ماذا حدث في عدن..؟!
الخميس 01 فبراير ,2018 الساعة: 02:02 صباحاً

ما جري في عدن هي معركة كرامة وطنية خالصة؛ لكسر الوصاية الإماراتية على المدينة، وبصرف النظر عن نتائج المعركة وما أحاط بها من خذلان، تبقى دليلا ساطعاً على وجود ممانعة وطنية حاسمة لوضع حدٍ للعبث الاماراتي بسيادة البلاد واستقلالها، فقد كشفت المعركة بلوغ العربدة الاماراتية ذروتها، وأكدت بالمقابل وجود قناعة سياسية رسمية بخطورة المآل الذي تقود إليه الامارات بلادنا، والاستعداد لتفكيك منظومة نفوذها العسكري والمليشاوي في مؤسسات الدولة مهما كانت التكلفة..!

من الواضح للجميع رغبة الإمارات بإزاحة كل القادة السياسيين الذين يتململون من تغولها في مفاصل الدولة ويسعون لاستعادة استقلالية القرار الوطني، تريد هذه الدويلة الوقحة استلاب البلاد كلها لصالح نزوعها الامبراطوري، وفي طريقها لتحقيق هذه الغاية تعمل على اجتراح كلّ الطرق؛ لتعطيل المؤسسة الرئاسية من أدوارها في صناعة القرار الوطني وتكبيل الرئيس هادي بأيادي محلية، والعمل على جعله تحت الابتزاز الدائم من قبل أدواتها في الجنوب، وهذا ما حدا بالدويلة الطائشة لدفع ما يسمى بالمجلس الانتقالي لخوض معركة عسكرية ضد الحكومة لتقويضها واستبدالها بأخرى مذعنة كليّا لرغبات صبيان دبي المغرورين..!

وبالنظر لتوقيت المعركة التي فجرتها الامارات، تتضح لنا الصورة أكثر، فبعد أن قرر رئيس الحكومة أداء عمله بشكل دائم من عدن، وبدأ بخطوات فعلية لضبط السلوك الاداري في المدينة، وأعلن الموازنة العامة للدولة،
جنّ جنون إماراة العاج، كونها تعلم ما يستتبع خطوة إعلان الموازنة من مراقبة شاملة للموارد واستعادة الاشراف على الموانئ والمطارات والمنافذ البحرية؛ لضمان استيفاء الموازنة ووقف العبث بمصادر الدخل في البلاد، خطوة كهذه ستسلب الامارات أهم أطماعها المتمثل في التحكم بالموانئ وفرض الوصاية على المنافذ السيادية للبلد..!

هذا بالطبع تفسير جزئي لحالة الطيش الإماراتي ومغامرتها في دعم حركة التمرد على الشرعية في الجنوب، فإلى جانب مخاوفها من استعادة الحكومة لقرارها السيادي ومباشرتها لعملها من قلب المدينة والعمل على تحجيم نفوذ الامارة المنتفشة في مؤسسات البلد، إلى جانب تخوفها ذو الطابع الاقتصادي تخشى الدويلة الطامحة لقصقصة أجنحتها العسكرية في البلد ما يعني وضع حدّ لكل مطامعها الغير مشروعة في بلادنا وإعادتها لدورها المضبوط وجعل تواجدها خاضع للرقابة ومٌتحكم فيه من قبل الدوائر الحكومية الرسمية للسلطة الشرعية..!


بالأخير مهما كانت النتيجة، فقد أكدت للإمارات أن المدينة لن تكون لقمة سائغة لها ولا بد أن تدفع ثمن سفورها، وحين عجزت على تقويض الوجود العسكري للشرعية سريعا لجأت للتدخل عبر السلاح الجو التابع لها، لترجيح كفة المعركة وكان أن لاقت حماقتها رفضا سعوديا على ما يبدو، فتم تسوية الوضع، ولم تحقق الامارات رغبتها الكاملة بكسر القوة العسكرية للشرعية، ما يعني أنها فهمت الدرس وأن الشرعية ستعيد ترتيب حالها بشكل جيد استعدادا لجولة صراع محتملة؛ كي تتمكن من تثبيت وجودها وانتهاز الفرصة لتفكيك أذرع الامارات في المدينة، ولن يكون ذلك بالأمر الصعب حالما بقت الشرعية متيقظة لخطورة اللعبة التي تلهو بها الامارات في بلادنا، ورتبت أمورها لوضع حد للمسخرة اليوم أو غدا أو بعد غد، ولن تكون الأرض إلا لأبناءها ولن يحكم التراب سوى من ولدوا عليه ويظل الغريب غريبا مهما تبجح أو تعربد..!

*المقال خاص بموقع الحرف28


Create Account



Log In Your Account