الخميس 04 يناير ,2018 الساعة: 07:14 مساءً
وظيفة أي حكومة في العالم خدمة مواطنيها والدفاع عن مصالحهم وإذا لم تقم بذلك أو قصرت مع قدرتها عمليا فهي تفقد مشروعية بقائها تلقائيا ويشمل ذلك المشروعية القانونية والأخلاقية على السواء.
ماذا يريد الناس من حكومة تفكر بمصالح وزرائها وعوائلهم وأقاربهم والبلاد في حالة حرب أغلب السكان يعانون للبقاء على قيد الحياة ولا يجدون أبسط المقومات من غذاء ودواء ورواتب منتظمة للموظفين الذين نسي بعضهم راتبه من طول غيابه ويأسه من إمكانية عودته.
نقترب من العام الرابع للحرب ولا تزال الحكومة في الخارج بلا خجل أو صحوة ضمير توقظ المسؤولين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار شهريا دون انقطاع مع أنهم يعيشون في فنادق راقية وشقق فاخرة ولا يحللون حتى ما يحصلون عليه من امتيازات مالية كبيرة.
نريد حكومة تعمل من داخل اليمن وليس من خارجها ويكفي ما مضى، يمكنها أن تعمل بجميع أعضائها من عدن أو مأرب أو حضرموت وليس هناك أي عذر لإدارة البلاد من المنفى وكأنها حكومة مغتربين لا شعب يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وعندما نتحدث عن العمل من الداخل لا نقصد زيارات لبضعة أيام أو أسابيع ثم مغادرة البلد كما هو حاصل منذ ثلاث سنوات، وهذا ما يجب أن تدركه الحكومة وتعمل على تحقيقه وليس أمامها من خيار سوى البقاء في الداخل بصفة دائمة لحفظ ما تبقى لديها من رصيد وثقة هشة عند اليمنيين الذين ينظرون للشرعية التي تحوزها.
يمكنها أن توزع أعضائها على المحافظات ليمارسوا مهامهم من أرض الواقع ليعرفوا احتياجات المواطنين وأولوياتهم ويعملون على تحقيقها بالأفعال لا بالأقوال، وهذا هو المقياس الحقيقي لمن يريد العمل من عدمه، ومن يؤدون واجبهم ممن يستغلون مناصبهم للمنافع الشخصية.
لا يمكن لمن يعيش في الخارج بحياة النعيم ويتمتع بالرفاهية أن يشعر بما يعانيه اليمنيون ويسارع لتوفير ما يحتاجون، هذا ما تقوله تجربة السنوات الثلاث الماضية والتي أظهرت أن المسؤولين بلا إحساس ولا يحترمون أنفسهم وشعبهم وكل ما يهمهم هو توظيف الأولاد والأقارب للحصول على مستحقات مالية بالعملة الصعبة.
الخطوة الثانية التي يتوجب على الحكومة القيام بها بعد حسم أمرها بالبقاء في الداخل العمل بشفافية وصراحة بإعلان كل مداخيلها المحلية وما تحصل عليه من دعم شهري من التحالف التزاما بحق دستوري ودعما للنزاهة والمحاسبة في ظل غياب المؤسسات المعنية من برلمان لقضاء ومن أجل أن يعرف الناس كل شيء ويكونوا على بينة في مسائلتها على تقصيرها ووعودها.
ظروف الحرب تفرض الصراحة أكثر من أي شيء آخر وليس في الأمر أسرار أو مخاوف معينة كي تتمسك الحكومة بالسرية والغموض في إدارة الدولة ومصالح المحكومين الذين من حقهم أن يعرفوا كيف تدير حكومتهم المال العام ومن أين تحصل عليه وهل يصرف في مكانه أم لا؟
لن يقبل موظف أو غيره تبريرات عدم صرف راتبه وتوفير الخدمات الأساسية بحجة شح الموارد المالية وهو لا يعرف أصلا إن كانت شحيحة وكيف يتم تحصيل الإيرادات المختلفة وأين تصرف مع أن هذه المعلومات عادية ومتاحة لدى البنك المركزي لو أنه نشرها كجزء من وظائفه ليعرف الرأي العام كل شيء.
ومما نراه أولوية عاجلة وضرورية يتعين على الحكومة العمل عليها الانتظام في صرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين من خلال ما تحصل عليه من عائدات مبيعات النفط للخارج والجمارك والموانئ والضرائب وغيرها من الموارد المتاحة والممكنة.
هذه قضية لا تحتمل التأخير بعد وصول الوضع إلى ما يشبه المجاعة وتوقف الصرف المنتظم منذ ما يزيد على العام كما أن دفع الرواتب شهريا يعتبر أفضل حل عملي للتخفيف من الأزمة الإنسانية بالنظر إلى أن عدد الموظفين مليون شخص يستفيد منهم خمسة ملايين.
ومن شأن تحقيق ذلك أن ينعش الحركة التجارية والأعمال في البلاد ويساهم بتوفير مصادر دخل لطوابير العاطلين والمعوزين ويحافظ على استقرار نسبي للعملة خلافا لما يكون الصرف كل أربعة أشهر مثلا أو أكثر.