على طهران بعد يناير/كانون الثاني".

وفريق بايدن لم يحصل حتى على المعلومات الاستخباراتية الأساسية
والواقع أن رفض ترامب الاعتراف بخسارته أو التعاون لإتمام انتقال منظم للسلطة هو أمر سيكون له تداعيات مهمة أخرى على السياسة الخارجية والأمن القومي، ففريقُ بايدن لا يتلقى حتى الآن إحاطات استخباراتية أو دفاعية، كما هو المعتاد خلال الفترة الانتقالية، لأن مسؤولة عينها ترامب لإدارة الخدمات العامة ترفض التوقيع على الأوراق اللازمة.

وما يعنيه ذلك أن مسؤولي الأمن القومي الجدد الذين سيدخلون مكاتبهم لأول مرة في يناير/كانون الثاني لن يكونوا مطلعين بالقدر الكافي على الإجراءات التي تتابع الإدارة سريانها في جميع أنحاء العالم، علاوة على العمليات السرية أو العسكرية الجارية المخطط لها أو الوشيكة، وكلها معلومات عادةً ما تُعرض على الرئيس المنتخب خلال الفترة الانتقالية. 

ومن ثم، فإن إدارة ترامب قد تفشل في إجبار خليفتها على اتباع اتجاهها فيما يتعلق بالقضايا الحرجة، لكنها حتى الآن تظهر كل البوادر على أنها عازمة على توريث تركةٍ من الفوضى.

المصدر : عربي بوست


Create Account



Log In Your Account