من مهاجر إلى رجل أعمال يُعلم 300 مليون شخص لغة جديدة ويربح ملايين الدولارات
الإثنين 27 يناير ,2020 الساعة: 11:28 مساءً

إذا كان هناك من يُشكّك في وجود جوانب إيجابية للهجرة، فيمكنك أن تحدثه عن لويس فون آن.

 

كان لويس قد ولد في غواتيمالا قبل 41 عاما. وفي عامه الثامن عشر، سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة الرياضيات في جامعة ديوك بولاية كارولاينا الشمالية، ثم اتجه إلى دراسة علوم الحاسب في جامعة كارنيغي ميلون في بيتسبرغ.

 

وأصبح لويس أستاذا لعلوم الحاسب، متخصصا في مجال الحوسبة ذات الصلة بالإنسان، والتي تشير في أبسط صورها إلى الطرق التي يمكن عبرها أن يعمل البشر والحواسيب معا بأفضل ما يمكن لإنجاز مهام معقدة.

 

ونظرا لجهوده الرائدة في هذا المضمار، حصل لويس على زمالة ماك آرثر، وهي الجائزة الأمريكية المرموقة المتعارف عليها باسم "عبقرية غرانت".

 

وقد أضحى لويس من أصحاب المليارات وهو لم يزل في أوائل عِقده الرابع، بعد أن باع اختراعين لشركة غوغل. ولا تزال التقنيات التي باعها لمحرك البحث العملاق تحظى باستخدامنا جميعا.

 

ويعمل لويس رئيسا لشركة ديولينغو التي أسسها في بيتسبرغ. ويعتبر ديولينغو التطبيق الأشهر حول العالم لتعلم اللغات، ويحظى بـ 300 مليون مستخدم.

 

ويقول لويس، بلهجة ومظهر بسيط، إن معظم ما صادفه من نجاح يعود إلى الحظ الذي دفعه إلى تعلّم اللغة الإنجليزية إلى جانب لغته الأصلية الإسبانية، في سن صغيرة بإصرارٍ من أمه الطبيبة.

 

ويروي لويس أن عائلته التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة كان لديها ما يكفي من المال لإرساله إلى مدرسة لغات خاصة في العاصمة غواتيمالا.

 

ويقول لويس إن ذلك وضعه في مكانة مميزة بين أبناء جِلْدته في غواتيمالا - الذين يعيش نحو نصف عددهم في فقر، بحسب البنك الدولي، بينهم تسعة في المئة في فقر مدقع لا يستطيعون معه الحصول على أيّ قسط من التعليم.

وكان الدافع الملهم إلى تدشين تطبيق ديولينغو هو إيجاد منصة مجانية لتعليم اللغة سواء في غواتيمالا أو في أي مكان حول العالم - بحيث يقطف هؤلاء المتعلمون الثمار الاقتصادية الناتجة عن معرفة لغتين ولو بشكل جزئي.

 

يقول لويس: "أردت عمل شيء يتيح إمكانية التعلم للجميع على قدم المساواة. ثم جعلت تركيزي على اللغات وقد رأيت بنفسي أن الجميع في بلادي يرغب في تعلم الإنجليزية".

 

ويضيف: "وتعني المعرفة بالإنجليزية في بلد لا يتحدث بتلك اللغة زيادة محتملة في الدخل قد تصل إلى الضِعف. ومن هنا جاءت فكرة تدشين منصة مجانية لتعلم اللغات، فكانت ديولينغو".

 

وكان لويس وزميله المشارك في تأسيس التطبيق، سيفرين هاكر، قد عملا معا في 2009 لتدشين ديولينغو، وكان لويس إبان هذا التوقيت أستاذا في جامعة كارنيغي ميلون، وكان سيفرين أحد تلاميذه.

 

وبالاستعانة بخبراء في علوم اللغة، انطلقت منصة ديولينغو في 2012، بعدد محدود من اللغات، منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.

 

يقول لويس: "عند إطلاق ديولينغو، كنت محظوظا بالتحدث إلى منصة تيد توك الإعلامية الأمريكية، وهو الحديث الذي حظي بمشاهدة مليونَي شخص، مما أعطى دفعة قوية لتطبيق ديولينغو"

 

ويضيف: "لكن منذ ذلك الحين وحتى 2019 كنا نتقدم بخطى جيدة بفضل استحسان الجماهير، دون أن نقوم بأي إعلان أو تسويق".

 

واليوم، تقدّم منصة ديولينغو أكثر من مئة دورة بـ 28 لغة مختلفة. وبينما اللغات الأكثر تداولا هي الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، فبالإمكان دراسة لغات أخرى من العربية إلى الأوكرانية.

 

كما تركّز المنصّة بشكل خاص على الترويج للغات التي تتحدث بها الأقليات، ومن ثمّ فهي تقدم دورات باللغات الويلزية، والغاليّة، والهاوائية، ولغة النافاجو.

 

وتقول سيلفيا وارناكي، أستاذة اللغويات في جامعة أوبن في اسكتلندا، إنها شعرت بالسعادة الغامرة عندما رأت وجودا للمتحدثين باللغة الغاليّة على منصة ديولينغو.

 

وتضيف سيلفيا: "البعض ينتقد ديولينغو بأنها لا تعطي القدر الكافي من اللغة بحيث يصبح المتعلم ضليعا ... على أنها منصة رائعة للبدء في تعلم اللغات".

 

"الكثيرون يرون أن تعلّم لغة ما أمرٌ بالغ الصعوبة، ويعْوزهم الوقت للتسجيل في دورات وفصول رسمية ذات مواعيد أسبوعية، ولهؤلاء، يعتبر تطبيق ديولينغو بديلا جيدا".

 

ويحصد تطبيق ديولينغو عائدات سنوية تقدر قيمتها بـ 90 مليون دولار، منها 15 مليون دولار تأتي من الإعلانات المحملة على التطبيق المجاني، بينما الـ 75 مليون الأخرى فإنها تتحصل من المستخدمين، الـ اثنين في المئة، الذين يدفعون مقابل النسخة الخالية من الإعلانات.

 

يقول لويس: "إذا كنت تستخدم تطبيق ديولينغو بشكل مكثف وكنت على درجة من الثراء، فأنت من هؤلاء الذين ينبغي عليهم الدفع للتطبيق. أما إذا كنت تعيش في بلد نامٍ ولا تملك الكثير من المال، فأنت ممن يستحقون النسخة المجانية. هكذا أرى الأمر".

 

ويعمل في شركة ديولينغو مئتي موظف، ويأمل لويس أن تستطيع الشركة تحقيق أرباح في سوق الأسهم عام 2021.

 

وكان الاختراعان اللذان باعهما لويس لـ غوغل هما: لعبة إي إس بي (الحاسة السادسة) وتقنية ري كابتشا (اختبار التمييز بين الإنسان والحاسوب).

 

ومنذ عام 2006 يستخدم محرك البحث غوغل التقنية المستخدمة في لعبة إي إس بي لتحسين برمجيات البحث عن الصور.

 

كما تحظى تقنية ري كابتشا الآن باستخدام واسع للتأكد من أن المستخدم بشر وليس روبوت. ويضطر نحو مئتي مليون شخص إلى خوض هذا الاختبار يوميا، وهو من ابتكار لويس، وكانت غوغل قد اشترته منه في عام 2009 مقابل مبلغ لم يتم تحديده إلا إنه مكون من ثمانية أرقام.

 

وما لا يعرفه الكثيرون عن تقنية ري كابتشا أن الكلمات التي تضطر إلى كتابتها في هذا الاختبار ليست عشوائية، وإنما هي كلمات منتقاة من كتب تقوم غوغل برقمنتها. ومن ثمّ فأنت عندما تؤدي هذا الاختبار تعتبر موظفا لدى غوغل ولكنك لا تتقاضى أجرا على ذلك؛ وعندما يتفق عشرة آلاف شخص على هجاء محدد، فإن غوغل تعتمد هذا الهجاء بوصفه الهجاء الصحيح.

 

ويقول لويس إنه فخور بمساعدة الكثيرين لكي يتعلموا لغة جديدة "إننا نقدم تعليما مجانيا للغات للجميع".

 

المصدر: بي بي سي


Create Account



Log In Your Account