مثلث الأزمة اليمنية: الحوثي، الشرعية و التحالف
السبت 29 يونيو ,2019 الساعة: 12:31 مساءً

عندما اشتعلت شرارة الحرب في اليمن بصورة واضحة، وكان أول فصل من فصولها الجادة ، يوم 9 يوليو 2014 عندما سيطر الحوثي على معسكر اللواء 310 بعمران واغتيال قائده حميد القشيبي، ثم اقتحام العاصمة صنعاء لاستكمال مشاهد هذا الفصل بالسيطرة الكاملة على صنعاء في 21سبتمبر2014 ، لم تكن تلك الأحداث صناعة يمنية خالصة، وإنما كانت صناعة خارجية إقليمية ودولية، وكان المنفذون يمنيون.
وأيا تكن المبررات لكل تلك الأطراف الداخلية منها أو الخارجية، فإنه كان لكل طرف أهدافه الخاصة.

ولست هنا بصدد سرد تاريخي لشرح إرهاصاتها، والتي بدأت فعليا منذ أن تم الإتفاق بين الأطراف السياسية بما فيها الحزب الحاكم  على إلغاء انتخابات البرلمان المنتهية صلاحيته في فبراير عام 2009 وتمديد فترته، وليس كما يظن البعض أن الأزمة بدأت في 11فبراير 2011  لأن إلغاء الانتخابات البرلمانية، كانت المنعطف الأبرز لتداعيات مابعدها، باعتبار تلك الخطوة بمثابة إطلاق (رصاصة الرحمة) على صورة الديمقراطية الهشة والتي كانت تحقق الحد الأدنى من مظاهر العملية الديمقراطية.

وقد يكون التحضير للفصل الأول استمر لسنوات طويلة، لكن الفصول تتابعت سريعا، 
حيث جاء الفصل الثاني على غير ما توقعه المراقبون حين أعلن الرئيس عبدربه منصور هادي عن تقديم استقالته  التي رفضها البرلمان  في 22 يناير 2015 بالتزامن مع استقالة حكومة الوفاق الوطني الجديدة برئاسة بحاح، وهروب  هادي الى عدن .  وإعلانه التراجع عن استقالته في 21فبراير 2015، أي بعد أقل من شهر على تقديم استقالته وهو ما فسره البعض أن إعلان الاستقالة في صنعاء، كان تحت ضغط الإكراه، وكان هذا هو الفصل الثالث، والذي لم يستمر أيضا طويلا.

جاء الفصل الرابع الأكثر دراما (بهروب) هادي من عدن، حسب تعبير هادي بلسانه، بالتزامن مع التحركات العسكرية الخارجية وإعلان الرياض إطلاق عاصفة الحزم في 26مارس2015 والقتال بصورة مباشرة من اجل ( اعادة الشرعية ).
وكانت مفاجئة لجميع السياسيين والمراقبين، ولم يكن يتوقعها أكبر المتفائلين ولا أكثرهم تشاؤما أيضا.

ولقد أحيط التحضير لها بسرية تامة لم تعهد في تاريخ العرب وخاصة أن المشاركين فيها أكثر من 11دولة عربية واسلامية . 

هذا الفصل دخل عامه الخامس وهي سنوات عصيبة ومؤلمة يعاني فيها شعبنا الويلات حيث عدد القتلى تجاوز 70 الف قتيل واكثر من 200 الف جريح وملايين المشردين في الداخل والخارج وتكاد كل عشيرة وأسرة إلا ولها من المأساة نصيب.
يستمر هذا الفصل مصحوبا بتمزق مجتمعي ، وتخوين متبادل بين أطراف القوى السياسية اليمنية، واختلاف جوهري في وجهات النظر للحل ، وعدم وجود رؤية واضحة لدى التحالف لإنهاء الحرب .

كل المؤشرات تُفيد أن هذا الفصل سيستمر وكأنها دراما مثيرة كلما توقع المشاهد أنها على وشك النهاية بانتهاء الحدث المثير فيها ، فإذا بالمُخرج يُفاجئه بحدث جديد ومعقد لايستطيع التنبوء كم سيستمر، ولا إلى أي نقطة فاصلة سوف يصل.

قد لا نستطيع تحميل المسؤلية على طرف واحد ، فكما أشعل شرارتها الانقلاب الحوثي وعليه يقع وزر كل تبعاتها، لكننا ايضا لا نعفي الشرعية المترهلة التي تدير الملف بصورة مقززة  سواء بحسن نية أو بسوء نية، ولا نعفي التحالف أيضا  من إطالة زمن الحرب والذي أصبح محرجا له سياسيا على الصعيد الدولي وكذلك على الصعيد الداخلي وكل يوم يمر، يفقد ثقته في قلوب اليمنيين الذين كانوا من مؤيديه ،
فهل ستستمر هذه الحرب وهذا التدمير للأرض والانسان ؟
وهل السنين العجاف ستطول وتستمر معاناة اليمنيين بين مثلث الأزمة : الحوثي - الشرعية - التحالف ؟
آمل كما كما يأمل كل يمني أن تنتهي هذه المساة وهذا التدمير  قريبا . 



Create Account



Log In Your Account