مفاوضات السويد .. جدل الإفتتاح والسلام المتعثر (تقرير)
الجمعة 07 ديسمبر ,2018 الساعة: 04:25 مساءً
مازن فارس

شهدت المفاوضات اليمنية في يومها الأول الكثير من الجدل وردود الأفعال المختلفة في أوساط اليمنيين، وسط تحذيرات دولية من الفشل.

 

وانطلقت أمس الخميس، في السويد محادثات بين الأطراف اليمنية وسط تصعيد في مواقف الطرفين (الحوثيين والحكومة الشرعية)، في حين اعتبرها مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث "فرصة شديدة الأهمية".

 

وقال "غريفيث" إنه يسعى خلال المشاورات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه والبناء على الإتفاق ، مؤكدا سعيه للوصول إلى اتفاق يقوم على مبادرة مجلس التعاون والحوار الوطني وقرار مجلس الأمن.

 

وأدى إصرار وفد الحوثيين على الحضور بوفد أكبر من العدد المتفق عليه، بتأخير جلسة الافتتاح التي كان من المقرر لها ان تنطلق عند الساعة التاسعة صباحا بتوقيت السويد، إلى الساعة الـ11.

 

وطبق مصادر الحرف 28 فإن الحوثيين اضافوا الى وفدهم المحدد خبراء عسكريين واقتصاديين ورفض وفد الشرعية المشاركة في الجلسة الإفتتاحية حتى جرى إخراج الفريق غير المعني الى خارج القاعة المخصصة للمباحثات غير المباشرة.

 

وتعد هذه خامس جولة من المشاورات بين الفرقاء اليمنيين، التي بدأت جولتها الأولى والثانية في مدينتي جنيف وبيل السويسريتين (2015)، والكويت (2016)، والجولة الرابعة والفاشلة في جنيف (سبتمبر 2018).

 

وقال وزير الخارجية اليمني ورئيس الوفد الحكومي في المشاورات، خالد اليماني، إن المشاورات لم تكن لتتم بدون تعاون الحكومة وجهود المبعوث لتجاوز الشروط التعجيزية والعقبات التي وضعها الانقلابيون.

 

وأشار في تغريدة على حسابة في "تويتر" إلى أن آخر تلك المخالفات تشكيلة الوفد الحوثي، والتي عالجها المبعوث بإخراج العناصر المخالفة قبل الافتتاح.

 

وشهدت المفاوضات التي بدأت بشكل غير مباشر، حضوراً إعلامياً واسعاً يمنياً ودولياً، فيما لوحظ تواجد وسائل إعلام تابعة للحوثيين، وتغيّب وسائل الإعلام التابعة للحكومة الشرعية.

 

واتهم وزير الاعلام اليمني، معمر الارياني، المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، بإقصاء وسائل إعلام حكومته من التواجد في المشاورات والانحياز للحوثيين، معتبراً ذلك "خطأ فادح ويتعارض مع مرجعيات الحل السياسي للازمة".

 

وقال، الإرياني، في سلسلة تغريدات بصفحته على موقع التدوين المصغر "تويتر": خاطبنا عبر الوفد الحكومي المشارك بالمفاوضات مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن السيد غريفيث بضرورة اشراك وسائل الاعلام الرسمي ووكالة الانباء اليمنية سبأ ونخبة من الصحفيين البارزين لتغطية المشاورات المنعقدة بالسويد.

 

وأوضح مستغرباً: "أُبلغنا بشكل رسمي بعدم قبول طلبنا من المبعوث الأممي بحجة منع أي زيادة في عدد وفد الشرعية المكون من 12 ممثل و5 من السكرتارية وهو ما التزم به وفد الحكومة، لنفاجئ بأن وفد المليشيا الحوثية الايرانية وصل العاصمة السويدية بأكثر من 42 منهم الاعلاميين وفي نفس طائرة المبعوث الدولي؟!!".

 

ودعا " الإرياني" مكتب المبعوث الخاص إلى سرعة تدارك هذا الخطأ الفادح الذي يظهر انحيازا واضحا للانقلابيين ويتعارض مع مرجعيات الحل السياسي للازمة اليمنية ويخل بالجهود الرامية لإنجاح مشاورات السلام.

 

الصحفي والناشط السياسي، غمدان اليوسفي، علق في تغريدة على تويتر: "يبتكر الحوثي كل الوسائل لإفشال المحادثات في كل مرة يسعى فيها العالم لجمع الأطراف اليمنية وإنقاذ البلد، هذه المرة حشد فريق مضاعف للرقم المتفق عليه والمعلن عنه سابقا".

 

أما الصحفي، صدام الكمالي، علق منتقداً طرفي المشاورات، بالقول إن "الجمع بعد التقاط صورة جماعية، قاعة خاوية فيها ثلاثة أعلام (اليمن، السويد، الأمم المتحدة)، و27 مليون يمني ينتظرون هناك وسط الجحيم من 24 فردا، حلا يخلصهم من هذا العبث والدمار اليومي الذي يعيشونه منذ انقلاب 21 سبتمبر/أيلول 2014 على يد جماعة الحوثي وما لحقه من تدخل عسكري سعودي وإماراتي ضمن تحالف لإعادة الشرعية في 25 مارس/آذار 2015.

 

وأضاف "الكمالي" في تغريدة على حسابه في "تويتر": كنت انظر بدقة في وجوه المتواجدين هناك في القاعة وأسأل نفسي، ألا يخجل المتفاوضون، من أنفسهم وهم يشاهدون الأجانب يستجدون السلام منهم من أجل أطفال ونساء ورجال بلدهم، ألا يخجلون؟، ويجيب ربما يخجلون هذه المرة، من يدري".

 

الكاتب الصحفي، فيصل علي، علق على غياب الإعلام التابع للشرعية عن المشاورات، قائلاً " وفود إعلام الشرعية في المفاوضات السابقة كان يتم اختيارهم بناء على وساطات وانتهازية واضحة".

وتساءل عن وجود جمهور يتابع الأخبار عبر وسائل الإعلام اليمنية، معتقدا أن غياب وفود وسائل الإعلام أو حضورهم سواء.

 

من جهته غرد، الصحفي مارب الورد، على موقع التدوين المصغر "تويتر" قائلاً إن "أسوأ تحليل لمشاورات السلام في السويد تأطيرها في ثنائية التفاؤل والتشاؤم وترديد مقولات سامجة لبائعي التنمية البشرية بالقول: خليك متفائل، لا تتشائم!".

 

وأضاف "الورد" أن السياسة بشكل عام ما ينفع معها حُسن النوايا وافتراض ما يتجاوز الواقع، وإنما قراءة المواقف وموازين القوى والسياق الإقليمي والمصالح.

 

وأردف في تغريدة أخرى: "سيبقى المبعوث في منصبه عامين على الأقل وسيفشل كسابقيه ولكنه سيجني ثروة مالية واستحقاق بالترقي المهني في المنظمة الدولية".

 

وفي ذات السياق، اعتبرت مليشيات الحوثي، أن آليات الحوار المتبعة في مسار الأمم المتحدة لحل الأزمة اليمنية "لن تحقق حلا دائما وشاملا بالبلاد".

 

وقال القيادي الحوثي محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي للجماعة، في تصريحات لوكالة "الأناضول" ردا على مدى إمكانية نجاح المشاورات المنعقدة حاليا، إنه من غير الممكن التوصل لحل شامل ودائم عبر آليات الحوار المتبعة في مسار الأمم المتحدة؛ لأن هذا المسار يجعل قرار وقف الحرب بيد الخارج، حسب وصفه.


وأشار إلى أنه لابد من وجود مسارين للحوار، الأول داخلي يتمثل في استعادة العملية السياسية الداخلية بعودة المكونات السياسية اليمنية إلى طاولة الحوار من أجل التوصل لاتفاق تشكيل سلطة انتقالية تكون هي المعنية بالحفاظ على سيادة واستقلال اليمن وحماية حرية وحقوق المواطنين وفرض سلطتها على مختلف المحافظات ونزع سلاح كل أطراف الصراع.

 

ومضى البخيتي قائلا إن المسار الثاني خارجي، بين الحوثيين والرباعي (السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا)، من "أجل التوصل لاتفاق لوقف الحرب وإتاحة المجال لنجاح الحوار اليمني اليمني".

 

تحذيرات دولية

وصاحبت المشاورات بين الأطراف اليمنية، تحذيرات ودعوات دولية من الفشل، معتبرةً الحوار الشامل بين اليمنيين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع.

 

وحث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريشن، الأطراف اليمنية إلى إحراز تقدم في جدول أعمال المشاورات التي حددها مبعوثه الخاص، مارتن غريفيث، من خلال انتهاج المرونة والانخراط بحسن نية وبدون شروط مسبقة" وفقا لما أوردته وكالة الأناضول التركية.

 

ودعا، غوتيريشن، الخميس، أطراف الصراع في اليمن، إلى "مواصلة تهدئة الوضع في الحديدة ".

 

من جهته، حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الخميس، من "كارثة إنسانية" باليمن حال فشل المشاورات اليمنية، مشدداً على "ضرورة ممارسة ضغوط على الأطراف المشاركة في المشاورات من أجل إنهاء الحرب".

 

واكد الوزير الألماني، في تصريحات أدلى بها في مدينة ميلانو الإيطالية على هامش مشاركته في الاجتماع الـ25 لمجلس وزراء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، "على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في اليمن دون عوائق "وإلا سيموت الكثير من الناس وينبغي أن نتجنب هذا بأي ثمن".

 

ومنذ نحو 4 أعوام، يشهد اليمن حربًا بين القوات الحكومية، مدعومة بالتحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، وبين مسلحي الحوثي، المدعومين من إيران من جهة أخرى، ويسيطرون على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.

 

وخلّفت الحرب أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، جعلت معظم السكان بحاجة إلى مساعدات، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".

 

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 14 مليون شخص، أو نصف سكان اليمن، قد يواجهون قريبا مجاعة، فيما تؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن نحو 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.

 

ويعقد اليمنيون آمالا على المفاوضات من أجل إيقاف الحرب وتنفيذ القرارات الدولية، الخاصة بإنهاء الإنقلاب واستعادة الدولة واستئناف العملية السياسية في البلا، لكن المؤشرات لا تحمل وعدا بنهاية وشيكة لحرب تبدو بلا أفق


Create Account



Log In Your Account