حكومة مصغرة !
السبت 27 أكتوبر ,2018 الساعة: 04:28 صباحاً

يقال بأن هناك تغييرات وزارية. ويقال أنها ستكون حكومة مصغرة. الناس لها فترة تطالب بهذا الشي, والشرعية لأنها مأزومة، أصبحت في طريقها لتحقيق هذا المطلب, لكن العيب اننا لم نبني تصور أولي عن كيف يمكن لهذا ان يساعد في حلحلة الوضع القائم لصالح تجاوزه. بناء رؤية ثم الضغط لتنفيذها.  

عينوا لنا رئيس وزراء ليس له  علاقة بحاجة، باستثناء أنه تعيين يستثمر قلة حيلتنا وينسجم مع طبيعة المرحلة التافهة التي نعيشها.

تعيين رئيس وزراء من هذا الصنف يعد مؤشرا على أن الشرعية تراوغ وترحل المشاكل وخاضعة لتوازنات وأجندات لا علاقة لها بواقعنا كيمنيين وما نحتاجه فعلا.

 يعني في أحسن الأحوال سيكون معانا تغيير شكلي وسيبقى الوضع على ما هو عليه.

قلة حيلتنا مش صح انها تستمر, لو اننا نريد تجاوز هذه المرحلة وتجاوز طبيعتها.

حكومة مصغرة كلام مليح. لكن رئيس وزراء من هذا الصنف عوضا عن أن تعيينه لا يزال محاطا بتفسيرات عدة ومن بينها أنه مجرد موظف مع السفير السعودي, أول انطباع يتركه يمكن التعبير عنه بالقول: الجواب يعرف من عنوانه. 
لكن هذا مش نهائي طالما أننا في قلب الصراع. الناس لازم تتحرك وتطرح مبادرتها وتضغط.

مثلا لماذا ليس لدينا وزير دفاع أو حتى وزير حرب؟ ليش قادة الألوية والضباط الكبار ما يطرحوش رؤيتهم لتجاوز الاشكاليات القائمة ويضغطوا من اجل تعيين وزير دفاع؟ 

أقصد لو كل مجموعة واجهوا المشاكل القريبة منهم واللي يعيشوها كل يوم وطرحوا بدائل وضغطوا الناس كلها بتكون معهم وبيقدروا يفرضوا رؤيتهم. 

طيب نحنا اللي محسوبين صحفيين واعلاميين, مفروض نتوقع انهم بيدمجوا ثلاث وزارات على الاقل: الاعلام, الثقافة, حقوق الانسان. خطوة مهمة لكن هل تحل المشكلة؟  بيوفروا رواتب ومصاريف كم مثلا؟ بيتجاوزوا الاداء التعيس والقصور طيب كيف؟ 

اذا لم يتحرك الاعلاميين اليوم ومثلهم الحقوقين والمثقفين ويطالبوا بتشكيل هيئة مستقلة للاعلام وهيئة مستقلة لحقوق الانسان وحتى هيئة مستقلة للثقافة ويبنوا رؤية للاستفادة من كل الكوادر من خارج هذه الوزارات ومن داخلها ويكون دور الوزير فقط اشرافي, فلن يتغير شيء.

حدة الاستقطابات اللي جالسة تعبث بنا وبالبلد تتركز بدرجة اساسية في السلك العسكري ثم أوساط الاعلاميين والحقوقيين ثم المثقفين وبعد ذلك السياسيين. تبا للسياسيين محد راكن عليهم او متوقع منهم خير.

طيب مش قادرين نوقف هذي الاستقطابات عند حدها وتوفير أرضية صلبة لمجابهتها؟ 

اذا منقدرش نجعل كل صحفي يرتبط بمهام يخدم مهنته ويخدم البلد, كل حقوقي يقوم بدوره باستقلال ونزاهة كل رجل عسكري يحترم واجبه, اذا منقدرش معنى هذا أننا نستسلم ونسلم رقابنا للمرتزقة والتافهين.

لأن أي عسكري نزيه بتلاقيه جالس ببيته أو يقوم بدور ثانوي لأنه مش قابل بالوضع القائم. أي صحفي محترم بتلاقيه بوضع اسبات مش ملاقي فرصة عمل نزيهة بعيدا عن حمى التفاهة والاستقطاب. أي حقوقي.. لا يوجد حقوقي نزيه لكن هناك من لا تزال ضمائرهم حية ويستطيعون القيام بدورهم لو توفرت لهم بيئة مشجعة.

اذا كان العنوان الكبير للمعركة هو استعادة الدولة, فأحد شروط خوض هذه المعركة هو البدء من الحيز البسيط المتوفر للدولة ومراكمة الانتصارات. عمر التفاهة ما بنت دولة وعمر الارتزاق ما يقدر يستعيدها. استهلكنا كل شيء على مدى ثمانية أعوام وكان باقي معانا الحكومة المصغرة.


Create Account



Log In Your Account