كلمة وفاء في ذكرى رهام بدر
السبت 09 فبراير ,2019 الساعة: 12:04 صباحاً

ذكرى استشهاد رهام بدر، مرت متزامنة واحتفالات ثورة ١١فبراير، التي كانت رهام إحدى رموزها العاملة بصمت من أجل الثورة والثوار، صمت نبيل بحب وإخلاص لقضية هذا الشعب وحريته.

ولأنها تحمل قضية فقد استمرت ثائرة في كل المراحل دافعة بالشباب لمزيد من الوحدة والتكاتف وعندما حاولوا كسر تعز بالسلاح وقبل اقتحامهم، كانت رهام تصول وتجول بين مقرات الأحزاب وتجمعات الشباب، تحثهم على الدفاع على المدينة وتحرضهم على حمل السلاح.

 

كانت مومنة أن الثورة تضحيات ومع إيمانها بالسلمية إلا أنها كانت مدركة تماما، أن الثورات تحتاج في ظرف معين إلى حمل السلاح.

 

قبل دخول الحوثيين المدينة وفي إحدى الإجتماعات الحزبية التي دعت لها رهام ورفاقها باسم شباب وشابات تعز بصورة عاجلة لمناقشة قدوم الحوثيون وضرورة التصدي لهم، كانت رهام التي تشبه ( اليمامة) البرية، تتحدث مثل أسد هصور:

قالت وبصوت واثق ( افيقوا ولاتترددوا، جهزوا أنفسكم لحمل السلاح وإن كنتم عاجزين فنحن النساء مستعدات لحمل السلاح نيابة عنكم ) .

مازل المشهد حاضرا، كانت مع وفد من رفيقاتها تتنقل بين مقرات الاحزاب ، يومها همس أحدهم : شوف البنت على مزايدة ؟

ولمعرفتي بها قلت : هذه لاتزايد، إنها صادقة ومعبرة عن مدى قوة المجتمع الذي ربما عجزنا عن قياسه.

 

والحقيقة فقد كنت أعتبر أن حديثها نوع من تحميس الرجال، تقوم بها النساء القياديات وقت الشدائد لتثبيت الرجال ودفعهم للقتال وهذا يكفي بنظري وزيادة .. مع اعتقادي بأنها ستختفي عند أول طلقة.

 

لكن رهام لم تغب ولم تختفي، فكانت حاضرة في المقدمة وفي كل المواقع والجبهات التي تعرفها جيدا، مع فريقها من رفقاء دربها، الملازمين للنضال ، تدعم المواقع وتحضر التغذية والماء وتحمل إليهم الذخيرة وتحمس المقاتلين.

 

كانت تجتاز كل الخطوط والتحذيرات بجسدها النحيل، لتصل الى مواقع الشباب، يستوي عندها وقت الهدنة أو اشتداد المعارك بين القذائف وأزيز الرصاص، تتحرك بشغف عجيب وحرص نبيل ورباطة جأش.

 

قال لي أحد الشباب الذين كانوا في المواقع الأمامية حينها، إن رهام تمثل لنا، عندما تحضر بكل تلك الشجاعة والحرص ، توجيه متكامل مؤثر ومباشر، ودعم معنوي ربما لاتعلم هي أثره.


وكما اهتمامها بدعم وأمن الجبهات، كانت حريصة على الأمن الداخلي، ولديها معرفة بمناطق الجماعات وعصابات القتل التي قامت بموجة مؤلمة من الإغتيالات، والتي كانت حينها في طور الإعداد، وكانت رهام من أول من حذر منهم و من خطرهم القادم بوقت مبكر.

وصلت إلى مربعاتهم ووثقت الكثير عنهم كناشطة، لتعود بجهد لايكل ولايمل لتوثيق إنتهاكات الحوثي وجرائمه عبر نشاطها المتعدد الجوانب، فقد كانت رهام تتحرك كنحلة و بهمة القائد العسكري وحنكة السياسي وحرص المصلح الإجتماعي وحذاقة الباحث، كل هذا الجهد يحمله جسد نحيل ومنهك وجهود ذاتية لا تعجز ولاتتذمر ولاتبحث عن مكسب أو شهرة.

 

لقد كانت رهام بدر مثالا للبطل الوطني، بكل ماتعني الكلمة، والذي لايبحث عن أضواء ولا ضجيج أو صور واستحقاق من أي نوع، تعتمد على روح يرتبط بالسماء، كان كفيلا بأن يجعل منها تلك القوة وذاك العطاء وذاك التجرد، لخدمة أهلها والدفاع عن كرامة الوطن.

 

رهام اسم يستحق الكثير من الوفاء والكثير من إعادة وكتابة التفصيلات عن حياتها التي تمثل مثالا للثوار والمقاتلين في سبيل الوطن ونموذجا للأجيال.

 

ولكي يعرف الكثير من المتطاولين حجمهم الحقيقي، ويأخذون درس في معاني التجرد والبطولة، لعلهم يبعدون أذاهم عن تعز بالمن والأذى ويكفون عن صناعة الإرباك لمسيرة النضال والتحرير، وتشويه ملحمة تعز الطاهرة باسم دورهم الذي لا طعم له ولا لون ولا فائدة.

 


Create Account



Log In Your Account