هل سيبيع الإصلاح ثورة فبراير للسعودية..؟!
السبت 08 ديسمبر ,2018 الساعة: 03:30 مساءً

دردشة مع عبده سالم،،

عزيزي الثائر المخترق : عبده سالم .. عضو الدائرة السياسية لحزب الإصلاح.. تحية من ليل صنعاء الأزرق، من سكونها القارس، من عاصمة الثورة الأولى.. من قرب ساعة التغيير أحدثك الآن، أسكن على بعد أمتار منها ويفصل بيني وبين "تمثال الحكمة" شارع ونصف، من هنا من ميدان الشرارة الأولى أرغب بالحديث معك، من ساحة المجد التي احتضنتك وحزبك قبل سبع سنوات. أحب أن ندردش قليلا حول تصريحك الأخير بخصوص الثورة، وأرجو أن تتقبل فضفضتي..!

أنا لا أعرفك، وهذا أمر لا يهم وليس شرطًا ضروريا للحوار، أنت فبرايري ولا يمكنني التشكيك بثوريتك، وكذلك حزبك كان حزبًا فاعلا في الثورة ولا أحد بمقدوره توزيع صكوك الثورة أو نزعها من أحد بمزاجه؛ لكن من المهم أن نتوقف قليلا لنعرف ما إذا كنا/ أنا أو أنت ما زلنا ننتمي لفبراير كلحظة ميلادها الأول، أم أن مسار الأحداث ساهم بتدجين أحدنا وسحبه بعيدًا عنها، من الجيد أن نعيد النظر في تقيمنا للثورة_ كما جاء في تصريحك_ لنرى من الذي شوشت المآلات رؤيته بالثورة ممن لا يزال يحتفظ برؤية واضحة لها بصرف النظر عما حدث، من الضروري أن نعيد فحص علاقتنا بحدث الثورة وما إذا كنا ما نزال نمثلها بشكل جيد أم أن ارتباك الواقع أربك أفكارنا حول قيم فبراير نفسها؛ حتى فقدنا بوصلة الثورة لدرجة اهتزاز المحدد الأصلي عنها في ذاكرتنا..؟

في تصريحك الأخير، قلت : بأنه من الضروري إعادة تقييم نظرتنا للثورة، لا بأس، هذا أمر جيد، وما من ثورة إلا وتحتاج مراجعات مستمرة على الدوام؛ لتعالج ارتباكها وتصحح عثراتها ؛ لكنك لم تقل بضرورة ذلك؛ كي تتجاوز الثورة أخطاءها؛ بل لتتوافق مع رغبة خصومها، وهنا يكمن العجز وتتجلى الخيانة بدوافع قد لا ينقصها البراءة والوجاهة أحيانا، فحين تكون المراجعة بغرض تطويع مبادئ الثورة؛ كي تنال رضى خصومها، فأنت هنا تخون ذاتك ليستأمنك الأخر، وبهذا لا يوجد أي سلوك براجماتي في الموضوع؛ بل هو انحراف واضح عن محددات الثورة وتفريط صريح بمرتكزات الحياة السياسية الجديدة لليمنين، ثم في نهاية المطاف سيكون الإذعان الكامل والغير مبرر لمن تصدى للثورة منذ البداية، فحين تبدأ الثورة بتقييم نفسها من منظار الخصم؛ تكون قد كتبت مصيرها الحتمي بأيديهم وقررت نهايتها كما يحلمون.

عزيزي سالم : إن كان هناك من إختراق للثورة، فهو هذا الاختراق الذي حدث لذاكرتك الثورية، إختراق تمثل في إستعدادك؛ لتقييم فبراير بهدف التلاقي مع خصومها في منتصف الطريق، مع أن خصوم الثورة ذاتهم باتوا مسلمين بها ولديهم إستعداد للتعامل مع ما بعدها وفقًا لمقتضياتها؛ لكن منطق المداهنة الذي يحمله بعض المحسوبين على الثورة، هو ما يعيق تجذير فعلها، فبدلا من حرصهم على دفع الخصوم للقبول بالقيم الجديدة المتخلقة عن الثورة، والتعامل على أساسها، ذهبوا للتشكيك بصعوبة البناء عليها.


فكان مما قاله الأخ عبده سالم بهذا الخصوص : أن إستعادة الدولة وفق الوهج الثوري لثورة فبراير مستحيل بالنظر الى تركيبة قوى التحرير وتوجهات التحالف" ركزوا قوى التحرير وتوجهات التحالف. ربما معه حق بخصوص توجهات التحالف فهذه معروفة بمناهضتها لنهج فبراير، ولهذا فقد أبدى صاحبنا استعداده، وربما استعداد حزبه للمداهنة في قضية مبادئ الثورة إرضاء لها، وهذا نوع من التحايل المكشوف، فلا يمكن لمبادئ الثورات أن تتقاطع مع توجهات ممالك النفط مهما غمسناها لهم بالعسل؛ تظل بالنسبة لهم سما زعافًا، لن يهدأوا حتى يفروغونه في الصحراء.

أما قوى التحرير فجميعها ليس لديها مشكلة مع فبراير، وحتى حزب الرئيس الذي قامت عليه الثورة كان قد أصبح شبه مذعن لها، ومن هنا فأنت لست مضطرًا لهذا التخلي الفادح؛ لترضيتهم، فأنت حين تفعل ذلك، تكون كمن يقطع الساق الذي يقف عليها؛ تجنبًا لإيذاء الخصم، لكنك تؤذي نفسك وتنسف جدوى مشروعك من جذوره..!


هذا ليس حديث يتعلق بعاطفية ثورية عمياء أو رومانسية حالمة؛ لكن الأمر يمس جوهر القضية، ويعكس حالة من فقدان الثقة بالقيم الأولى التي فجرت شرارة الحراك الشعبي ورسختها الثورة كطريق أحادي للخلاص، قيم فبراير التي لا غاية لها سوى صناعة حياة لائقة باليمنيين جميعهم، أولئك الذين يناهضون الثورة والذين يؤيدوها على السواء..!

فبراير التي هدمت جدار المعبد وفتحت كل هذا الفضاء السياسي الجديد، لا بد أن تتمسك بمنظومتها القيمية وحقها التأريخي في تشكل الإطار المرجعي العام لما بعدها، أو على الأقل هذا ما هو مفترض وما ينبغي أن يكون.

فائق العتب يا رفيق الثورة الذي لا أعرفه.


نقلا من صفحة الكاتب على  الفيسبوك


Create Account



Log In Your Account