طارق "حفتر" الإمارات الفاشل
الأحد 14 يناير ,2018 الساعة: 07:18 مساءً

  ظل طارق محمد عبدالله صالح لسنوات طويلة اليد اليمنى لعمه بحكم موقعه كرئيس لحرسه الخاص وصندوق أسراره ولم يكن يفارقه إلا لمهمات خاصة لكنه في أول اختبار للوفاء والتضحية فشل وولى هاربا وترك عمه يواجه مصيره المحتوم على يد الحوثي.

 

لا أحد يعرف تفاصيل لحظات صالح الأخيرة ومن كان معه بمنزله، لكن المؤكد أن عارف الزوكا أمين عام حزبه المؤتمر الشعبي العام الرجل الوفي الوحيد من بين رجال الراقص على رؤوس الثعابين بمن فيهم طارق نجل شقيقه الذي يكشف هروبه أنه لم يكن معه وإلا للقي مصيره.

 

وإذا أمكن تلخيص سيرة طارق فهي بكلمتين الأولى” جدتك” وهذه اسم معركته بجبهة” تويتر” والثانية” الهروب” وهي رحلة هروبه من صنعاء إلى مناطق الشرعية واستغرقت أربعين يوما حتى ظهر مؤخرا بشبوة في تقديم العزاء لأسرة عارف الزوكا.

 

خلال تلك الفترة بحث الحوثيون عنه في كل مكان بصنعاء لعلهم يعثرون عليه كمطلوب لهم لا خوفا مما قد يشكله عليهم من خطر لاحقا ولكنهم لم يجدوه وهذا بحد ذاته فشل أمني لجماعة ينام أفرادها وأياديهم على الزناد وتلك طريقتهم الوحيدة للبقاء والسيطرة.

 

وعلى عكس الحوثيين كان أنصار صالح وأعضاء حزبه ينتظرون ظهور طارق على طريقة الشيعة كي ينقذهم مما عجز عنه في معركة” المنازل” وكانت مخازن السلاح مكدسة بمنزله تكفي لقتال أسابيع في أسوأ تقدير إن لم يكن شهورا ومع ذلك لم يقاتل بها حتى آخر طلقة وإنما تركها غنيمة لحلفائه الذين تخلصوا من عمه وإرثه لخروجه عليهم وليس كما يعتقد البعض عقابا على محاولته الدفاع عن الجمهورية التي غدر بها.

 

كان المبشرون يقولون إن الحوثيين لن يرتاحوا عندما يظهر ومنحوه وصف” قاهرهم” وطارت به قناة العربية وشقيقاتها من الفرح ولم تزل تفعل حتى بعد أن أثبت لها علنا وبالفيديو أنه ليس قاهرهم وإنما ناطقهم الذي كرر خطابهم بدعوة السعودية لوقف الحرب في تلطيف لكلمة” العدوان” التي يصفون بها تدخلها دعما للشرعية.

 

لم يذكر الحوثيين بكلمة رغم أنهم قتلة عمه ومن يعتقلون أقاربه وهذا يوجب الثأر لدى أصحاب الدم ولم يطمئن الذين عولوا عليه من حزبه رغم طول انتظارهم وصبرهم على مهديهم الهارب الذي كان يتسلل لتويتر في الليل معلقا على أحدهم باسم معركته الشهيرة هناك” جدتك”.

 

وإذا كان لم ينتصر لعمه ولا لأولئك الذين وصفوه بـ” قاهر الحوثيين” فمن السخف أن نسأل لماذا لم يوضح موقفه من الشرعية وهو يرفضها أصلا وليس في وارد التغيير والإيمان كحال ابن عمه أحمد المقيم في أبو ظبي أو شقيقه يحيى المعروف بـ” الدنجوان” والمقيم في ضاحية بيروت الجنوبية.

 

مع ذلك لا تزال الإمارات تعوّل عليه ليكون” حفتر” اليمن بعد فشل الرهان على صالح بكل تحالفاته وقواته” المفترضة” ونجله أحمد من بعده والذي لا يملك كاريزما والده ولا شبكة نفوذ قبلي أو قوات عسكرية حاليا، ويبدو أن العيش في نعيم الثروة المنهوبة أعجبه ولا يطيق فراقه.

 

تفيد المعلومات التي حصل عليها الكاتب من أكثر من مصدر أن الإمارات وقد تكون السعودية معها أو راضية بما تقوم به وفرت له معسكرات في شبوة ليستقدم إليها من تبقى ورغب من قواتهم وتجنيد مقاتلين مع تحملها نفقاتهم ورواتبهم وتسليحهم.

 

ومهما يُقال إن هذه المعسكرات هي لإعداد قوة لمواجهة الحوثيين فإن السؤال المنطقي هو: لماذا إنشاء معسكرات خاصة وهناك معسكرات للجيش الوطني بمحافظات الشرعية مفتوحة لكل راغب بالتجنيد طالما والعدو واحد وهو الحوثي؟

 

المسألة أكبر من ذلك وأبعد وتتعلق برغبة الإمارات في بناء قوة صالح العسكرية من جديد وليس بالضرورة كما كانت أو بنفس حجمها وإنما قوة على الأرض تشكل توازنا مع الجيش الوطني الذي تتوهم أن قوى سياسية معينة تملك تأثيرا فيه وهو اعتقاد خاطئ بالنظر لتكوينه الوطني الواسع وتمثيله كل محافظات البلاد وقواها إذا أخذنا معيار الجهات أو الأطراف مع أنه ليس أساس في الواقع.

 

تعرف الإمارات أن المؤتمر بلا قوة عسكرية لا شيء ذلك أن هذه القوة كانت تشكل مع الوظيفة العامة وخزينة الدولة عوامل قوته وبقائه وفوزه بالانتخابات وهي بالنسبة لها ضرورية لضمان نجاح مشروعها في المستقبل وهذا ما فعلته بالجنوب حين بدأت بإنشاء تشكيلات عسكرية مناطقية في مختلف المحافظات ثم أتبعتها بتأسيس كيان سياسي هو” المجلس الانتقالي”.

 

وكل هذه الأدوات العسكرية والسياسية شمالا وجنوبا هي مفاتيح الهيمنة والتحكم بالبلد أو على الأقل جزء منه من منظور الإمارات لكن حساباتها خاطئة عندما تفترض أن اليمن الكبير هو عائلة صالح وحزبه أو دعاة الانفصال بينما الآخرين مجرد طائعين لما تريد وهذا لن يكون.

 

هذا النهج يعزز أدلة انحراف التحالف عن أهدافه المعلنة ويجعله في مواجهة خيارات ضيقة ليست مفيدة له وهو ما يقتضي مراجعة أدائه ومقاربته والبداية بالتزام تفويض تدخله والتعامل مع الشرعية كشريك على الأقل والتوقف عن العبث والسيطرة على الموانئ والجزر وإنشاء المليشيات وهناك جيش وطني هو الأولى والأحق بالدعم والتسليح.

 

لسنا منتظرين من طارق أو ابن عمه أو غيرهما من عائلة صالح شيئا فهم لم ينفعوا أنفسهم في أول معركة مع حليفهم فكيف سينفعون غيرهم، ولكن ما يجب عليهم أن يتذكروه هو أنهم شركاء الحوثي في الانقلاب والحرب وثأرهم معه إن كانوا راغبين ولن ينس ضحاياهم ما فعلوه بهم ولا يحلموا بغير عدالة القضاء.

 


Create Account



Log In Your Account