مثلث التحرير الممنوع
الخميس 25 أكتوبر ,2018 الساعة: 09:49 مساءً

اليوم وصلت الحملة المدنسة الى الأمجود، بلدتي التي تبدو اشبه بمثلث رابط  بين ٣ محافظات : تعز ، إب والحديدة.
كانت المنطقة بعيدة عن دنس المليشيا طيلة فترة الحرب. حاول كثيرون من باعة الهوى إقحام المنطقة  في الصراع وإيصاله الى كل بيت، وتمسك العقلاء ببعض خيوط الحكمة وظلت بعيدة عن اي تمركز عسكري.
 ثم إن حاجة المليشيا العسكرية للمنطقة لم تكن ملحة. 
من الواضح الآن أن المليشيا تستعد لمعركة استنزاف كبيرة لحماية خطوطها الموازية للساحل وصولا الى آخر نقطة في خاصرة تعز الجنوبية الغربية مع سيطرة مطلقة للمليشيا على شمال وشمال غرب المحافظة. 
هذه ليست استراتيجيتها فحسب، بل استراتيجية التحالف ايضا !

بينما كانت المليشيا تطبق الحصار على المدينة من اتجاهات الموت الثلاث ، شمال، شرق وغرب، ردفها تحالف البعران بحصار للمحافظة من جهة الساحل والغرب ، يمكن اعتباره حزام الحصار الثاني الذي بدا متعاضدا مع مليشيا الحوثي لاهلاك تعز.

مضى البعران في معركة قراصنة، يقضمون السواحل ويضعون المليشيا خلفهم، وفي موازاتهم شرقا على طول الشريط يتموضع الحوثيون في الجغرافيا الحصينة وينفذون التفافات قاتلة، أدت لارتكاب مجازر عديدة بحق الجيش والفصائل في الساحل.
 ما الذي يضيرهم إن كان القاتل والمقتول يمنيون ؟

لا يريد البعران الوصول"  للبر الثاني " خلف التضاريس الحصينة، حيث ينتظر الناس شارة بسيطة تنبئ عن صدق " العربان " وشرعية كتلة اللحم، للانقضاض على أي  تحركات للمليشيا.
 مثل هكذا أمر سيعني أن التحالف قرر أخيرا إطلاق معركة تحرير تعز وهو الموت الزوؤام لأطماعه!
ما من موانئ تسيل لعاب دولة القراصنة خلف الجبال ولا مناطق نفطية محتملة يمكن الاهتمام بتفاصيلها لشريكتها الأخرى.

المؤكد الوحيد،  أن خلف تلك الجبال  سيتربص الموت والهزيمة بالمليشيا،  وذلك ما يحرص العربان على تجنبه، فبدون الحوثي سيصعب  عليهم تمرير مخططاتهم القذرة كما حصل منذ الانقلاب بمساعدة عفاش.

 الهدف الثابت للحرب الذي أشعل حماسة تحالف القراصنة : السواحل والموانئ والمناطق النفطية.
هذا ما تأكد على الأرض لاحقا.
 تحقيق ذلك بأقل كلفة يمكن أن يتم فقط بإبقاء الكتلة السكانية الأكبر رهن تنكيل مليشيا الحوثي لكي يأخذ الصراع دورته الطويلة، ويأكل الجميع بعضهم، بينما يمارس طويل العمر الاستجمام على الشواطئ الذهبية !

كل المناطق الريفية بتعز ليست حاضنة للحوثيين.

لشرعب المترامية مرورا بالأمجود والعدين تاريخ من المقاومة والكفاح والبسالة.

 فتكت بكل جحافل صالح يوم كانت الجبهة الوطنية تشق طريقها الى صنعاء قبل أن يقرر الاتحاد السوفيتي لجم اليمن  الجنوبي عن تمريغ وكلاء الرياض.
 بتنسيق بسيط وبعض الدعم بالسلاح يمكن أن تشتعل النار  بالحوثيين من كل صوب.

التضاريس الوعرة وعداء المحيط الاجتماعي ستفتك بهم قبل الأسلحة.
 من شرعب الى المخلاف والعدين مرورا بالامجود وحسيد وجبل راس، ستتحول الجغرافيا الى جحيم يلتهم الحوثيين ولن يصمدوا حتى لأيام قليلة،  لكن من قال أن التحالف يريد هزيمة الحوثيين ؟

تتذكرون بالطبع المعارك البطولية لمقاومة إب عندما سيطرت على ٩ مديريات في بداية الحرب، ووصلت مشارف المدينة.
لم يكن ينقصهم الرجال ولا الشجاعة، كانوا يفتقدون لأهم شيئ يقرر مصير المعركة : المؤن والسلاح وكانت للأسف بيد تحالف غدار!

 لم يكن التحالف مستعجلا على الحاق الهزيمة بالحوثي وصالح وقتها، ترك الناس لمصيرهم فسحقتهم مليشيا الحوثي صالح  وفجرت منازل القادة.
من شأن تحرير المناطق المحاذية للساحل أن يحرم التحالف من متعة الإنفراد بغنائم القراصنة.

سيعني قبل ذلك أن الكتلة السكانية الأكبر في البلاد، تصبح صاحبة السيادة على محافظاتها من تعز الى اب والحديدة، لذلك اتخذ من الحوثي برزخا عسكريا وجغرافيا،  يفصل بينه وبين هذه المحافظات وراح يخوض معركة السيطرة على السواحل والموانئ وليس استعادة الشرعية وتحرير البلاد من الحوثيين.

الآن يستعد الحوثي لتحويل المثلث الرابط بين  المحافظات الثلاث الى منطقة عسكرية والأهالي يخوضون المعركة بأسلحتهم الشخصية. 
أرسل الحوثي عشرات الأطقم ومدرعات وتموضع في أكثر من موقع حصين.
التمركز هناك سيضمن للحوثي تأمين خطوط الامداد المتدفقة من إب الى جبهات مديريات الحديدة وجنوب غرب تعز. 

 شخصيا لا أنصح بحمل السلاح في مواجهة مليشيا الحوثي إن لم يكن هناك  خطة مضمونة معززة بالاسلحة والمؤن لطرده.
 تعز نموذج  كامل للتنكيل القذر والخذلان لذي مورس عليها من تحالف البعران والحوثي معا..
تعز كما بقية البلاد في ورطة حقيقية تقتضي قليلا من التفكير والخيال لإنتاج حلول يمنية صرفة.
حلول تقضي على المليشيا ولا ترتهن للبعران .
 هذا ليس سهلا لكنه ليس مستحيلا.
سيبدو مستحيلا ، فقط، عندما نعتقد أن التحالف بات قدر الله !

*خاص بالحرف 28


Create Account



Log In Your Account