كي لا نفقد البوصلة
السبت 27 أبريل ,2019 الساعة: 02:52 مساءً

في هذه اللحظات الفارقة التي تمر بها البلد، وبُعيد انعقاد أولى جلسات البرلمان فرع (سيئون)، أطلت علينا وكنوع من التجليات السياسية بشرى ولادة مكون سياسي جامع، تحت مسمى (تحالف القوى السياسية)، ورغم تأخر ميلاد ذلك الكيان، والمخاض العسير الذي مر به، إلا انه ومن باب (أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي)، فقد رحب به المواطن العادي أيما ترحيب.

 

في البداية يجب أن نعرف ويعرف الجميع ماهي الخطوط العريضة التي يتوجب العمل عليها في ظل هذا الكيان؟ وما هي المرتكزات التي يجب أن يسعى للعمل على توطيدها، والبناء عليها؟ وماذا بعد أن تكتمل الإجراءات الشكلية لبناء هذا الكيان؟ وماهي الخطوات العملية التي يجب إتخاذها للوصول الى الأهداف المرجوة منه؟ أم سيظل هذا الكيان مجرد بروتوكولات وأعمال إنشائية، يكون نتاجها مجرد مجسم خشبي أجوف، يتهاوى مع أول عاصفة أو ينهار بسبب بعض القوارض التي تنخره من الداخل.

 

ما أقوله ليس من باب التشاؤم، ولكن بالرجوع الى الماضي القريب، وجدت هناك كيانات مشابهه كان سبب إنهيارها هي تلك القوارض المتمثلة في بعض التنظيمات السياسية الزئبقية متعددة الحالات والأوجه والولاءات، والمتقلبة بحسب المناخ السياسي، ولاتعدو عن كونها مشاريع صغيرة للارتزاق، وجني الأرباح والمصالح الأنية الضيقة.

 

من حقي انا وكل الطامحين لإيجاد الدولة التي نحلم بها أن نؤگد على ضرورة توحيد الجهود بين كل المكونات السياسية الداعمة لمشروع الدولة وبين الحكومة، وبين السلطة التشريعية من جهة أخرى، والعمل على مرتكزات ثلاث من الأهمية بمكان لتحقيق الحلم المنشود.

 

أولى تلك المرتكزات هي توحيد الخطاب الإعلامي وضبط بوصلته في الاتجاه الصحيح، بعيداً عن المناكفات والمكايدات وكيل الإتهامات،  فالمنظومة الإعلامية التابعة للشرعية وللأسف الشديد لا زالت تعمل بنفس تلك الديناميكية النمطية، علاوةً على انها لا تملك خطاباً إعلامياً موحداً فكل وسيلة من وسائل الإعلام المختلفة لديها مشربها الخاص، ومشروعها الخاص أيضاً، والنتيجة هي الفشل الحتمي، ومن هنا برزت تلك الصورة المشوهة للمشروع الذي تتبناه تلك الوسائل المختلفة، وإن كان هذا الفشل بشكل نسبي.

 

بالمقابل ترى الطرف الآخر يمتلك ماكينة إعلامية لا بأس بها، رسالتها واحدة، يتكلم بلغة واحدة، ويحمل مشروعاً واحداً لا أجزم بوصفه بالإعلام الناجح لان هذا الوصف يتنافى مع واقع حال هذا الأخير لاعتماده في أغلب اطروحاته على المغالطات وتزييف الحقائق فالميزة الوحيدة التي تميز بها هؤلاء هي وحدة الكلمة ووحدة الهدف، فلو أن سيدهم أطل من كهفه ذات مساء وأشار اليهم بتغيير قبلتهم في الإتجاه المعاكس للبوا النداء فوراً دون نقاش، لأن ابن رسول الله قد رأى ذلك.

 

من هنا يتوجب على كل المكونات السياسية توحيد الخطاب الإعلامي، والارتقاء والتسامي بقدر الهدف الذي تتبناه تلك الوسائل، والأهم من ذلك عدم نبش الدفاتر القديمة، والابتعاد عن وضع الملح على الجرح، ويجب التأكيد أيضاً على أنا لسنا في معترك انتخابي الهدف منه الوصول الى السلطة أو الاستحواذ على الأغلبية المريحة، بل نحن في معترك نكون فيه او لا نكون.

 

المرتكز الثاني هو الجانب الديبلوماسي: والذي نستطيع من خلاله نقل صورة حقيقية غير مشوهة لمشروعنا، وإيصالها للمجتمع الدولي بشكل أكثر إقناعاً.

 

فالمتابع للشأن الديبلوماسي  يلاحظ أن ناشطةً واحدة تتبع القوى الإنقلابية تقوم بأنشطة يعجز عنها عدة سفراء للشرعية في دول اوروبا، ولا مجال هنا لذكر العيوب والمثالب التي شوهت وجه التمثيل الخارجي لطرف الشرعية.

 

المرتكز الثالث والأهم هو جبهة الجيش الوطني، والعمل على توحيد تلك الجبهة تحت قيادة موحدة تتبع الحكومة الشرعية، والابتعاد عن تلك المكونات المليشــاوية التي تتبع سين أو صاد من القوى الداخلية أو الخارجية الإقليمية أو الدولية.


Create Account



Log In Your Account