الحوثيون  ينهبون كل شيء والشرعية تنام في العسل.. كيف مارس التحالف الخنق الإقتصادي المدبر للسيطرة على البلاد وضرب سعر العملة؟
الخميس 03 سبتمبر ,2020 الساعة: 08:04 مساءً
الحرف 28- خاص

مجددًا، تهاوت قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية لأدنى مستوى في تاريخه دون حلول تلوح في الأفق لوقف تلك الكارثة، بينما الحكومة لاتزال الحكومة الشرعية تلتزم الصمت حيال الأزمة، وسط اتهامات للتحالف بالتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد.

وتجاوز الدولار الواحد حاجز 800 ريال، بينما تجاوز صرف الريال السعودي 210 ريالات.

التراجع الذي أصاب العملة الوطنية، انعكس على الأسواق التي ارتفعت فيها السلع والمواد الاستهلاكية، الأمر الذي تسبب في حالة من الخوف لدى المواطنين من خروج الوضع عن السيطرة.

وتعود بداية أزمة الريال اليمني إلى انقلاب مليشيا الحوثي وصالح على السلطة، بدعم إماراتي وتوطؤ سعودي في سبتمبر 2014، ونهبها احتياطي النقد الأجنبي، البالغ 4.25 مليارات دولار أمريكي، قبل أن يقرّ الرئيس، عبد ربه منصور هادي، نقل البنك إلى عدن، في سبتمبر 2016.

وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن عمل البنك المركزي برأسين الأول في عدن، مع بقاء بنك صنعاء تحت إدارة الحوثيين، أدى إلى اختلال واضح في إدارة السياسة النقدية والمصرفية التي تتحكم بسوق العملات في كلا الجانبين.

لكن السبب الأهم الذي جعل البلاد رهن انهيار اقتصادي مدبر هي الحرب وانتهاج التحالف سياسة حرمان اليمنيين من مواردهم وإبقائهم بانتظار المساعدات التي تذهب معظمها في مايشبه الرشى للمنظمات الدولية .


وشدد  التحالف قبضته على المنشآت النفطية والغازية الحيوية في البلاد ومنع استئناف تصدير معظم كميات النفط والمنع التام لتصدير الغاز وهو ما حرم البلاد من خمسة مليارات دولار سنويا على الاقل كانت ستسهم في الحد من انهيار العملة وتوفير كميات من العملة الصعبة لسد حاجة التجارة الخارجية في قطاع الإستيراد.


يرجع محللون سياسة التحالف الى رغبة في خنق البلاد وفرض اجندة السعودية والإمارات ومن خلفهم قوى كبرى  في ظل خضوع مطلق من قبل السلطة الشرعية للهيمنة السعودية وسيطرة شبه تامة للإمارات على جميع الموانئ والمطارات فضلا عن نهب منظم للثروات البحرية.

وتتكشف الأمور شيئا فشيئا عقب تحول العلاقة السرية التي تربط بين الإمارات وإسرائيل منذ سنوات الى العلن، ليبدو الإنهاك الإقتصادي المدبر لليمنيين واحدا من أهداف إحكام السيطرة على بلادهم وتقديم بلادهم ثمنا للعلاقات الآثمة بين ابوظبي وتل ابيب وعلاقة العاصمتين بالرياض التي ترتبط بعلاقة سرية مع تل ابيب مع استمرار الحوثيين الموالين لإيران في نهب موارد البلاد في الضفة الأخرى وصولا الى مصادرة أملاكهم الخاصة.

ومع بلوغ أسعار العملة الأجنبية في السوق حدا قياسيا غير مسبوق يسري غضب شعبي  في الشارع اليمني يبدو انه لن يتوقف عند نقطة، فكما اشتعل الغضب في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية والتحالف، خرج الناس عن صمتهم في بعض مناطق الحوثيين رغم قبضتهم الأمنية الخانقة.

غضب شعبي

وتعبيرا عن الغضب الشعبي شهدت مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية خلال الأيام الماضية احتجاجات غاضبة، في حين أعلن بعض التجار الإضراب عن العمل تندد بتدهور الريال.

في السياق، أطلق مواطنون وناشطون يمنيون، حملة إلكترونية واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بوضع حلول سريعة للتراجع المريع للعملة.

الحملة التي انطلقت مساء أمس الأربعاء، حملت هاشتاج #انهيارالعملهيقتل_اليمنيين، تفاعل معها مئات المدونين على موقع تويتر.

فقالت بنت الحالمة إن "فيروس الجوع في اليمن أشد خطرا من فيروس كورونا لأنه لا يصيب الا الفقراء والمساكين ولا يصيب الاغنياء والمسؤولين وأسرهم".

وأشار الشيخ القبلي البارز الحسن علي ابكر، إلى أن انهيار العملة تسبب في تفاقم معاناة المواطنين.

وقال في تدوينة على تويتر طالعها الحرف 28: "الناس تأن بشكل موجع ومؤلم من الارتفاع الجنوني في الأسعار، وانهيار سعر العملة بشكل غير مسبوق".

وأشار إلى "زيادة الوجع" نتيجة فارق الصرف الكبير للعملة الوطنية بين مناطق سيطرة الحوثي والمناطق المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وأضاف: "لكن هذا الأنين لن يلتفت إليه أحد، ما دام في السر و لم يخرج إلى العلن".



التحالف والحوثي هما السبب

واتهم آخرون، التحالف التي تقوده السعودية والإمارات في اليمن لدعم الحكومة الشرعية بالوقوف خلف التدهور الوضع الاقتصادي في البلد الذي يشهد حرب مستمرة للعام السادس على التوالي.

فقال الصحفي انيس منصور، إن الحرب التي يقودها تحالف السعودية والامارات على اقتصاد اليمن والعملة اليمنية والتعامل بعملتين كل عمله لها سعر وحرب على الموطن وتقسيم للوطن حتى على مستوى المعاملات المصرفية.

وأضاف: "كذلك الحوثي يقبل بالدولار والسعودي ويرفض العملة اليمنية الجديدة كلهم يطحنون الشعب طحناً".



وفي 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصدر البنك المركزي في صنعاء -الذي يسيطر عليه الحوثيون- قرارا يمنع تداول أو حيازة الأوراق النقدية التي طبعتها الحكومة الشرعية، وعلل حينها في بيان له بأن تداول وحيازة تلك العملة يشكلان إضرارا بالاقتصاد الوطني.

وأدى ذلك القرار إلى مضاعفة الأزمة الاقتصادية الحادة وبمزيد من المعاناة في البلد الذي يعاني أكثر من 70% من سكانه من الفقر.

بدوره قال الصحفي فتحي بن لزرق، إن "كل ما قيل عن معاناة الشعب اليمني جراء الحرب وجوعه وفقره كانت واقعية إلى حد كبير".

واستدرك بالقول: "لكن ما سيحدث للشعب بسبب انهيار العملة خلال ما هو قادم سيكون مفزع ومخيف".

وتابع: "هذه الحقيقة ما مر شيء وما هو قادم شيء أخر، لذلك لا خيار إلا بأن نرفع صوتنا ونوحد جهودنا فالقادم مفزع" حد تعبيره.



وربط مُدّونون انهيار العملة بسيطرة أدوات الأمارات في اليمن على الموانئ والمؤسسات الاقتصادية التي أصيبت بشلل تام أو أن إيراداتها أصبحت تحت تصرف "نافذين".

ولاتزال الأزمة قائمة بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبو ظبي، والحكومة الشرعية عندما سيطر الأول على العاصمة المؤقتة عدن في أغسطس العام المنصرم.

وسبق أن أكد المجلس الانتقالي الذي يسيطر على المؤسسات الإيرادية في عدن، أنه قام بتحصيل 17 مليار ريال خلال عشرة أيام فقط مما سماها "الإدارة الذاتية" لكن هذه الأموال مجهولة المصير.

وأرجع الناشط محمد العشملي، تراجع العملة إلى "تعطيل الأمارات للموانئ اليمنية وتصدير النفط والضغط بتعيين الفاسدين في الحكومة" حد قوله.

أما أبو مرسي النواب، فقال إن "اليمن يتكبد خسائر اقتصاديه فادحه تقدر بـ5مليارات دولار سنويا جراء سيطرة الإمارات على مواقع اقتصاديه سياديه وعدم خضوعها للدولة اليمنية أدى ذلك الى تعطيل اقتصاد البلد".

وأشار في تدوينة على تويتر إلى أن منشأة بلحاف الغازية الواقعة في محافظة شبوة تدر لليمن أموال طائلة تبلغ قرابة 4 مليار دولار سنويا " احتلتها احتلتها الإمارات منذ خمس سنوات وحولتها لسجون وإنطلاقات لمليشياتها بإستهداف أنابيب النفط والجيش الوطني".

وأضاف متسائلًا: "لماذا نحمل السعودية عبأ دفع الأموال ولدينا ما يغطي عجز الحكومة نفط وغاز؟" حسب تعبيره.



عمولة الحوالات النقدية

ارتفاع عمولة الحوالات النقدية هي الأخرى ضاعفت من معاناة المواطنين وأثقلت كاهلهم في ظل تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي.

ووصل سعر عمولات التحويل بين مناطق الحكومة الشرعية و الحوثيين إلى أكثر من (35%).

الصحفي المختص في الشؤون الاقتصادية فاروق الكمالي، يقول إن البنوك وشركات الصرافة لم تعترض على إجراء إرتجالي وكارثي من قبل الحوثيين بحظر تداول النقود الجديدة.

وأشار في سلسلة تغريدات على موقع التدوين المصغر "تويتر"، إلى أن "البنوك شاركت في نهب أموال الناس برفع رسوم التحويلات المالية تحت مبرر فارق سعر الصرف، وتعلم أنه لا يمكن إحداث فروقات بالصرف في سوق نقدية موحدة وعملة واحدة".

وأضاف "استمر القطاع المصرفي التجاري في جباية أموال الناس بالباطل، تحت مسمى فارق الصرف، لم يكن يسمع صرخات المواطنين يتكبدون مبالغ طائلة ولم يخرج للتعليق على ما يجري، حتى خرج بنك الكريمي بفتوى شرعية ردا على مذكرة من مجموعة هائل سعيد، فتوى تقوم على تأصيل عمليات النهب دينياً أو بغطاء ديني".

وفي وقت سابق، أصدر بنك الكريمي، فتوى تقوم على تأصيل عمليات زيادة التحويلات المالية دينياً وذلك في معرض رده على رسالة وجهتها له مجموعات شركات هائل سعيد أنعم، حول تفاوت عمولات الحوالات النقدية بين محافظات الخاضعة للحكومة الشرعية، وبين أخرى خاضعة للحوثيين.

وقال البنك في رسالته، "إنه كما لا يجوز أن يقوم العميل بإيداع أو تحويل مبلغ 100 ألف ريالا يمنيا في صنعاء ويتم تسليمه في عدن 120 ألف ريالا يمنيا؛ لأن ذلك سيكون من الربا المنهي عنه؛ ولكن يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض من غير جنسه متفاضلا إذا كان يدا بيد".

ونهاية أغسطس الماضي، خاطبت مجموعة هائل سعيد أنعم التجارية (أكبر قطاع تجاري خاص باليمن)، بشكل رسمي بنك الكريمي إعادة النظر في عملية الحوالات المالية بين المحافظات الشمالية والجنوبية.

وطالبت المجموعة من بنك الكريمي في رسالة موجهه إليه، "اعتماد ثلاثين بالمائة عن المبالغ المحولة من المحافظات الشمالية إلى المحافظات الجنوبية، كون البنك لا يتمتع بسياسة متساوية مع المحافظات الجنوبية والشمالية".

وأوضحت الرسالة، أن بنك الكريمي يقوم بخصم ما مقداره 30 % من الحوالات المالية من الجنوب إلى الشمال بحجة العملة جديدة، بالمقابل يقوم بخصم نفس المبلغ عندما يتم تحويل مبالغ بالعملة الورقية القديمة عند التحويل من الشمال إلى الجنوب.

لقد سقط البلد بين فكي كماشة، فبينما يقع اليمنيون تحت وطأة عدوان داخلي مدعوم ايرانيا على يد مليشيا الحوثي التي تنهب كل شيئ يقع تحت يدها وتشن حربا مدمرة ضد آرادتهم، يخنق تحالف الإمارات والسعودية البلد اقتصاديا، في حين تستمر  شرعية الرئيس التي تغط في العسل، بمنح هذا التحالف المشروعية للقضاء على البلد  وتدميره.


Create Account



Log In Your Account