اعتبر محللون سياسيون وصحفيون يمنيون، إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا ما أسماه "الإدارة الذاتية" لجنوب البلاد بأنه يزيد من توتر الأوضاع السياسية ويخدم جماعة الحوثي. وكان المجلس الانتقالي قد أعلن مساء السبت، حالة طوارئ في العاصمة المؤقتة عدن وعموم المحافظات الجنوبية وأعلن كذلك ما اسماها "الإدارة الذاتية" للجنوب وتشكيل لجان رقابية على مؤسسات الدولة. واعتبرت الحكومة اليمنية إعلان الانتقالي الجنوبي بأنه "انقلاباً صريحاً على اتفاق الرياض واستكمالاً للتمرد المسلح على الدولة في أغسطس (آب) 2019".
وحملت الحكومة في بيان "المجلس الانتقالي وقياداته الموجودة في أبوظبي" مسؤولية ما حدث. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، رعت الرياض اتفاقًا بين الحكومة والمجلس الانتقالي، وحددت 90 يوما مهلة زمنية للتنفيذ، غير أن معظم بنود الاتفاق لاسيما الأمنية لم تُنفذ حتى الآن، وسط اتهامات متبادلة بعد مرور خمسة اشهر على توقيع الاتفاق. ورأى مراقبون سياسيون إعلان المجلس الانتقالي بأنه يأتي ضمن مساعي أبو ظبي المناهضة للسلطة الشرعية. وقال الدبلوماسي اليمني مصطفى نعمان، إن إعلان الانتقالي الجنوبي يزيد الأوضاع السياسية والاجتماعية توتراً، وفي جوهره يؤكد مجدداً هزال الشرعية الرخوة. وأضاف في تغريدة على حسابه بموقع التدوين المصغر تويتر: "كان على الرئيس هادي الإسراع بتشكيل حكومة جديدة والعودة الفورية إلى عدن، لكنه متمرس في اضاعة الفرص التي تمنحها له الاقدار". ورأى نعمان أن "مشكلة اليمن (تكمن في) قيادة عاجزة وبلا رؤية وطنية جامعة". في حين قال الباحث والمحلل العسكري اليمني علي الذهب إن ما يحدث في جنوب اليمن من قبل ما يسمى المجلس الانتقالي "أمر محزن ويزيد من معاناة اليمن". وأشار إلى عدم تواجد توافق سياسي ولا دعم دولي و لا فصل قانوني بين الشمال و الجنوب معترف به من الأمم المتحدة. وأضاف: "حب السلطة ربما يعود بجنوب اليمن الي ايّام الإمارات المتناثرة و حكم السلاطين الضعيفة". أما محمد جميح سفير اليمن والمندوب الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) فقد اعتبر إعلان المجل الانتقالي بأنه يأتي في سياق "المكايدات السياسية وردود الأفعال، فيما هو لا يسيطر إلا على مساحة بسيطة منه". وأضاف المسؤول اليمني في تغريدة على تويتر أن "الناس ملت المكايدات والشعارات، والمكونات السياسية المختلفة في اليمن احترقت في عين المواطن العادي". ورأى الصحفي اليمني حمزة المقالح بأن إعلان الانتقالي الجنوبي يخدم جماعة الحوثي الذي انقلبت على الحكومة الشرعية في خريف 2014. وقال المقالح في تغريدة على حسابه في تويتر إن "سيطرة الانتقالي على ميناء عدن يعني تنشيط اكثر لميناء الحديدة الذي لا يزال تحت قبضة المليشيا الحوثية". وأشار إلى أن سيطرة الانتقالي على البنك المركزي في عدن يعني "تعطيل عمل البنك وهذا يقوي حجة الحوثي في عدم جدوى نقله من تحت أيديهم".
وأضاف: "المليشيا تتخادم ضمن مشروع واحد ولخدمة اهداف أوسع". واعتبر الدكتور عبدالقادر الجنيد أي انقلاب أو مساعي لفرض واقع بالقوة على اليمنيين بأنه مرفوض.
وكتب على حسابه في تويتر: " سنرفض وإلى الأبد أي انقلاب وأي استعمال للسلاح لفرض واقع غصبا عنا نحن اليمنيون". وأضاف: "لن يكون الانتقالي والإمارات أقوى من الحوثي وإيران (..)، وكما رفضنا انقلاب صنعاء وإيران، سنرفض انقلاب عدن والإمارات". وانتقد المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، صمت السعودية محذرًا من الاستهانة بإعلان المجلس الانتقالي.
وحتى مساء الأحد، لم يصدر أي تعليق من قبل الجانب السعودي الراعي لاتفاق الرياض بين الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية. وقال التميمي : "لا يجب الاستهانة بالخطوة التي اقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يتواجد رئيسه ونائبه في ابوظبي حتى اللحظة". وأشار إلى أن "الامارات أعادت تعيين موقفها الصريح من قضية الانفصال والموقف المناهض للسلطة الشرعية، على نحو يمهد الطريق للبحث في الخطوة التالية وهي مهمة سعودية بامتياز". وتوقع التميمي أن الإمارات "تضع هذا التحرك إما في سياقه كفعل مضاد لمهمتها في اليمن ولاتفاق الرياض الذي يمثل أول وثيقة رسمية لها علاقة بالأزمة والحرب في اليمن يوقع عليها المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تأسيسه في مايو/أيار2017، او انها ستعمل على مأساته وضمان نتائج سياسية تتساوق مع الأجندة الانفصالية". مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي قال "نحن أمام تصعيد وسيناريوهات جديدة قد تجعل المشهد اليمني أكثر تعقيدا، وننتظر موقفا من السعودية كونها المسؤولة عن رعاية اتفاق الرياض". وأضاف: "بيان الانتقالي بدا واضحا وكأنه إعلان حرب وتمرد عن الشرعية لا يختلف كثيرا عن الإعلان الدستوري للحوثيين عندما انقبلوا على مؤسسات الشرعية في صنعاء عام 2014".