بوابة الهاوية تصنع في السودان
الأربعاء 09 سبتمبر ,2020 الساعة: 08:33 مساءً

حال السودان محزن حد الكآبة والبكاء الفاقد للحيلة.

منذ يومين حاولت أن أكتب وعجزت، أكاد أختنق من القهر، ليس من أجل الكوارث الطبيعية، فهي من سنن الحياة تأتي وتذهب، لكن من موقف تجاهل الأشقاء، إلى موقف المجتمع الدولي الذي مازال يتشدق بقيم الإنسانية.

موقف النظام العربي أقل ما يقال عنه عيب ومخزي، تجاوز الفضيحة بسنوات ضوئية لصالح الغيبوبة العارية و السيولة الذائبة في فراغ الحدائق الخلفية للغرباء.

موقف المجتمع الدولي هو الآخر مثل " عار " في جبين الإنسانية بعناوين عريضة للظلم والنفاق والتوحش.

صور تجمع الكأبة والحزن والعجز الفاضح للشعوب مع الفضيحة العارية والظلم والنفاق عربيا وعالميا.

هنا لامجال للتحدث عن القسوة، وغياب الرحمة.

إنها معاني مجتمعة في صورة الكارثة السودانية، حيث يظهر الجميع في حالة تجاهل غير مسبوق من القريب والبعيد لتؤكد حقيقة واحدة سوداء غليظة وشديدة الوحشة والتوحش.

تعطي عنوان للأمة المنحطة والإنسانية المتوحشة التي تفوق توحشا السباع والوحوش الضارية غير ان الوحوش لا تنافق.

أرض السودان وناسها وجدوا أنفسهم وحدهم غرباء، في فضاء واسع مكتظ بالإنسان المتوحش والحقير و لسان حالهم :

عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى

وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ

تبرز الإنسانية هنا بأظلافها ومخالبها....

إنسانية متآكلة من الداخل تحكم على نفسها بالفناء.

فالإنسانية قيم اجتماعية، فإذا غابت غاب السياج الحامي للبشرية، وانكشفت للتدحرج نحو الهلاك؛

الهلاك ليس بعيدا له سنن وأسباب وتجارب الأمم البشرية ماثلة العبرة وظاهرة الدروس لمن كان له قلب.

كما أن للهلاك صور شتى، وأبرزها تعميم المصائب وتزاحمها، لتصيب الجميع، ويخر السقف على الجميع، و هنا تتحقق العدالة التي تنكر لها الإنسان، فللمصائب النازلة أشكال من أشكال العدالة ولا تأتي منفصلة الأسباب ابدا.

حروب، أمراض، كوارث ظاهرة وباطنة، فيروسات لا ترحم مثل (كورونا)التي تشبه إنسانية هذا الزمان لكنها خالية من النفاق والإنتقاء على أساس اللون أو الجنس أو الدين أو الفقر والثراء.

إن انعدام الحد الأدنى من القيم الإنسانية، لصالح التوحش العام والنفاق المتفشي، يمثل صناعة لبوابة الهاوية وانقراض البشرية ما لم تتدارك نفسها بيقظة ضمير وثورة روح.

لقد انقرضت أمما بشرية بما صنعوا وذلك عندما يفيض الظلم وتنتفش الحقارة وتهيج لتغطي على كل شيئ.

أتحدث عن الإنسانية عموما، أما العرب فالظاهر أنهم دخلوا سرداب الفناء الحضاري والإنقراض، لصالح الخصوم والغرباء بأرجلهم وأسنانهم وأظافرهم ،كغلمان، ترتمي تحت أقدام الأعداء وسيوفهم تضرب ذواتهم بلا رحمة أو شفقة ناهيك عن التراحم البيني المفقود ...

نحن في عصر الانتحار الأعظم عربيا.

والتوحش الإنساني عموما.

...

إن سنن الارض ونواميس السماء حتما ستمضي على الجميع بأشكال مختارة ومتعددة، وإذا لم تحدث مراجعة للضمير الإنساني لإيقاف التوحش والنفاق، فإن الصبح على مسافة السكة.

(اليس الصبح بقريب )


Create Account



Log In Your Account