الحرف 28 يرصد تطورات المعارك في مأرب ومحيطها وماذا وراء تجميد بقية الجبهات .. استماتة حوثية وفاء لجريفيث باسقاط المحافظة والتحالف يرعى حرب استنزاف الجيش والقبائل
الأحد 06 سبتمبر ,2020 الساعة: 10:23 مساءً
الحرف 28 - تقرير خاص

تحتدم المعارك في محافظات الجوف البيضاء مأرب لصد أكبر هجوم حوثي على محافظة مأرب منذ الانقلاب.

وتتمحور جبهات القتال في عدد من المناطق جميعها تحيط بمحافظة مأرب  تتوزع على 3 محافظات

في الجبهة الشمالية الشرقية لمأرب، تشن مليشيا الحوثي هجمات مكثفة انطلاقا من الحزم عاصمة محافظة الجوف للوصول إلى معسكر الرويك شرقي مأرب، و منشآت حقل صافر النفطية، وقطع خط الإمداد بين مأرب المدينة والعبر وحضرموت الوادي، كما تهدف إلى الوصول إلى منفذ الوديعة ووادي حضرموت.

بحسب معلومات خاصة فإن مليشيا الحوثي تعهدت لمارتن غريفيث بالسيطرة على وادي حضرموت وهو الوعيد الذي حمله المبعوث الأممي في زيارة له قبل أشهر إلى المحافظة حيث أبلغهم بالتهديد الحوثي كرسول للمليشيا يرقب عن كثب ما سيسفر عنه انقشاع غبار المعركة.

ويتركز القتال في جبهات المحور الشمالي بالنضود والعلم الأبيض والأسود وجبل الصبايغ عرفان وقرن الكدادي ومختم الحبيل وقرون الهناديه وجبال الصبايغ وجبل عرفان والتحمت قوات محور العلم مع محور الريان، وتدور المعارك الشرسة هناك منذ سقوط الحزم قبل خمسة أشهر.

وشهدت خلال الأسابيع الأخيرة أعنف المعارك قتل على إثرها قادة كبار من مليشيا الحوثي بينهم من عملوا مع عبدالملك الحوثي في حراسته الشخصية مثل القدمي والمغربي من حجة، وقد جرى تشييع هؤلاء الأسبوع الماضي.

كما قتل خلال تلك المعارك قادة من المؤسسين لمليشيا الحوثي أحدهم يسمى روح الله مصلح والآخر دحوة، وكانا يقودان مناطق عسكرية عند مليشيا الحوثي، وتم تشييعهم هم أيضا مليشيا الأسبوع الماضي في صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الموالية لإيران.

كما ارتقي في تلك المعارك في الجانب الآخر شهداء من قادة الجيش الوطني بينهم قادة ألوية ومشايخ وضباط كبار، وشارك فيها طيران التحالف وفقا للمركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية.

في هذه الجبهة يتأرجح زمام المبادرة بين الطرفين، إلا أن قوات الجيش بقيادة أمين الوائلي القائم بأعمال المنطقة العسكرية السادسة تحدث عن هجوم ناجح ومباغت وملتف على مليشيا الحوثي، سيطر خلاله على جبال حويشان شرق معسكر اللبنات، وهو تحول مهم في مسار المعركة في هذه الجبهة التي كانت مليشيا الحوثي تعول عليها لإسقاط مأرب ووادي حضرموت.

واشتدت وطأة المعارك على مليشيا الحوثي من حيث الخسائر البشرية في معركتها المستميتة لتحقيق انجاز عسكري في مأرب، وقد بلغت خسائرها اليومية لعناصرها ما بين 60 إلى 150 صريعا، هي من يعترف بسقوطهم، بينهم كبار القادة من مؤسسي مليشيا الحوثي.

في الجانب الآخر كان سلطان العرادة محافظ مأرب وكبار قبائل المحافظة على رأسها قبيلة مراد التي يحاول الحوثي الإيحاء بإبرام تسويات معها، تعهدوا بالانتصار الساحق على مليشيا الحوثي في المحافظة.

أما في الجبهة الغربية الجنوبية لمأرب عند مديرتي ماهلية ورحبة فقد كانت هذه مجريات المعارك التي دارت رحاها على تلك الرقعة الجغرافية:

شنت مليشيا الحوثي هجوما كبيرا على مأرب من جبهة ماهلية المتاخمة لقانية في البيضاء.

وبحسب خبراء عسكريين فإن مليشيا الحوثي اعتمدت استراتيجية الهجوم الشامل لاختراق مأرب من أي جبهة تمكنها من التقدم السريع نحو المحافظة، بعد مافشلت كل محاولاتها في التقدم من محور صرواح وهيلان.

وفي جبهة ماهلية يتصاعد القتال ويحتدم مع تقدم حوثي محدود وبطيء في المديرية ذات الطبيعة شبه الجبلية حيث تقول مليشيا الحوثي إنها بعد هجوم استمر أسابيع تمكنت من الوصول إلى مركز المديرية في منطقة تسمى العمود، بينما يقول الجيش والمقاومة الشعبية من قبيلة مراد إن المعارك مستمرة وإنهم أوقفوا التقدم الحوثي في المديرية.

وتؤكد مصادر الجيش أنهم قتلوا من مليشيا الحوثي العشرات بينهم على المنصوري محافظ البيضاء الذي أصيب بمعارك في مأرب ونقلته الأمم المتحدة إلى الخارج للعلاج وفقا لآلية تهريب سرية بين الطرفين، وتداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي برقية بينهما بهذا الشأن.

كما قتل في هذه الجبهة قيادات كبيرة يقودون ألوية عسكرية حوثية في هذه المناطق، وتحدثت مصادر قبلية في مأرب عن أسر القيادي الحوثي ناصر الوهبي الذي يعمل وكيلا لمحافظة البيضاء لدى مليشيا الحوثي.

وبحسب مصادر قبلية فإن مليشيا الحوثي تهدف في هذه الجبهات إلى الانتقام من قبائل مراد، ومن القرادعة والشدادي وغيرهم لأبعاد دينية وطائفية ولما تمثله مراد وأبناؤها من دور مهم في مقارعة الإمامة تاريخيا.

أما في مديرية رحبة وهي جبهة جديدة لم تشتعل خلال السنوات الماضية، فقد عمدت مليشيا الحوثي إلى فتحها مؤخرا باعتبارها منطقة لم تكن فيها معسكرات أو جبهات عسكرية وأملت من خلالها التقدم السريع من بين قيفة ورحبة للوصول إلى قبائل القرادعة المرادية ومنزل الشيخ المناضل القردعي الذي قتل الهالك يحيى حميد الدين الحوثي منتصف القرن الماضي ليطلق شرارة ثورة 1948م.

وتركز القبائل في مديرية رحبة بالمشيريف ووادي اللب والأقرع وهي مناطق واقعة بين قيفة وبلاد مراد، وتتكون من تلال وأودية.

وتقول مصادر عسكرية وقبلية إن القتال المحتدم في هذه الجبهات منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لم يسفر عن أي تغير في خريطة السيطرة على الأرض، واستطاعت المقاومة القبلية (غالبا ما يكون أبناء القبائل منتسبين للجيش) تدمير وقتل كل المتسللين الذين ترسلهم المليشيا الحوثية تباعا إلى المنطقة.

وآخر تلك التسللات التي نفذتها المليشيا كانت إلى رأس ملاحة ووادي اللب ولقرع، وتقول مصادر قبلية إن الجيش صدهم ثم طردهم منها وطهرها بشكل كامل.

ويقول حساب خرائط الشرق الأوسط إن الهدف العسكري من القتال في مديرية الرحبة هو التقدم إلى خط البيضاء مأرب.

في الجبهات الغربية: صرواح، المخدرة ومدغل

منذ سقوط نهم ومفرق الجوف مأرب في أواخر يناير من العام الجاري، شهدت محاور القتال في مديريات مجزر ومدغل وصرواح ونجد العتق بنهم جمودا إلى حد معين.

وعاودت مليشيا الحوثي هجماتها للاقتراب من معسكر ماس أقصى غرب مأرب، إلا أن كل المحاولات فشلت في إحداث أي اختراق.

وفي الأسابيع الأخيرة حاولت مليشيا الحوثي فتح جبهة جديدة باتجاه مديرية مدغل غربي مأرب شمال صرواح، ونجحت في تحقيق تقدم وصفه المقاتلون بأنه محدود، وفق مصادر محلية، لكن القتال فيها لم يتوقف .

ويقول قادة عسكريون وخبراء إن الجيش استعاد زمام المبادرة في هذه الجبهة وجبهات أخرى، ويدللون على ذلك بالهجوم الكبير بقيادة أمين الوائلي بين مأرب والجوف في مديرية خب والشعف والتقدم الذي أحرزه الجيش هناك باقترابه من معسكر اللبنات والخنجر في صحراء الجوف.

وخسر الجيش اليمني والمقاومة الشعبية في المعارك الأخيرة نائب قائد قوة الإسناد في المنطقة العسكرية السابعة بالجيش اليمني الشيخ ربيش وهبان العليي أثناء قيادته هجوما كبيرا باتجاه المخدرة بين مدغل وصرواح.

ويقول الجيش إنه تمكن من استعادة المناطق التي كانت قد سقطت بيد مليشيا الحوثي في جبهات المخدرة، وهي جبهة مشتعلة منذ ست سنوات.

خسائر بشرية باهظة

بحسب إعلام الحوثي فإن 3500 فرد من عناصرهم سقطوا قتلى وجرحى، وهذه الأعداد جرى رُصدها في إعلام الحوثيين وأخبار تشييع قتلاهم.

ومن مسجد الصالح في صنعاء وحده شيع الحوثيون أكثر من 320 قتيلا جلهم من كبار قادة مليشيا الحوثي، كما شيعوا في صعدة وعمران وذمار والحديدة والبيضاء أكثر من 800 قتيل آخر.

ووقع عشرات الأسرى في عدة هجمات بماهلية ورحبة ومدغل وخب والشعف.

حرب الشائعات

لم تكن الحرب عسكرية فقط، فقد لجأت مليشيا الحوثي إلى حرب الشائعات لإحداث اختراقات اجتماعية وقبلية، وشراء ولاءات.

وقال سلطان العرادة إن المليشيا حاولت فعلا شراء ذمم وولاءات لعبور ما تسميه المليشيا الخط الأسود وهي خطة حوثية قديمة تقضي بالسماح لعناصرها بالمرور من أراضي القبائل ريثما تنتصر على خصومها ثم تعود للتنكيل بتلك القبائل.

لكن المحافظ العرادة قال إن مجموعة ممن استلموا أموالا هبوا للدفاع عن مأرب وقتل بعضهم في تلك المعارك.

ولجأت المليشيا إلى تسريب ورقة مزورة أخرى عن اتفاق بينها وبين قبائل مراد للسماح بالمرور عبر مناطق قبائل أبو عشة، لكنها ما لبثت أن تفاجأت بأحد المشايخ من الأسر التي زعمت التوقيع معها يقاتل ضدها حتى استشهد في مواجهتها وهو الشيخ: صالح ناصر أبو عشة المرادي.


التحالف يقصف الجيش في صرواح ويتغيب بالأباتشي عن حشود الحوثيين في الصحاري

في خضم أكبر حملة حوثية منذ إسقاط صنعاء، قالت مصادر عسكرية في الجيش اليمني إن مقاتلات التحالف شنت غارات على موقع للجيش في صرواح أسفرت عن استشهاد وجرح عدد من الجنود.


بحسب مصدر عسكري فإن الجيش تكتم على الخبر حتى لا تتأثر بقية الجبهات العسكرية، في ظل مايشبه ازمة صامتة تدور رحاها بين رغبات سعودية ومساعي دولية لخلق أرضية تسوية تجعل من الحوثيين الرقم الأبرز في معادلة الحرب ومستقبل اليمن.

يقول خبراء عسكريون إن بإمكان الطيران سحق جميع مليشيات الحوثي وتدميرها في محور العلمين والنضود والصبائغ كون المنطقة صحراوية وتستطيع طائرات الأباتشي مراقبة وقصف الحشود والآليات في تلك الجبهة ببساطة، لخلوها من الأودية والجبال.

لكن الأمر الذي ظل يثير أسئلة اليمنيين ويشكك في اهداف الحرب هو وقف الحرب في جميع جبهات مواجهة الحوثي وتجميد الجبهات في الوقت الذي يسمح للحوثي بخوض معاركه بالتجزئة والإنفراد بالجبهة تلو الأخرى.

تقول مصادر عسكرية إن قرار تحريك الجبهات بيد السعودية حصرا، وكشف النقاب مؤخرا عن وثيقة تؤكد بأن قائد القوات المشتركة السابق فهد بن تركي منح صلاحيات جعلت من قراراته بمقام قرارات صادرة عن رئيس الجمهورية.

غير أن السؤال يظل: ما دور قيادة الشرعية و القيادات العسكرية اليمنية في وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان في تمرير المشاريع السعودية؟

تشير كل هذه المعطيات إلى أن استمرار تلك الاشتباكات والمواجهات مركزة على مأرب يعني عسكريا أن الطيران ليس له دور فعال في حسم هذه المعركة، وهو ما يخفي إرادة سياسية تعمل على الأرض لاستنزاف الجيش اليمني والتخلص من أبرز قادته الميدانيين وكبار رجال القبائل الذين قد يشكلون عائقا أمام مخططات التحالف في اليمن.

ونهاية العام الماضي قال محلل عسكري سعودي إن اتفاق الرياض الذي ابرمته السعودية بين المجلس الإنتقالي المدعوم من الامارات والحكومة عقب الانقلاب الذي دعمته الإمارات بتواطؤ سعودي في 10 أغسطس الماضي، يهدف الى تسريح كامل للجيش الوطني اليمني.

وتفصح التصريحات وإن جاءت على لسان عميد متقاعد في الجيش السعودي، عن رغبة سعودية إماراتية في اعادة بناء منظومة الشرعية بتمكين أذرع موالية وتابعة بشكل كامل تمهد لوضع هيمنة شاملة تعيد صياغة اليمن وفقا لرؤية سعودية اماراتية تتخادم مع إسرائيل وتلبي رغبة ومصالح إيران أيضا.

وتشير معطيات معركة مأرب الى استراتيجية راسخة للتحالف منذ العام الثاني للحرب إذ يرعى حرب استنزاف للجيش ويسعى لتمرير اجندته الخاصة في الجنوب واعادة تشكيل مناطق الشرعية في الشمال في ظل تفاهمات دولية تبقي الحوثيين طرفا مهيمنا، وهو ما سبق للسفير البريطاني التصريح به وحث السعودية على استدعاء تجربتها السابقة في دعم اسلاف الحوثيين من القوى الإمامية بعد ثورة سبتمبر 1962م.

وفي ظل هذه اللعبة تواصل المسميات الرسمية للشرعية الحديث عن تحالف "دعم الشرعية" وعلى نحو شبه يومي يجري الحديث عن غارات للطيران بعضها تفصح عن قصف طقم عسكري للحوثيين او عربة مدرعة.

والمؤكد أن قيادات الحوثيين وارتال تعزيزاته تمخر الصحاري وتتنقل بأريحية في الجبهات وتصل إلى وجهتها دون أن تقترب منها طائرات تحالف " سحل الشرعية" كما يفضل بعض الصحفيين اليمنيين تسميته.


Create Account



Log In Your Account