بين يدي ذكرى 22مايو .. الشرعية الأخلاقية للوحدة والنزعة الانفصالية
الأربعاء 22 مايو ,2019 الساعة: 05:24 مساءً

رغم عظمة الإنجاز الكبير الذي تحقق صباح الثاني والعشرين من مايو 1990 بإعلان الوحدة اليمنية، فسرعان ما بدأت بعد حرب 94 تتآكل القاعدة اﻷخلاقية للوحدة بتنامي سياسات الإستحواذ العائلي ومراكز النفوذ في الشمال على السلطة والثروة رغم توهم البعض حينها لإحكام نظام الإستحواذ قبضته اﻷمنية والعسكرية على كامل التراب الوطني؛ و تولدت على إثر هذا التآكل قاعدة أخلاقية للنزعة اﻹنفصالية استجمعت مشاعر الإحتقان من الإقصاء والتهميش، غير أن اندلاع ثورة فبراير 2011 التي اسقطت النظام العائلي في الشمال وأسندت السلطة لرئيس من أبناء الجنوب وفتحت آفاق الحوار لبناء صيغة سياسية ليمن اتحادي جديد؛ جددت الشرعية اﻷخلاقية للوحدة السياسية في صيغتها الجديدة التي حددتها مخرجات الحوار الوطني، وبدأت تتآكل في المقابل القاعدة اﻷخلاقية للانفصال رغم ما يتوهمه البعض من تعاظم هذه النزعة أو إحكام قبضتها العسكرية على أجزاء من الوطن.

ورغم أن نكبة الانقلاب الظلامي الفاشي في 2014 حاولت إعادة تعزيز القاعدة اﻷخلاقية للنزعة الانفصالية مع إشهار أقبح مخالب النزعات الإستحواذية العنصرية الكهنوتية على السلطة والثروة إلا أن انخراط أبناء الشمال في جبهات الدفاع عن الشرعية في أكثر من مدينة وتقديم آلاف الشهداء وتشبثهم بالشرعية الديمقراطية ما يزال هذا النضال وهذه الدماء المتدفقة كل يوم تجدد الحياة في الشرعية اﻷخلاقية للوحدة السياسية في ثوبها الاتحادي المستقبلي رغم كل التحديات والتدخلات الخارجية المشبوهة.

ويدرك اليوم كهنة اﻹنقلاب الاستحواذي العنصري الدموي انه لا مستقبل لمشروعهم الفاشي في ظل اليمن الكبير، فإليمن الجمهوري الديمقراطي لن يستقر له قرار تحت سلطة الإكراه الكهنوتية العنصرية بغرائزها الإستحوذاية التي تتقمص ثوب الدين بتفسير مذهبي متخلف لنظرية الولاية العنصرية التكفيرية الفاشية والمعادية للديمقراطية، والتي تستبيح دماء جميع المخالفين من التيارات السياسية والمذهبية الأخرى بما في ذلك الشيعة الاثني عشرية، فالشيعة الاثني عشرية لا يؤمنون بولاية البطنين فالقول بولاية البطنين يسقط القول بولاية اﻹمام الغائب والقول بولاية اﻹمام الغائب يسقط القول بولاية البطنين وهذا تناقض جوهري و مهم للغاية، فرغم التوافق الظاهر للمصالح السياسية المؤقتة، فالشيعة بمختلف فرقهم يعتبرون مسألة الولاية من مسائل العقيدة و الإختلاف فيها خلاف في جوهر الدين مع وجود فارق سياسي مهم لصالح الشيعة الاثنى عشرية، يتمثل بإمكانية قبولهم بالآخرين وقبولهم بالديمقراطية في ظل غياب إمامهم المزعوم، أما نظرية البطنين فلا يمكن أن تقبل بالآخر إلا تابعاً ذليلاً خاضعاً لجميع أنواع الإبتزاز، فضلاً عن اعتماد هذه النظرية الهمجية الفاشية على ثقافة الخروج المسلح والإكراه، لفرض اﻹمام بالقوة كشرط لصحة الإمامة. 

وإصرار الانقلاب الفاشي اليوم على ربط المذهب الزيدي بنظرية فاشية تاريخية، لا تنتمي لثقافة العصر الحديث إساءة بالغة للمذهب الزيدي فلا مستقبل للزيدية في اليمن إلا بتجاوز نظرية الإمامة الطاغوتية الكهنوتية والقبول بالديمقراطية التوافقية والمواطنة المتساوية ولا مستقبل للوحدة السياسية في اليمن إلا بالقضاء على جميع النزعات الاستحواذية الفاشية، ولن تستطيع الأمم المتحدة ولا أي قوة في العالم إجبار الشعب اليمني في أي منطقة جغرافية على العيش تحت سلطة فاشية عنصرية كهنوتية تفرض سلطتها بقوة السلاح المجرد من أي تفويض شعبي.

وفي المقابل لا مستقبل لأي نزعات إنفصالية سقطت قاعدتها الأخلاقية في النضال ضد الإقصاء وتحولت إلى مشاريع للإقصاء والاستحواذ، وليس أمام اليمنيين إلا العودة إلى سبيل الرشد والحكم الرشيد والسلام والتعايش في وطن ديمقراطي تعددي، والعودة إلى مخرجات الحوار الوطني بعد التكلفة الباهظة للتمرد على هذه المخرجات و الفشل الذريع لفرض صيغة أحادية فاشية أوصلت الوطن إلى هذا البؤس والدمار .


Create Account



Log In Your Account