نص صوفي جديد لعبدالرحمن الحميدي وأحمد عثمان يقرأ "شعرة المعرفة"
الخميس 06 فبراير ,2020 الساعة: 07:42 مساءً
خاص

شعرة 


عبدالرحمن الحميدي 

1_

شعرة مخبأة في خريطة.. إن أدركتها تفحصها كطبيب يتفحص مرضاه.. صب عليها كوبا من "القرنميط" الأبيض وكوبا من عسل الفؤاد وبيض النعام؛ وهزها هز مجذوب ثلاثا وثلاثين مرة حتى تستنطقها..
 فإن شعرت بنطقها، ارجعها للكتاب غارقة بدمعك.

2_

حينها إن استطعت معي صبرا.. 
سأقول لك أمرا.

3_

ستبلغ اليأس..
وإذا ما بلغته كاملا لا نقصان فيه إلا مقدار شعرة نملة.
سآخذ بك من شعرة واحدة من كفك.. لأصعد بك من مقام المذاكرة لمقام السمو.

4_

وتلك هي مشقة الروح في مدار شَعرتها.. تمتد الشعرة حتى تصير بطول الأرض كلها فتلتف حولها.. تُطَوِق الأرض مع شَعرات سبقنها فيشددن وثاقها لئلا تتشقق من ذنوب العباد.

5_

لقد ارتقيتَ منزلة.. بلغتها لابجهدك ومشقة روحك، وإنما برضائي عنك.

لم تعد قطب السمو.. أنت قطب الرضا.

ومن بلغ هده المنزلة من التقطيب فقد بلغها.
ومن بلغها، فقد بلغها... 
وقد بلغها..
فقد بلغها.
........................


شعرة المعرفة

أحمد عثمان 

رائع هذا الإبحار في عالم اللاشعور في نص (شعرة) لعبد الرحمن الحميدي.. الذي يأخذك إلى دقائق المعرفة وتعرجات السمو؛ على طريقة الغيبوبة المخلصة من أثقال الطين وحواجزه الكثيفة السواد  نحو شفافية النور وسرمدية الروح.. ، حيث تبدو الحقيقة ماثلة بعلم الشعور وعيون الروح، وهي الحقيقة الأكثر حضورا مبثوثة في كل مكان وأقرب لنا منا.

 غير أن شعرة غياب وذرة تراب تغيبها وتذهب نحو اللا رؤية محمولة بصلصال الطين والتراب وإغواء السراب الخادع.

ومن أحس بالشعرة الحاجبة،امتلك الرؤية، ومن امتلك الرؤية، سما، ومن سما وصل، ومن وصل اغتسل بماء اليقين؛ ومن دخله اليقين طار بجناحي الشكر والرضا..
وهما جناحي السعادة الحقيقية التي لاينغصها منغص ولاتحرقها نار ولا تحجبها شعرة طين ولا تهزه أعاصير الدهر ولا غضب براكين البحار..

حيث تمثل السعادة على حقيقتها بجناحيها  "الشكر والرضى" وقلبها "اليقين" بوابة العودة نحو الخلود وأنوار "المكاشفة" وهذه الأخيرة لا تقبل الوصف ولا التوصيف.. فهي أمر من أمور العرش، وشيء من أنواره فوق طاقة اللغة وطاقة الإدراك.


Create Account



Log In Your Account