في الذكرى 30 لميلاد حزب الإصلاح
الثلاثاء 15 سبتمبر ,2020 الساعة: 05:28 مساءً

تأسس حزب الاصلاح بعد قيام الوحدة اليمنية مباشرة 13/91990، وكما قال رئيسه في مذكراته أنه جاء بناء على طلب الرئيس صالح لمواجهة الاشتراكي ومفاجآت الوحدة.

وقد انضوى فيه تيار إسلامي، وتيار قبلي، وتيار عسكري، وقد جاء بنظامه الأساسي وبمادته الأولى :

أن الإصلاح تنظيم سياسي يسعى للإصلاح بجميع جوانب الحياة على أساس مبادئ الاسلام، وبالتالي شكل التجمع اليمني للإصلاح الغطاء السياسي والقانوني للمنضوين تحت لوائه ، ومن خلاله مارس الجميع نشاطه وأهدافه.

فتم مواجهة الحزب الاشتراكي بالعديد من المواقف وخاصة بالانتخابات، إذ تم سحب البساط من تحت أقدامه، بالانتخابات، أولا، ثم إخراجه من السلطة نهائيا بحرب صيف 1994وبصورة أضعفت الحياة السياسية بعد ذلك.

حاولت القبيلة ممثلة بالشيخ الأحمر الاستفادة بعد ذلك من الخطاب السياسي للإخوان، وقدرات كوادره لإنتاج المشاريع البرامجية التي تمده بالبقاء وتسويقه بطول البلاد وعرضها، وبنفس الوقت كان الإخوان بحاجة للإحتماء والشعور بالأمان في ليل السياسة المتقلب.

وبمرور الوقت، قدم الاصلاح نفسه أنه حزب سياسي يقبل فكرة النظام التعددي وأنه نموذج متقدم للحركات الاسلامية ولم يأتي من الفراغ، وانما كان شريكا من الباطن للسلطة مع الرئيس السابق علي صالح من أواخر سبعينيات القرن المنصرم، فقام بكل سهولة بتوسيع قاعدته وحظي بحضور جغرافي وفتح مكاتب ومقرات بعموم مدن اليمن وبمدة وجيزة.

واستطاع أن يحسم بعض قضاياه الخلافية عبر أطره التنظيمية وفي ٢٠ سنة الأولى من عمره عقد ٤ مؤتمرات عامه آخرها كان في ٢٠٠٩ م ورغم تلك الدورات إلا أنها لم تحدث تغييرا كبيرا بقيادته العليا.

خلال ٢٠ عام من مسيرته الأولى، كان رديفا للنظام ولم يكن متقاطعا معه، ظهر ذلك جليا في كثير من المواقف أبرزها في الانتخابات الرئاسية 1999و كان مرشحه علي عبدالله صالح وقبل أنن يختاره المؤتمر الشعبي حزب الرئيس صالح!

وينطبق على التجمع اليمني للإصلاح أنه كان حزب احتجاجي في بعض ممارساته وحزب سلطوي بتصرفاته الأخرى، ولا تزال تلك الحالة تؤثر عليه حتى الآن. نموذج ذلك واضح اليوم في ممارساته في تعز، فهو يريد السلطة ويريد أن يكون معارضا في آن واحد.

شكل المؤتمر والاصلاح في 1994 قلعة قوية لليمن ضد إرادة الخليج الراغبة بانفصال اليمن وتمزيقه، لموقفه بأزمة الخليج الأولى، فخاضت اليمن حربا ضروسا داخليا وخارجيا بكل المستويات ولم تحقق بعض دول الخليج مبتغاها رغم أموالها وحضورها الدولي، وإنما كان النصر لإرادة الشعب اليمني، وبعد 2011 تغير المشهد وتم إختراق المؤتمر والإصلاح، القوة التي كانت تشكل المادة الاسمنتية للوحدة اليمنية.

الرسالة الموجهة للإصلاح بمرور ٣٠ عام لتأسيسه:

لاشك أن للأحزاب أهمية كبرى خاصة بعد إسقاط الأنظمة العربية ولم يعد المستهدف فقط الجيش والمؤسسات الوطنية، بل أصبح المستهدف المواطن نفسه ومباشرة وهو ما يعزز من أهمية وجود الأحزاب وأن تجري مراجعات لكي تظل قوية، للقيام بدورها من توعية وتجنيد وتجييش المشاعر وتجميع المصالح.

بالأمس تم سحق الاشتراكي واليوم تتم محاولة سحق بقية القوى وللأسف أحزاب اليوم تساعد على ذلك بجهلها، وهو ما يدعو لطرح سؤال هام وخطير: من يصنع سياسة الأحزب اليوم؟

 

بعد ذلك ننتقل الى سؤال آخر وهام:

كيف يمكن لنا تقييم أي حزب؟

أو كيف يمكن لأبناء أي حزب إجراء عملية مراجعة لمعرفة هل حققوا النجاح أم اخفقوا بتحقيق الأهداف؟

الاجابة صعبة، وتحتاج لعقلية (الكونكويستاردور) المحارب الشجاع والنبيل الذي يعترف بالخطأ قبل أن يعلن الصواب.

ولن يتم ذلك إلا بمجموعة من الإجراءات الداخلية والتي تسمح لمختلف وجهات النظر أن تعبر عن نفسها بكل حرية وذلك من خلال دراسة إعادة النظر في :

- الإيديولوجيا الحزبية، ومدى تطابقها مع الواقع.

- مدى تماسك الكادر.

- الجانب المالي.

- مساحة الديمقراطية الداخلية.

- إيمانه بحق الآخرين في الحياة.

ومن باب التسهيل والتقريب يمكن أن نأخذ بعض تلك النقاط إلى معمل الفحص والتجربة وليكن عنصر (الكادر) كنموذج لذلك:

- الكادر :

يتشكل أي حزب من أفراد هم من يقودون الحزب ويخططون ويطمحون للوصول للسلطة ويطبقون برامج الحزب الوطنية.

وكلما كان الكادر متماسك ويؤمن بنفس الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها الحزب وكان الاختلاف بالتفاصيل كلما كان فرصة بقائه ونجاحه أكبر وأقوى على مواجهة الأحداث.

كانت هذه النقطة مصدر ضعف أكثر منها نقطة قوة بالنسبة لحزب الاصلاح، فقد تأسس وهو يضم خليط من الأفكار والرغبات ورغم أن المكون الرئيسي له (الاخوان ) إلا أن الملاحظ أن التيار القبلي والعسكري كانا الأبرز في التعاطي السياسي وعقد التحالفات في حين أن شخصياته الكبيرة التي كان لها وزنها، لم يكن لها حضور كبير رغم أنها هي المحرك الرئيسي في مجال الدعوة والتنظيم.

نجد ذلك الإشكال بتصريح الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس التجمع اليمني للإصلاح الراحل من أن القبيلة تمشي بالمقدمة والحزب يمشي على إيقاع القبيلة، ورغم محاولة الحزب قلب تلك المعادلة إلا أن القبيلة ظلت بالمقدمة.

إن اختلاف الأهداف عند الأعضاء، يعكس نفسه في طريقة فهم واتخاذ القرارات الكبرى، فحين رشح الإصلاح الراحل بن شملان للإنتخابات الرئاسية كان رئيس التجمع اليمني للإصلاح يعلن تأييده وترشيحه بإختيار مرشح المؤتمر الشعبي العام!

الأحزاب في الألفية الثالثة:

الأحزاب اليمنية والعربية، أحزاب ثقافية دخلت القرن الواحد والعشرين وهي تحمل إرث الواقع السياسي والاجتماعي للقرن المنصرم ولم تغير من فكرها وعقلياتها عكس الأحزاب الغربية التي جاءت معبرة عن واقع طبقي و صناعي :

( اسأل أي مواطن أمريكي أو فرنسي ماذا يعني الإنتماء لحزب فسيرد عليك مستغربا ماذا تعني بكلمة الإنتماء؟)

الإنتماء لديهم للأمة الامريكية والإنتماء للحزب يكون فقط بالتأييد للحزب بحضور (النخبة فقط) لإجتماع، أو مناقشة قرار، أو تسجيل المؤيدين لأبنائهم في نادي تابع للحزب.

في الغرب يستطيع الأفراد مناصرة أي مرشح، حتى لو كان من غير حزبه، وفي أمريكا البطاقة الحزبية ليست أكثر من فاتورة تبين مساهمة العضو فقط.

ولو انتقلنا إلى الصين، وسألت أي صيني نفس السؤال إن كان ينتمي الى حزب سياسي، فسيندهش لمجرد الإعتقاد بأن هناك أكثر من حزب يمكن الانتماء إليه).

ورغم ذلك، فالحزب الشيوعي الصيني يدخل الألفية الثالثة وهو يقدم نموذج جديد لمفهوم الحزب والذي يعمل وفق (نظرية القط) والتي تفيد أنه ليس مهما لون القط، إنما المهم أن يأكل الفئران.

الحزب (الشيوعي) اليوم يقود دولة رأسمالية هي الأولى في العالم رغم شيوعيته وإدارته المركزية للدولة، لم ينخدع بالنظرية الليبرالية الأمريكية لكنه غير بعضا من أفكاره ووسائله بما يتناسب مع مصالح الأمة الصينية ومع أصالته وعاداته.

بينما نحن لا نزال نعيش ظاهرة التحزب على حساب الظاهرة الحزبية والولاء المطلق للحزب ونعيش الخطف والخطف المضاد، فالأحزاب تقوم بخطف القبيلة والقبيلة بعد ذلك تخطف الحزب، ليرث الوطن منهما أسوأ ما في الإثنين الثأر القبلي والعنف السياسي الذي دمر البلدان، لتنتهي حياتنا بحالة من التشرذم والانشطارات للأوطان والأحزاب وفي هذا يقول الملك الحسن الثاني:

إذا كان بالإمكان اليوم لجراحة أن تحقق نتائج خارقة كزرع الأعضاء وإعادة المبتور منها فإنه من المستحيل لم شتات حزب أو وطن وقع فيه انشقاق وتشظى.


Create Account



Log In Your Account