الحكومة تشهر ورقتها الأولى بوجه التحالف
السبت 24 مارس ,2018 الساعة: 12:36 صباحاً

مهما تكن السلطة الشرعية ضعيفة وعاجزة وبلا أوراق قوية لمواجهة تغول وهيمنة التحالف على قرارها، فإنها تملك ما لا يملكه وينهي وجوده في اليمن وهي أنها صاحبة القرار الأول والأخير في البلاد ولا يمكن تجاوزها كليا.

لا يمكن للتحالف أن يستمر إذا قررت الشرعية إنهاء وجوده ويكفي أن تفعل ذلك برسالة تبعثها إلى مجلس الأمن تبلغه فيها بانتهاء عمليات التحالف وتسرد للتوضيح الزائد مخالفاته وتجاوزاته بحقها والأهداف المتفق عليها عند طلب تدخله.

صاحب الحق والأرض هو الأقوى مهما كان ضعيفا من ناحية القوة العسكرية أو المادية وهذا ما ينطبق على سلطة الرئيس هادي الذي جاء التحالف بقراره ويمكنه إخراجه بقراره أيضا.

يتمادى التحالف في الخروج عن أهدافه بتقويض السلطة الشرعية ودعم كيانات غير قانونية ويواصل تشكيل مليشيات مناطقية ويدعمها بالسلاح والمال على حساب الجيش والأمن الوطنيين وينفرد بإدارة كل منطقة يتم تحريرها دون اعتبار لسلطة الدولة اليمنية أو التزام بما أعلنه.

تمتلك الشرعية خيارات وبدائل يمكنها تغيير المعادلة في التعامل مع التحالف إن استمر على هذا النهج ومن ذلك رفع الصوت عاليا حيال ما يقوم به وفضحه وهذا ما قام به في البداية وزير النقل صالح الجبواني ثم وزير الدولة المستقيل صلاح الصيادي وليس أخيرا نائب رئيس الحكومة وزير الخدمة عبدالعزيز جباري وجميعهم قالوا بصوت واحد إن التحالف خرج عن أهدافه وتجاوز الشرعية وعليه أن يلتزم بتفويضه وفق علاقة شراكة جديدة تنهي علاقة التبعية والهيمنة.

لكن يبدو أن التحالف تجاهل رسائل الوزراء وتعامل معها كصراع داخل الشرعية لا يعنيه مع أنه هو المعني الأول وعليه أن يتعاطى ايجابيا ويتوقف عن العبث والابتزاز للشرعية كما لو كانت بلا خيارات.

لقد قررت الحكومة الشرعية أخيرا استخدام ورقة الضغوط لمواجهة ضغوط التحالف التي يبتزها تارة باحتجاز 170 مليار ريال من أموالها المطبوعة في روسيا بميناء عدن منذ شهر ويمنع تسليمها للبنك المركزي ليقوم بعمله بصرف الرواتب وتارة بتعطيل الميناء بتأخير منح التصاريح للسفن وتعمد السماح لها بالدخول للميناء كي تتكبد خسائر كبيرة جراء التأخير ما يدفع الشركات الملاحية للعزوف والتحول إلى وجهة أخرى.

هذه الورقة التي بدأت بإشهارها هي الرسالة التي وجهتها لمجلس الأمن وإن كانت ردا على تقرير لجنة الخبراء لكن المضمون الذي تضمنته كان أقرب لمحاكمة التحالف دوليا على تجاوزاته وتقويضه سلطة الدولة ودعم المليشيات وتهديد الوحدة الوطنية وتحويل البلد لسجن كبير للمعارضين.

الحكومة وضعت التحالف في مواجهة مجلس الأمن لا ليتخذ عقوبات بحقه ولكن لتحميله مسؤولية إعاقة استعادة الدولة وبسط سيطرتها في المناطق المحررة وتهديده سلامة أراضي اليمن من خلال الإشارة إلى دوره في دعم وتشكيل مليشيات” الحزام الأمني والنخبتين الحضرمية والشبوانية” على اعتبار أن هذه التشكيلات المناطقية لا تخضع للشرعية وتعيق عمل المؤسسات وتحدث تمزقا للمجتمع في اليمن.

لسان حال الحكومة أن الكيل قد طفح وأن زمن التجاهل قد ولى وعلى التحالف أن يتحمل مسؤولياته كاملة ويكف عن عرقلة استعادة الدولة وأمامه خطوات لإثبات تغيير سلوكه منها رفع الغطاء عن الدعم المالي والعسكري والسياسي والإعلامي لهذه المليشيات التي تمثل أذرعا له لتنفيذ أجنداته الخاصة وهذا الطلب سبق تقديمه له وهو على المحك.

الرسالة الثانية المهمة في ورقة الحكومة المستخدمة هي الدفاع عن نفسها في مواجهة محاولات التحالف تحميلها مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان بالمناطق المحررة سواء الاعتقالات أو السجون والمعتقلات السرية والتي يتحمل هو مسؤوليتها بحكم قيامه بعمليات الاختطاف عبر مليشياته وإدارته السجون التي وثقتها منظمات دولية كهيومن رايتس والعفو الدولية ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية ومن بعدهم الخبراء الأمميون.

رسالة الحكومة أكدت بشكل واضح أن” مواقع الاحتجاز خارج القضاء التي وردت في التقرير لا تخضع لسلطة المؤسسة الأمنية والقضائية اليمنية” وهي تحاول أن تكون تحت سلطتها لكن التحالف لم يستجب لمطالبها” بتسليم كافة أماكن الاعتقال والسجون السرية لسلطة الشرعية وتشكيل لجنة من النيابة العامة والقضاء للفصل والبت في كافة القضايا”.

يعرف التحالف أن هذه المسألة حساسة وتؤرقه وهي ورقة ضغط قوية بيد المنظمات والحكومات لابتزازه ولهذا يحاول أن يلقي بالمسؤولية على الحكومة ويتنصل من أي تداعياتها الحالية والمستقبلية عليه.

وهناك رسالة ثالثة مهمة أيضا من وجهة نظري وهي إحراق ورقة” المجلس الانتقالي” الانفصالي” التي يستخدمها التحالف ضد الشرعية في كل مرة يريد ابتزازها وآخر فصول الابتزاز محاولات إجراء تغيير حكومي بالقوة.

الحكومة أوضحت لمجلس الأمن خلفيات تأسيس المجلس وهي أنه لم يتشكل للمطالبة بحقوق مشروعة وإنما أراد القائمون عليه الهروب من محاكمتهم بتهم الفساد المالي والإداري وسعيا لاستغلال قضية الجنوب نحو انفصاله، وفي ذلك إشارة إلى عيدروس الزبيدي محافظ عدن المقال رئيس المجلس وهاني بن بريك وزير الدولة المقال أيضا نائبه وكلاهما من أدوات الإمارات.

ومن ضمن الشخصيات المتمردة التي تعيق سلطة الشرعية مدير أمن عدن شلال شائع الذي قالت الحكومة في رسالتها إنه يتمرد على توجيهات وزارة الداخلية وأكدت أنها تدرس الخيارات المناسبة لمحاسبته ومعاقبته.

تلك كانت الورقة الأولى والتي قد تتبعها أخرى بانتظار مدى استجابة التحالف لما ورد فيها والتغيير الذي سيقوم به وعليه ستكون الجولة القادمة أكثر سخونة وضراوة.

------------------------
نقلاً عن اليمن نت


Create Account



Log In Your Account