حيوية تعز في زمن الحرب
السبت 30 مارس ,2019 الساعة: 03:23 مساءً

تحمل المظاهرة الحاشدة لنهار الْيَوْم في تعز رسائل عديدة على المستوى المحلي والإقليمي.

قبل الحديث عن الرسائل ينبغي أولا التشديد على ضرورة محاربة العناصر الخارجة عن القانون وإنهاء الاختلالات الأمنية والقضاء على المربعات الأمنية تعدد جهات الضبط وإيقاف ابتزاز الناس.

كما ينبغي القضاء على أوكار التطرّف والإرهاب في المدينة والمحافظة وإيقاف الإغتيالات التي صارت توازي ضحاياها في قلب المدينة، ضحايا المدنيين من قذائف وقناصات الحوثي.

وهذا عمل لا يتم إلا بمؤسسات شرعية تمتلك سلطة قانونية وتنفذ أعمالها في إطار اللوائح والقانون وإحترام حقوق الإنسان.
بالإضافة إلى توافق القوى الإجتماعية والسياسية حول السياسات العامة المتخذة في هذا المجال. بمعنى إشراك الأطراف ذات المصلحة.

ثانيا: تعطل العمليات الإنتخابية منذ أكثر من عقد من الزمن ( آخر انتخابات برلمانية كانت في 2003، وآخر انتخابات للمجالس المحلية كانت في 2006 وتزامنت مع انتخابات رئاسية تنافسية بينما جرى في 2012 انتخابات رئيس جمهورية غير تنافسية) يفقد العملية التمثيلية روحها مما يدفع بالأحزاب الى اللجوء الى الشارع.
وربما محافطة تعز، بعد العاصمة صنعاء، أكثر محافظة تتصدر هذا المشهد وتتعاقب عليها التظاهرات في المدينة والأرياف، وهذا يعكس وعي مدني كبير في ظل الحرب خصوصا المسيرات المعارضة للفساد أو لأداء الحكومة أو لأداء السلطات المحلية بينما تكون المسيرات الداعمة تحصيل حاصل.

وهذه العملية تنتقص من الديمقراطية كعملية تنظم السلطة وتسهل انتقالها وتعكس الإرادة الشعبية في سياسيات عامة، فضلا عن أن تفعيل الشارع دون انتخابات ليس أكثر من تزكية وانزلاق نحو ديكتاتورية الشارع.

نعود الى مظاهرة الْيَوْم.

اولا: إن المدينة ما تزال تعكس قوة حيوية رغم أن الحرب تحيط بها من كل الجهات.

ثانياً: أن حزب الإصلاح يمتلك شعبية كبيرة ولديه قوة على الحشد هائلة الى درجة يمكن معها إعتبار تعز محافظة إصلاحية خصوصا بعد تشرذم حزب المؤتمر وتخبط الحزب الناصري وتحالفه مع السلفيين وسبات الحزب الاشتراكي، عدا في مديرية المعافر.
ثالثا: تعكس المظاهرات رغبة المدينة في القضاء على الإختلالات الأمنية وتطبيع الحياة.

رابعا: يحاول حزب الإصلاح التعزي أن ينفصل عن الأصوات الإصلاحية المقيمة في حواضر محسوبة على قطر وتركيا وأن يقدم نفسه كطرف محلي مقتدر غير منفصل عن السلطة المحلية ولا عن شرعية الرئيس هادي.

خامساً: وبناء على رابعاً، يقدم الإصلاح في تعز المحافظة باعتبارها منسجمة مع التحالف وليست ضد الامارات ربما تجنبا لرد الفعل الاماراتي المتوقع بعد الضربات الموجعة التي تلقاها ابو العباس، الحليف السلفي الإماراتي في تعز.

سادسا: تأتي المظاهرات بعد ضجة إعلامية ومسيرات محدودة العدد مناهضة لما جرى في تعز تحت الحملة الأمنية وبعد أن تصدر الناصريون الضجيج والمسيرات.

وأمام مسيرات الْيَوْم التي سيرها الاصلاح، يبدو الناصريون قليلي العدد وذوي حضور كبير على صفحات التواصل الاجتماعي.

مع هذا لا يظهر الى حد اللحظة مطالبات في المظاهرات بنتائج التحقيق القضائي الذي أمر به المحافظ. أي أن البعد القضائي ما يزال هو الغائب الأكبر ولا معنى للمدنية من دون القضاء.

كما لم تظهر مطالبات بإخراج المعسكرات الى الجبهات ورفض التجنيد خارج المؤسسات العسكرية وإيقاف تحشيد المجتمع وملشنته. 


Create Account



Log In Your Account