الشرعية وخذلانها الدستوري..
الخميس 18 يونيو ,2020 الساعة: 05:52 مساءً

في أي مجتمع من مجتمعات الدنيا سواء كانت تعيش الصراعات المسلحة أو السياسية أو الاستقرار الكامل أو غيره حتى المجتمعات الهمجية يتم تفعيل بعض المؤسسات الدستورية كالبرلمان أو مجالس الشورى أو مجالس أخرى مشابهة حسب القانون أو العرف وغيره كتفاصيل أخرى، فالهيئات الدستورية كتشريعية من حيث المبدأ تضع مضامين ومحددات الوضع العام لكل مجتمع من مجتمعات الدنيا، كرافد موضوعي حتمي، يمنيا استغلتها مليشيا الانقلاب الحوثي الخارجة عن القانون وهذه المؤسسات التشريعية لتثبيت سطوتها الانقلابية "قانونيا" ثم ﻹبراز حضورها محليا ودوليا فتفعيلها لهذه المؤسسة والتي انقلبت عليها، لإدراكها أهمية هذه المؤسسات لشرعنة انقلابها أو لحضورها ولاستمرار تمردها، وحيث لم تكتف هنا بل استغلتها ﻹصدار قوانين تمييزية عنصرية وآخرها ما يسمى "بقانون الخمس" كقانون عنصري، صدم الرأي العام بصورة استفزازية حتى لبعض الرمزيات المحسوبة على الهاشميين كاﻷستاذ أحمد الكحلاني الذي أفصح عن رأيه في مقال نشره له موقع نيوز يمن في تاريخ 14 يونيو 2020م حيث دعا إلى إلغائه.

وهنا سأنقل بعضا مما قاله :"لأن فيها تمييزا وعنصرية وإثارة فتنة ومخالفة للدستور ولم تعد صالحة للعمل بها حتى ولا الحديث عنها، وضررها على الهاشميين والمجتمع أكثر من نفعها. ولهذا ظلت في بطون الكتب."

لم يكتف الكحلاني بذلك، بل "طالب بسن قوانين تجرم العنصرية والعنصرية المضادة أو ممارستها أو الاستهداف والتجريح لأي طرف قائم على العرق أو الدين أو المذهب أو الجنس أو اللون أو الجغرافيا لأن أساس أي هوية وطنية هو المساواة بين كل أبناء الشعب بالحقوق والواجبات."

ربما هذا أنموذج حي لرمزيات هاشمية لا تزال إلى اللحظة متفاعلة مع مشروعها الفئوي رغم تجاوزها ثمة تفاصيل الفئة الهاشمية، ورمزيات أخرى رحلت كالدكتور أحمد شرف الدين تحديدا وربما غيره من أفصحوا عن رأيهم صراحة تجاه هكذا قوانين سلالية "تمييزية عنصرية" صادمة جدا.

وعودة إلى المؤسسات الدستورية التي هي من تمنح أو تمنع الشرعية لكل سلطة سيادية، حيث استغلتها سلطة الانقلاب الحوثية كغطاء لشرعنة انقلاباتها دستوريا وسياديا وسياسيا وأخرى لا تزال تتوالى ربما ستكون صادمة بشكل عالمي، وبالمقابل قد عطلتها الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا حتى اللحظة، مع العلم أن غالبية الأعضاء بمجلس النواب وأشملهم يدعمون هذه الحكومة الغائبة عن الواقع، ناهيك عن المؤسسات الدستورية، مع وجود امتيازات دينامية تمنح هذه المؤسسة التشريعية الشرعية القدرة على التمثيل والتشريع وسن القوانين وتجريم الخارجين على القانون كالانقلابيين، أو حتى القدرة على المناورة على اﻷقل؛ هنا نحمل قيادة مجلس النواب اليمني "الشرعي" المسئولية الدستورية والقانونية لهذا التعطيل البرلماني المستغرب منه محليا ودوليا كغياب غير مبرر بسند قانوني، هنا يحق لنا مطالبة النيابة العامة التحقيق في هذا الخذلان "البرلماني" الغامض الذي يفترض ألا يكون بأي حال من اﻷحوال، كونه يجسد إثباتا موضوعيا لحالة الفراغ الدستوري الذي تعيشه الدولة اليمنية الشرعية المعترف بها محليا وإقليميا ودوليا، بل يمنح صلاحيات مفتوحة للانقلاب السلالي الحوثي، ولأي انقلاب آخر شماليا كان أو جنوبيا أو جبليا أو في الساحل اليمني، وعليه يجب علينا أن نضع خياراتنا القانونية ضد البرلمان اليمني "الشرعي" على الطاولة دون أي تحفظ.


Create Account



Log In Your Account