البــائــع دَينــاً ..
الأحد 03 مارس ,2019 الساعة: 03:03 مساءً

استثمار الأحداث الطارئة كتوجه استغلالي محبط تمارسه كثير من وسائل الإعلام بما فيها شبكة التواصل الاجتماعي أشبه بظاهرة مألوفة في الوقت الراهن لاستجابة الشارع لها بصورة استسلامية مرنة كجزء من وجبة تحليلية جاهزة أنتجت شرخاً عميقاً في الوعي المجتمعي والعام، بالإضافة لتحوير أغلب معلومات الحدث وتشويه أيٍّ من ملامحه، وهذا هو الآخر أنتج تراكمات تعقيدية في إمكانية أي حل أقرب للواقع والذي يتحمل ذلك كله ليراكمه تعقيدات مستقبلية لا فكاك للمجتمع وسلمِه وأمنِه واستقراره منها مطلقاً.


أن تحدث اشتبكات بين فصيلين من المقاومة في منطقة ما من المناطق المحررة ليست قضية جوهرية تستدعي كل تلك الحشود الأخبارية والتحليلية والتحويرية المتشائمة والتي لا تدرك أنها تجلب للمجتمع التشاؤم حقيقة،ً وتضع سياجاً منيعاً للحيلولة دون استمرار تلك الاشتبكات وأخرى قد تحصل هنا وهنالك في ذات "المحرّرة" غير المعصومة من استفزازات واشتبكات وصدامات مسلحة تحصل في أغلب بلدان الدنيا، لكنها ليست مسكونة بأشباحٍ كهذه التي تأويها أكبر حالة شبحيّة في التاريخ، ولا تسطيع أيّ تخلصٍ منها لاعتبارها المتشائم وللتّشاؤم حالاته التحليلية عطفاً على الحشود الإعلامية آنفة التّزييف المُربِك حدّ الأزمة.

إن قدرة الانقلابيين الفائقة على تجفيف هكذا مواجهات بينية بمناطق سيطرتهم ربما لعدم ثقة أطراف الصراع التراكمي بهم كسلطة عصابات حديدية لا تؤمن بأي مبدأ ديمقراطي قد يمنح ولو شيئاً من حرية التعبير المجتمعي العادي جداً ناهيك عن السياسي والحقوقي وغيره بل وحتى حرية الانتقام بين قبائل تتحيّن لبعضها فرص المواجهة كجزء من لغة تفاهم تعارفت عليها قبائل اليمن منذ الأزل وهنا ليست عملية فرض الأمن هي الفاعلة بل حالة الكبت القهري الإذلالي هي من خلقت بعمق تلك القبائل اضطهاداً قاتلاً لأي كيان تحرري، لتتحول الفكرة إلى عدو هو الآخر يتربص به ريب المنون، ما ينتج عنه تجفيفاً للألق الذات الاستقلالية والحرية وحالة المعنوية، ليشمل ذات الإنسان كرمزية للكرامة سيما وهي تداس باسم ضروريات المرحلة من قبل عصابة الاستبداد الكهنوتية الحوثية التي تعمّدت أن تسحق كرامات الناس بالمناطق المحتلّة منذ أول طلقة حرب ثم اجتياحاً لمحافظات ومناطق الشمال


 هذه كخطوة "قهرمانية" شاءت أن يتحوّل الناس إلى أشبه بقطيع ليسهل قولبتها كسخرة وحتى إلى عبيد ربما، وما إهانة من يقفون معها أمام نسائهم وأطفالهم لأي جناية وإن كانت عادية إلاّ لقتل عامل القوة المثالي والذي يحتفظ به الرجل كمصدر هيبة أمام عائلته والمجتمع وهو الذي استهدفته العصابة الحوثية وإن برز أبطال من المجتمع في صفوفهم إلاّ أن كل ذلك مرهون بحالة شكّ حوثية قد تطيح بكل ذلك لتحوله إلى هباءٍ عصفت به ريح مجنونة لشكّ بجمجمة الكهنوت فقط لندرك أن المناطق "المحررة" تعيش حالات من حرية التعبير والنقد داخل نفس الإطار وحتى بحالة المواجهة، والحقيقة إن صراع الأخوة الأعداء منبوذة ممقوتة كظاهرة شاذة لكنها تعطي صورة عميقة وربما لتبرز قوة كل طرف "مصارع" من هؤلاء وهذه بالأساس قوة كنتاج طبيعي للقوة في الذاتية الممنوحة حق القول وحق الفعل وحق التحرك حتى حق المواجهة ولكن أكثر الناس لا يدركون ذلك البتّة.

وفي ذات السياق تهرول وسائلٌ لإعدام الموضوعية صوب أي حدث كاشتباكات وأخرى من هذا النوع تطرأ، ومثلها تهرول أقلام بمنصات التواصل وتهرول مطابخ وقد تهرول أحزاب وجماعات وتهرول للأسف أيضاً قيادات سياعسكرية لوضع بصماتها الخبرية والتحليلية والتحريضية لسد فراغ في ذهنية الثأري العميق لتبدأ معركة يقودها عبث الإعلامي ولا مسئولية العسكري وتهريج السياسي وفراغية المتلقي وانبساط العدو الحوثي الذي يروق له ذلك، بل يهمّه كثيراً لانتقال الآلة الإعلامية والتي يفترض أن تكون ضده أصلاً إلى الداخل "المحرر" لمبررات غالبها منطقية ولكنها غير ضرورية في الوقت الحالي، لأن الحرب لا تزال قائمة بقوة العدو والذي استطاع اختراق الرأي العام الإعلامي لخصمه ليوجّهه إلى حيث يريد وهذا لا يعني أنه قد نجح بالصورة الطبيعية بل بملامحها كجزء من هدف تحريضي يستفيد منه ليبدأ بضخّ كميات هائلة من شائعاته الممنهجة كوقود إضافية ولو بنسبة ضئيلة ولكنها تساهم باشتعال الجحيم الإعلامي المشبّع بالكراهية والتحريض والعبث والتعقيد.



Create Account



Log In Your Account