الجمعة 25 أكتوبر ,2019 الساعة: 09:10 مساءً

خاص
أثار اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الامارات، انقساما بين اليمنيين الذين رحب بعضهم بالاتفاق، والبعض الأخر اعتبره خطاء استراتيجيا ومخالفاً لمهمة التحالف في اليمن.
وتوصل كلاً من الحكومة الشرعية والانتقالي الجنوبي في وقت متأخر من مساء أمس الخميس، إلى اتفاق يقضي بإنهاء الأزمة والتمرد في عدن، عاصمة اليمن المؤقتة.
مصادر مطلعة قالت لـ" الحرف 28" إن الحكومة الشرعية والانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا وقعا مساء الخميس في العاصمة السعودية الرياض على اتفاق ينهي التوتر بين الطرفين ويمهد لعودة الحكومة الشرعية والرئيس هادي الى عدن.
ووفق المصادر فإن الإتفاق بين الطرفين أصبح ملزما وسيجرى الأحد المقبل الإعلان عن الاتفاق بشكل رسمي في حفل يحضره العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبد ربه منصور هادي والمبعوث الأممي الى اليمن مارتن غريفيث بالإضافة الى القيادات السياسية اليمنية.
وحاول " الحرف 28" معرفة بنود مسودة الإتفاق لكن المصادر رفضت الإدلاء بأي تفاصيل.
ومن جهتها قالت قناة الإخبارية السعودية في سلسلة تغريدات على حسابها الرسمي في "تويتر"، إن الاتفاق ينص على تشكيل حكومة مؤلفة من 24 وزيرا، في "حكومة مناصفة ما بين المحافظات الجنوبية والشمالية في اليمن".
وبموجب الاتفاق أيضا، سيعود رئيس الحكومة اليمنية الحالية الى عدن لتفعيل مؤسسات الدولة وصرف رواتب القطاعين العسكري والمدني.
وسيشرف التحالف الذي تقوده السعودية على "لجنة مشتركة" لتنفيذ الاتفاق.
وتدور مفاوضات غير مباشرة بين الحكومة اليمنية والمجلس الإنتقالي الجنوبي ومن خلفه الامارات منذ أكثر من شهرين بوساطة سعودية لإنهاء انقلاب عدن الذي نفذته تشكيلات المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم واسناد اماراتي في 10 أغسطس الماضي.
وتعثر التوقيع على اتفاق ينهي الأزمة في عدن كان مقررا قبل أسبوع، بعد ما قيل إنها تدخلات واشتراطات اماراتية بعزل الوزراء الحاليين في الحكومة خصوصا وزيري الداخلية والنقل أحمد الميسري وصالح الجبواني، بسبب مواقفهم المتصلبة من الوجود الاماراتي في البلاد.
وقال مصدر حكومي لـ " الحرف 28" إن الاتفاق بحسب ما نشر إيجابي والدولة بكافة مؤسساتها أقرب ما تكون الى عدم من اي وقت مضى.
وأعتبر المصدر عودة الحكومة وتواجدها في عدن، مع حل مليشيا الانتقالي ودمجها في الجيش "أمر مهم وسيمنح الشرعية نقاط قوة لم تحصل عليها منذ معركة تحرير عدن، والأمر أيضا يعتمد على فاعلية وعزيمة وارادة الحكومة".
فرص النجاح والفشل
وبحسب المصدر أن الشرعية "أمام فرصة تاريخية، وأن اشراك الانتقالي يعني القضاء على مشروع الانفصال".
وبشأن موقف الرئيس هادي والسعودية، قال إنه كان هذه المرة "قوي وصلب على غير العادة وموقف المملكة إيجابي"، واصفاً انسحاب الامارات بـ "المكسب".
وحول فرص نجاح أو فشل تنفيذ الاتفاق، قال المصدر إن ذلك يعتمد بدرجة رئيسية على "نجاح الحكومة في اعادة تطبيع الأوضاع، والأمور مهيأة أكثر من أي وقت مضى".
وأضاف أن "نجاح الحكومة في السيطرة على الموارد وإدارتها سيمكنها من تطبيع الاوضاع وهذا سيمنحها نقاط قوة كانت تفقدها خلال السنوات الماضية".
وأوضح المصدر أن المملكة تريد عودة الشرعية بكل مؤسساتها الى عدن، ولذا تقف بقوة خلف الاتفاق.
وأضاف أن السعودية "تريد إعادة ترتيب أوضاع الملف اليمني بعد أن اثبت الاداء الحالي فشله وخاصة مع احتمال فشل ترامب في الانتخابات".
ورغم التعقيدات الكبيرة المحتملة وما خلفته السنوات الماضية من الفوضى، إلا أن المصدر "متفائل بعودة الحكومة" مؤكداً أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى "إرادة فولاذية وشجاعة في اتخاذ القرار".
وأثار اتفاق الرياض انقساما في أوساط مسؤولين يمنيين ومحللين سياسيين الذين رأى يعضهم أنه – أي الاتفاق - نهاية كاملة لمشروع الانتقالي المطالب بانفصال الجنوب عن الشمال، وينهي أيضاً وجود الكيانات المسلحة التابعة للانتقالي الجنوبي.
في حين حذر البعض الآخر من عملية التوقيع على الاتفاق الذي يرونه أنه كافئ المتمردين الانقلابين (المجلس الانتقالي)، متسائلين حول مصير ومستقبل البلاد بعد ذلك.
حليف إيراني مستقبلي
في هذا الجانب، يرى الباحث والمحلل العسكري اليمني علي الذهب، أن أي اتفاق يعطي المجلس الانتقالي الجنوبي حقوقا توازي ما للسلطة الشرعية بأنه "خطأ استراتيجي يدعم نموذج ولاية الفقية الذي يجتهد الحوثيون لإرسائه" حد تعبيره.
وأشار الذهب في تغريدة على حسابه في موقع التدوين المصغر "تويتر" أن ذلك "يؤسس لحليف إيراني مستقبلي في الجنوب؛ وفقا لما تفرضه علاقات الجوار والمصالح".
وقال الذهب "على السعودية تحمل كارثية النموذج الطائفي الذي يكبر أمام عينيها"؛ متسائلاً "ما الذي تنوي الإمارات فعله في حضرموت، وشبوة، والمهرة، وسقطرى، بعد اتفاق جدة، دعما لوكيلها في الجنوب (الانتقالي الجنوبي)؟ وما الخيارات اللازمة للمواجهة؟".
في ذات السياق، حذر وزير النقل اليمني صالح الجبواني، من وصفهم بـ "الأشقاء" في إشارة إلى السعودية، من توقيع الاتفاق مع "الانقلابيون" حسب وصفه.
وقال الجبواني في تغريدة على حسابه في "تويتر": "الإنقلابيون يساقون لقاعات المحاكم وليس كراسي الحكومة".
وأضاف "أي إتفاق ترعاه المملكة لن يُكافئ المتمردين الإنقلابيين بكل تأكيد لأن هذا يخالف نهج ومهمة المملكة في اليمن، أما إذا ذهب في غير هذا الاتجاه فأنه لن يرى النجاح وبالتالي سيعني هذا فشل التحالف ومهمته في اليمن".
نهاية الانتقالي والصراع الجنوبي
أما المستشار في وزارة الإعلام اليمنية، مختار الرحبي، فكان له وجهة نظر مختلفة عن وزير النقل، حيث اعتبر اتفاق الرياض بأنه "نهاية كاملة لمشروع الانتقالي".
وقال الرحبي في سلسلة تغريدات على توتير: "لا حكم ذاتي للجنوب ولا قوات خاصة تابعة للانتقالي بعيدا عن الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية ولا انفصال للجنوب ولا تقرير للمصير كما يروج الانتقالي".
وأشار الرحبي وهو سكرتير صحفي سابق للرئاسة اليمنية، إلى أن الاتفاق يقتضي أن "تنتهي الأمور إلى حكومة قوية ستدمج فيها كافة القوات تحت قيادتي الدفاع والداخلية. وسيمنع دعم أو تشكيل أو التعامل مع أي كيانات عسكرية او امنية خارج الدولة ومؤسساتها".
وأضاف المسؤول الحكومي أن "الاتفاق يقضى بمنح 50% من الحقائب الوزارية للمناطق الجنوبية ( إصلاح اشتراكي_مؤتمر حراك_انتقالي وباقي الأحزاب) بعد أن كان للجنوب أكثر من نصف الحكومة الان بعد الانقلاب تساوى الجنوب مع الشمال وهذا وفق مخرجات الحوار الوطني".
ويرى الصحفي اليمني، فتحي بن لزرق، اتفاق الرياض هو "لإنهاء صراع جنوبي جنوبي حول السلطة اليمنية".
وقال بن لزرق "ما سيتم هو تقاسم مناصب ونفوذ تحت راية وسلطة الجمهورية اليمنية والشماليون هم المستفيد الاكبر من هذا الاتفاق حيث سيتحصلون على 50% من كل شيء بدلا عن 30% التي سادت خلال السنوات الماضية".
وأشار إلى أن الاتفاق من شأنه أن ينهي "حالة الصراع في عدن والتقاتل ولن يكون هناك من حضور الا لمؤسسات رسمية معبرة عن الجميع في إطار الدولة".
أما سفير اليمن لدى منظمة اليونسكو، محمد جميح، يرى أن الجميل في الاتفاق هو موافقة الجميع "والكل يرى أنه لصالحه، وهذا جيد" حد قوله.
وأضاف في تغريدة على تويتر: "بنهاية المطاف، ينبغي أن تتوقف المماحكات بين أنصار الشرعية، وأنصار الانتقالي، أن يدرك الجميع أن هادي ليس الخصم، ولا عيدروس، أو طارق أو اليدومي".
وبحسب جميح أن الخصم هو "الإمامي الجديد الذي سيطر على القصر الجمهوري في صنعاء" في إشارة إلى جماعة الحوثيين.