"التحالف منع الرئيس من العودة إلى عدن .. وإيران أوصلت سفيرها إلى صنعاء" هذا موجز الصدمة اليمنية خلال 24 ساعة
الأحد 18 أكتوبر ,2020 الساعة: 09:43 مساءً
خاص

أثار وصول سفير إيران الجديد إلى صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الموالية لها، علامات استفهام في الشارع اليمني حول طريقة دخوله ودلالات التوقيت، سيما أن التحالف العربي بقيادة السعودية يتحكم بالمنافذ الجوية والبرية والبحرية لليمن.

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، أعلن أمس السبت، أن بلاده عيّنت "حسن إيرلو " سفيرًا فوق العادة ومفوضًا بـ"صلاحيات مطلقة"، مشيراً في تصريحات نقتلها وكالة "فارس" الإيرانية، إلى أن إيرلو "قد وصل إلى صنعاء" من دون الكشف عن تاريخ وصوله وكيف وصل.

ورجحت مصادر يمنية، أن السفير الإيراني حسن ايرلو، وصل صنعاء الأربعاء 14 أكتوبر، عبر طائرة عمانية مع 20خبيرًا إيرانيًا ضمن 240 شخصًا أعلن المتحدث باسم الجماعة عن عودتهم إلى البلاد على اعتبار أنهم مرضى وجرحى، في صفقة مع واشنطن للإفراج عن رهائن امريكيين دعمتها السعودية.

وعمل ‏‎حسن إيرلو ، كخبير عسكري وتدريب في حزب الله على الأسلحة المضادة للطيران في العام 1999، وذلك بحسب اعترافات أسرى تابعين لحزب الله.

وتحتفظ طهران بكامل بعثتها الدبلوماسية في صنعاء منذ بداية الحرب، وشارك القائم بأعمال السفارة في عديد أنشطة علنية تحت سمع وبصر الحكومة الشرعية والتحالف.

ونهاية العام الماضي قامت السلطات الإيرانية بتسليم مقر السفارة اليمنية في طهران للحوثيين واعترفت بسلطتهم رسميا وتسلمت اوراق اعتماد سفير للمليشيا يدعى ابراهيم الديلمي في إجراءات بروتوكولية رسمية.

تنديد حكومي

ورغم أن الخبر أثار ضجة على وسائل التواصل الإجتماعي فقد التزمت الحكومة اليمنية الصمت طيلة يوم كامل، قبل أن تصدر تعليقا.

واعتبرت الحكومة اليمنية تعيين إيران سفير لدى الحوثيين بأنها "مخالفة صريحة للقانون الدولي وقرارات مجلس الامن بما فيها القرار ٢٢١٦".

وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان، إن استمرار النظام الايراني بانتهاج سلوك العصابات والمنظمات الارهابية بتهريب الاسلحة والافراد الى مليشيا الحوثي انقلابية يؤكد على عدوانية هذا النظام ونواياه الخبيثة تجاه اليمنيين.

ودعت وزارة الخارجية المجتمع الدولي ومجلس الامن لإدانة هذه الممارسات والانتهاكات الايرانية غير القانونية وتدخلها السافر والمستمر في الشؤون الداخلية للجمهورية اليمنية.

وتتهم الحكومة اليمنية طهران بدعم الحوثيين سياسياً وعسكرياً وإعلامياً في الانقلاب على مؤسسات الدولة، فضلاً عن تهريب خبراء أسلحة متخصصين بصناعة الصواريخ الباليستية إلى صنعاء، لكن طهران تنفي تلك الاتهامات.


غطاء خارجي

في هذا السياق، اعتبر الباحث في مجال الاستراتيجية والدبلوماسية، إبراهيم جلال، وصول السفير الإيراني إلى صنعاء بأنه يشكل "عملية إستخباراتية نوعية عن طريق دولة شقيقة" مشيرًا إلى أن تلك الخطوة تمثل "ضربة لفيلم تحالف إعادة الشرعية في اليمن، والحكومة اليمنية".

وقال في سلسلة تغريدات عبر تويتر إن" أنباء وصول سفير إيران للحوثيين تأتي بعد أكثر عام من إرسال الديلمي كسفير للجماعة في طهران في أغسطس ٢٠١٩، شهر الإنقلاب الآخر في عدن، الأمر الذي يجعل إيران الدولة الوحيدة التي كسرت القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية وقرارات مجلس الأمن ومرجعيات السلام في هذا الصدد".

وأضاف: "تؤكد طهران بقدرتها على إيصال مبعوثها المقيم إلى صنعاء على عمق وتجذر دورها التخريبي في اليمن وحجم الدعم الإستخباراتي، والعسكري، واللوجستي الذي قدمته وتقدمه للحوثيين، معمقة بذلك العلاقة التي تأسست قبل أكثر من عقدين (على خلاف ما تروج له بعض أجهزة الإستخبارات الأجنبية بوسائل عدة)".

ورجح جلال أن "سفير طهران للحوثيين قد دخل عن طريق دولة ثالثة، يعتبرها البعض بوابة الجماعة للعالم الخارجي ومحطة علاج لكثير من جرحى الحرب (إشارة إلى عُمان) وبعلم فاعلين في ملفي الحرب والسلم".

وقال: "يمكن لهذا التنسيق أن يعتمد على غطاء ملف تديره أطراف خارجية، وبإستخدام وثائق مزورة وبروتوكلات خاصة وسرية".

ووفق جلال فإن "هذا الإجراء الإيراني يضع إدعاءات بعض البعثات الدبلوماسية الغربية والباحثين الأجانب عن إمكانية تحجيم العلاقة الإيرانية-الحوثية في موضع شك، فهو تارة يعبر عن عمق الدور الإيراني، وتارة عن عمق العلاقة الإستراتيجية في الوقت الذي يسعى فيه البعض لإثبات عكس ذلك للدفع بإتفاق شكلي هش".

ولم يعلق أي مسؤول في التحالف السعودي الإماراتي بشأن ما حدث والتزم الصمت دون أن يوضح الطريقة التي دخل بها السفير الى صنعاء وسط اتهامات بوجود صفقة ضمنية بين التحالف وطهران.

ومعلوم أن السعودية فتحت قنوات اتصال مع طهران والحوثيين نهاية العام الماضي وكشف مصدر دبلوماسي سعودي في وقت سابق لفرانس برس أن الرياض لم تقطع اتصالاتها بالحوثيين منذ 2016 عبر قنوات خلفية.

كما أن علاقة طهران وابوظبي شهدت تطورا وزيارات متبادلة عسكرية وأمنية عقب تفجير ناقلة نفط قبالة سواحل الإمارات في أغسطس 2019.

"ضربة معلم" في وجه التحالف

بدوره، قال الباحث اليمني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، علي الذهب، إن "التحالف سيظل يصنع كل ما من شأنه إطالة أمد الحرب، لأن الهدف ليس إعادة الشرعية، بل تهيئة الأوضاع ليستبب له تنفيذ أجندات أطرافه، وخلق أراجوزات حاكمة قابلة للإزالة في أي وقت".

وأشار إلى ان التحالف يسيطر على جميع منافذ البلاد والحكومة والرئاسة اليمنية " وفي حركة أراجوزات المجلس الانتقالي (مدعوم من الإمارات)".

وأضاف في تغريدة عبر تويتر "لذلك من الطبيعي أن يصل سفير إيران لدى الحوثي إلى صنعاء، وبرعاية أمريكية مرتبطة بصفقة إطلاق محتجزين أمريكان".

ووصف الصحفي الخطاب الروحاني ، وصول السفير الإيراني بـ "ضربة معلم".

وقال: "منعوا الرئيس ونائبه من العودة إلى عدن (يقصد التحالف) وسمحوا للسفير الإيراني".

واشار إلى أن التحالف "سلم سقطرى للإنفصاليين خوفا من تركيا، وقبلها منع سلاح نوعي للجيش الوطني خوفا من تسربه ليد غير آمنة وتسليم مئات القطع منه لياسر العواضي الذي بدوره تركه ليد آمنة جدا".

وأردف ساخرًا: "لا شك أن هذا الدهاء سيدرس يوما".

من جانبه، ألمح وزير الدولة ومحافظ صنعاء المعين من الحكومة الشرعية، عبدالغني جميل، إلى مسؤولية التحالف عن إدخال السفير الإيراني إلى صنعاء.

وكتب جميل على تويتر : "باختصار شديد من أوصل السفير الإيراني الى صنعاء هو نفسه من أوصل السلاح للحوثي تحاولوا تغالطوا انفسكم هذه مشكلتكم مش مشكله الآخرين" .

لكن سفير اليمن في اليونسكو، محمد جميح، كان له وجهة نظر أخرى، حول السفير الإيراني واعتبر وجوده في صنعاء بأنه "لا يقدم ولا يؤخر في ظل وجود الدعم العسكري" حد قوله.

واضاف في تغريدة على حسابه بموقع تويتر: "المهم هو تغيير الوضع الميداني لصالح الجيش، وعندها سنتحدث عن دخول غير شرعي لشخص أجنبي إلى البلاد".

وقال محللون للحرف 28 إن هذا التطور جاء "في وقت يتم فيه استقبال رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي كرئيس دولة في الرياض حيث حضر إحدى الفعاليات وإلى جواره علم الإنفصال وطالب ضباط سعوديون من الحضور تأدية التحية للرئيس عيدروس".

وأشاروا الى التحركات الدبلوماسية للزبيدي في الرياض وإطلاق التصريحات المطالبة بالإنفصال من العاصمة السعودية واقامة دولة الحنوب العربي وهو مشروع تمزيقي للجنوب يسعى لاقامة دويلات السلطنات في الجنوب وتمزيق اليمن الى كنتونات صغيرة بدعم التحالف.

وقال آخرون إن" طهران تتابع عن كثب التحركات السعودية والاماراتية في الجنوب وقد استفادت بالتأكيد من هذه الأجندة وربما هناك تفاهمات سرية للبدء بالتقسيم".

وأضافوا إن" التحالف عمل طيلة الفترة الماضية على منع الرئيس من العودة الى عدن ودعمت الامارات بتواطؤ السعودية انقلاب ثاني ضد الرئيس في 10 اغسطس بعدن".

وقال أحد المعلقين السياسيين في تصريح للحرف 28 إن" السفير وصل عبر مسقط، وعمان لا تفعل ذلك بالتأكيد من تلقاء نفسها فبريطانيا تملك نفوذا كبيرا هناك والأجواء مغلقة سعوديا، ما يعني أن هناك تنسيقا جرى تحت بصر الأمم المتحدة، من أجل وصول السفير الإيراني بين مختلف هذه الأطراف".

وأعاد التذكير بالدعوة البريطانية عبر السفير مايكل آرون للسعودية بالتعامل مع الحوثيين، كما فعلت مع أسلافهم في المملكة المتوكلية اثناء حكم بيت حميد الدين.

وقال " ليس هناك أمور تحدث في هذا الملف المعقد بالصدفة .. هناك ما يجري تحت الطاولة وفوقها".

وحذر من إستمرار ما وصفه الأداء الهزيل للرئيس وطاقم الشرعية قائلا : أخشى أن الشرعية تحتضر .. لقد كانوا ينتظرون من السعودية إعادتهم الى صنعاء فطردتهم من عدن .. ومع ذلك واصلوا ترك كل شيئ يمضي بالطريقة التي تراها السعودية.. اعتقد انه لم يعد أحد يكترث بهم ".

ومنذ 2014 يشهد اليمن حرباً بين القوات الحكومية المدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية من جهة، وبين المسلحين الحوثيين المدعومين من إيران من جهة أخرى، وسط اتهامات واسعة للتحالف بحرف مسار المعركة وتنفيذ اجندة خاصة خدمة لأطماع قادته الأساسيين ، وهما الإمارات والسعودية، قوضت الشرعية وأنشأت مليشيات مسلحة موالية لها على حساب الجيش وإستعادة الدولة.

وفي الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو ست سنوات، قتل 12 ألف مدنيًا بينهم مئات الأطفال والنساء وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وبالإضافة إلى الضحايا، لا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج أكثر من ثلثي السكان الى المساعدات الإنسانية، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حاليا.


Create Account



Log In Your Account