كانت معركة بين الكرامة والذل

وسام محمد

لم أكن أعرف عن حجور شيئا قبل انفجار الانتفاضة المسلحة فيها. كنت اعتقد انها مجرد مديرية نائية في محافظة حجة البعيدة.

الان اصبحت اعرف الكثير عن التاريخ والجغرافية والافق الذي بشرت به حجور.

نحن سكان الفيس بوك نلقي باللوم على الشرعية والتحالف, بينما الناس هناك عندما قرروا المقاومة لم يفكروا سوى بعدوهم ولم يتسلحوا بغير شجاعتهم وبأسهم. من يلقي باللوم على الشرعية والتحالف _ ونحن نعرف انهم لا يساوون نعل مقاوم حجوري _ فهو واقع تحت سطوة النفسية المهزومة التي تكفلت بالنخبة السياسية والعسكرية في طول البلاد وعرضها.

هذه ليست حرب بين جيشين نظامين حتى يكون هناك مهزوم ومنتصر, بل هي حرب بين الذل والكرامة, واليمني لا يقبل ان يعيش ذليلا مهما اتقن الصبر. دماء قائد واحد من هؤلاء الذين سقطوا في حجور ولم نكن نعرف عنهم شيئا من قبل, سوف تنبت ألف قائد. اذا كانت الشرعية سقطت في حجور فقد سقطت من قبل في كل مكان, الجديد هو ان شهر العسل الحوثي في مناطق القبائل انتهى وانفرط العقد واتضح انه لا يوجد اي مجال للتعايش مع هذه الجماعة. 

وهذا ما يجعل المعركة اليوم تتجاوز الشرعية والتحالف. لتستمد اسبابها من واقع الحال. لا يمكن للناس القبول بحياة الذل والمهانة. ولا بأس ان يتأكد الناس انه لم يعد هناك مجالا لمزيد من الانتظار. فتحريرهم لن يكون الا بالاعتماد على انفسهم.

المعركة اذن تآخذ وجهة جديدة, وهذا هو المعترك الذي يتشكل كميدان, أي فعل فيه هو نصر محقق طالما يهز اركان الجماعة ويدق مسمارا في نعشها المنتظر.

اذا كان للامامة جذور في هذا البلد تتجاوز الالف عام, فمقاومة الامامة لها ايضا جذور تتجاوز الالف عام, وحجور ليست مديرية وليست قضاء بل تاريخ آخذ ينهض وجغرافية سوف تتسع حتى عقر دار عبدالملك الحوثي.

ومن يعتقد ان الناس لن تنتفض في المناطق الاخرى لأن حجور سقطت, فهو لا يعرف عن بلاده شيء.

كانت معركة لفتت انتباه اليمن من اقصاه الى اقصاه. لهفة الخلاص هذه وقد تبدت على هذا النحو, مثل ما هي بيئة مناسبة لتكاثر الاستثمارات الوضيعة التي لا تزدهر الا مع المعارك الكبيرة, هذه اللهفة من باب أولى بمثابة وقود لتفجر المزيد من الانتفاضات المسلحة.

يمكنكم القول ان هذا هو الافق الذي يحكمنا اليوم. ويمكنكم اعتبار الشرعية احد تلك الاستثمارات الوضيعة التي تتغذى وتظل قائمة لأنها لم تعد قضية رئيسية.

*نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك