المغترب اليمني ممزق بين مطرقتين
الإثنين 29 يوليو ,2019 الساعة: 11:54 صباحاً

ظل المغترب اليمني طوال العقود الخمسة الماضية، يشكل الرافد الاقتصادي الأقوى والأبرز في كل تفاصيل الاقتصاد اليمني، وبسببه استقرت الأوضاع الاجتماعية، والأمنية ، ذلك أم الإستقرار المعيشي ينعكس إيجابا على حياة الناس في كل المجالات.

وقد عانى المغترب في سبيل ذلك وتحمل الكثير من المشاق، فكان الواحد منهم يعمل في الليل والنهار حيث وصل بالكثير منهم أن يداوم من الساعة السابعة صباحا حتى الحادية عشرة ليلا، وبدون اجازات أسبوعية أو سنوية من أجل الحصول على حياة كريمة لهم ولأسرهم ومن أجل بناء مشاريع لمستقبل أولادهم ووطنهم .

وعندما كنا نتابع حركة النمو الإقتصادي والمتمثل بالإعمار ، والصناعة ، والزراعة ،والتجارة وجدناها مرتبطة ارتباطا مباشرة بعائدات المغتربين سواء كانت عبر التحويلات النقدية أو الجمارك أو بالإستثمار المباشر في شتى المجالات.
وهناك دراسات موثقة لكل ماذكرته سابقا ،لايتسع المقال للخوض في تفاصيلها.

وفي المقابل لم تقم الدولة بأدنى واجباتها تجاه هذه الثروة البشرية المهمة من شعبنا اليمني العظيم . وحتى القوانين الخاصة برعاية المغتربين ظلت حبيسة في أدراج الوزارات ذات الصلة، ذلك أن الحكومات المتعاقبة ظلت تنظر الى المغترب أنه اداة جلب للأموال وأن عليه واجبات وليس له أي حقوق ، بل إن مشاريعه في داخل الوطن كانت ولا زالت تتعرض للإبتزاز والتضييق.

وبالرغم من تلك المعاملات ظل يُفضل الإستثمار داخل وطنه ليعم خيره على كل أبناء الوطن، 
إنها روح الوطنية التي تحلى بها اليمني مهما نأت به المسافات أوانهكه الاغتراب.

واليوم يعيش الوطن أسوأ حالاته بسبب الإختلافات السياسية والتدخلات الخارجية والحرب الأهلية، 
فتمزق الوطن الى اشلاء كثيرة وتشرد المواطنون في بلدان شتى، وتعطلت المشاريع في الداخل، وحُرم الموظفون من رواتبهم، فتضاعفت مسؤوليات المغتربين اضعافا مضاعفة وزادت عليهم الأعباء المالية فظلوا يواجهون كل تلك الأعباء بالصبر والمثابرة ومضاعفة الجهد ، والتقشف في المعيشة ليتمكنوا من مواصلة تحمل المسؤولية تجاه اهلهم واقاربهم.

لكنهم وقفوا في معركة مكشوفي الظهور لا يسندهم مسؤول ولا يرحمهم قانون، وفجأة أزدادت معاناتهم عندما استحدثت دول الجوار قوانين جديدة في العمل، تلك القوانين التي حرمت أكثر من 80% منهم من العمل وتزامنت هذه القوانين أيضا بمضاعفة رسوم الإقامات الى الحد الذي لايكفي راتب المغترب لتسديدها. 

فالمغترب المتزوج ولديه 4 أطفال فإن عليه تسديد ما لايقل عن 10 الف دولار سنويا رسوم الاقامات،
بالإضافة الى إيجارالبيت والمصاريف الضرورية والتي قد تصل الى 15 الف دولار بالسنة بمعنى أنه يحتاج ل 25 الف دولار بالسنة، وهذا المبلغ يعتبر ضعف راتب الموظف من الطبقة المتوسطة فما فوق.

إذ أن أغلب المغتربين رواتبهم لا تتعدى الف دولار بالشهر.

إن هذا الانهاك الذي يتعرض له المغترب اليمني  قد صعب عليه تحمل مسؤو لياته تجاه أسرته وبعض اقاربه في الداخل ،  فحدثت أزمات خانقة ومشاكل اجتماعية كبيرة وجرائم جنائية لم نكن نسمع عنها في مجتمعنا، وهو ماينذر بكارثة أكبر من الكوارث الحالية وسوف تصل شراراتها الى خارج الحدود.

تأتي هذه المآسي على مسمع ومرأى من الرئاسة والحكومة والبرلمان،  فيتعمدون الغياب والصمت أمام كل ما يحصل ولم يُعطوا هذا الملف برغم أهميته أي إهتمام، ذلك أنهم مشغولون بترتيبات شؤونهم وشؤون أولادهم في التوظيف والتدريس في المدارس والجامعات العالمية والتي قد ( ارهقتهم ) كثيرا.

وكلما ارتفعت الأصوات ، ناوروا وعملوا زوبعة إعلامية توهمنا أن ضمائرهم  قد بدأت تفيق فيقومون بتشكيل لجان، وعمل اجتماعات ونشروها في وسائل الإعلام.

وكانت آخر تلك الفرقعات الإعلامية إعلان رئيس مجلس النواب وبعض أعضائه المحنطين والذي يستلم كل واحد منهم 22 الف ريال سعودي شهريا، انهم أثناء لقائهم بولي العهد السعودي قاموا بتسليمه خطابا يخص استثناء المغتربين اليمنيين بالسعودية بتخفيض رسوم الإقامات واستثنائهم من العمل في بعض المهن التجارية التي منعوا منها بموجب قوانين العمل الجديدة.

وقد انتهت باعتبارها فرقعات إعلامية لا أكثر.

مالم تُوجد وسائل ضغط حقيقة على مسؤولي الدولة، فإنهم سيستمرون في غيهم وسلوكهم المشين مع كافة قضايا المغتربين وغير المغتربين.

نتمنى أن تُؤسس منظمة يمنية عالمية للدفاع عن حقوق المغتربين اليمنيين ورفع دعاوى على كل مسؤول مقصر في حقهم، لأن الخرق قد اتسع على الراقع ولأنه لا أمل في تجربة المجرب وإن الذين نستنصرهم، قد فقدوا الضمائر والأحاسيس قبل فقدانهم للمسؤولية.


Create Account



Log In Your Account