المؤتمر" الثلاثي" بعد صالح
الأربعاء 20 ديسمبر ,2017 الساعة: 10:05 مساءً

ارتبط اسم المؤتمر برئيسه صالح حتى كان يُختصر اسمه الثلاثي إلى كلمتين” حزب صالح” وتكشف هذه العلاقة أن قوة الحزب تكمن في شخص زعيمه منذ تأسيسه عام 1982 وحتى مقتله في الرابع من ديسمبر الجاري.

المؤتمر ليس حزبا بالمعنى السياسي له فكرة وايدلوجيا يؤمن بها أعضائه بقناعة ويتمسكون فيها سواء كان بالسلطة أو المعارضة ولكنه أقرب لتجمع لأصحاب المصالح والنفوذ والانتماء له وسيلة للحصول على الوظيفة والمنصب والسلطة.

ويعود ذلك إلى كونه حزبا ولد في حضن السلطة بعد أربع سنوات على تولي صالح الحكم وظل في كنفها حتى بعد الثورة عام 2011 يستمد قوته وبقائه من مقدرات الدولة من جيش وأمن ومال ووظائف.

ويمكن تلخيص قوته في عنصرين الأول صالح بحكم رئاسته الطويلة لليمن التي امتدت لثلاثة عقود استطاع خلالها تأسيس شبكة نفوذ واسعة تشمل قوات عسكرية وأمنية وأجهزة مخابرات ودولة عميقة وتحالفات قبلية وكل هذا انتهى برحيله وما بقي منه ورثه الحوثي.

والثاني بقائه في السلطة حاكما متفردا أو شريكا وهذا لم يعد موجودا وبغياب هذين العنصرين انتهى المؤتمر كحزب له تأثير فاعل وقوي في الحياة السياسية اليمنية.

هي نهاية متوقعة لمن يعرف العلاقة الثنائية بين صالح والحزب والتي بموت الأول ينتهي الثاني ولن يبق إلا مجرد اسم لثلاثة أقسام الأول مع الحوثيين والثاني مع الرئيس هادي والثالث مع أحمد علي صالح بدعم إماراتي.

ويبدو أن مصير التقسيم والتفريخ الذي اتبعه صالح أثناء حكمه في التعامل مع الأحزاب المعارضة ارتد على حزبه وتلك الأيام نداولها بين الناس وكل طرف سيحاول استمالة القسم الذي مع غيره ليكون النصيب الأكبر معه لكن النتيجة واحدة وهي أن المؤتمر لن يعود مؤثرا كما كان.

حاجة الأطراف الثلاثة للمؤتمر هي آخر فرصة له للبقاء على قيد الحياة السياسية ولكن بأقل فاعلية وحضور، فهي بالنسبة للحوثيين ضرورة داخلية لأمرين الأول لاستمالة المؤتمريين والمؤيدين لصالح للقول إن مشكلتهم كانت معه وليس معهم، والثاني حاجتهم لبقائه شريكا شكليا في انقلابهم يمنحهم الغطاء السياسي ظنا منهم أن ذلك يخفي مشروعهم الطائفي والإمامي.

وعلى المستوى الخارجي، يريدون تحسين صورتهم أمام الخارج بعد التخلص من شريكهم صالح بتلك الطريقة البشعة وإعطاء انطباع من خلال الإبقاء على الشراكة الشكلية مع حزبه مفاده أنهم مستعدين للشراكة مع خصومهم الآخرين في أي تسوية سياسية.

على أن هذا لا يعني أنهم يريدون الحفاظ على المؤتمر كحزب يتمتع أفراده بكامل الحرية والنشاط السياسي ويمكن لقيادته التعبير عن مواقفها المختلفة كما تريد، ذلك أن القيادة القادمة ستكون مطيعة لأوامر الحوثي وهذا هو المؤتمر المطلوب.

أما بالنسبة للقسم الثاني بقيادة الرئيس هادي فسيظل أكثر حرية ونشاطا بحكم تواجده بمكانه الطبيعي الذي لا يعيش إلا بداخله وهو الحكم على اعتبار أن الرئيس الرجل الثاني فيه ورئيس الحكومة قيادي بارز ومثلهما وزراء ومسؤولين كثر يشجع وجودهم على استقطاب المزيد من قيادات المؤتمر.

وسيكون من الطبيعي أن فروع المؤتمر بالمحافظات المحررة مع سلطة الرئيس ولا خيار أمامها غير هذا بعد رحيل صالح لكن هادي يواجه تحديا سبق أن فشل فيه في صراعه مع صالح على كسب قيادات الحزب وسيكون اختياره رئيسا له اختبارا حقيقيا على مدى التغيير نحوه ومؤشرا على معرفة مع مَن القسم الأكبر من المؤتمر.

ويشمل هذا التحدي أحمد علي صالح الذي يطمح لقيادة الحزب خلفا لوالده بدعم إماراتي واضح في إطار الترتيب له ليكون جزءا من المشهد السياسي القادم ولا يُعرف إن كان سيقبل برئاسة هادي للحزب أم لا، لكن المؤشرات الحالية منذ مقتل والده لا تشير إلى ذلك على اعتبار أنه لم يعلن تأييده أو اعترافه بشرعيته ولا يبدو أنه ينوي فعل ذلك.

وهذا ما يقودنا للحديث عن القسم الثالث من المؤتمر والذي يحظى بدعم أبو ظبي انطلاقا من سعيها لإعادة بنائه من جديد بقيادة أحمد ليكون طرفا أساسيا بالتسوية وبذلك تضمن نفوذها ولكن هذا لن يتم إلا ببناء قوات نجل صالح من جديد وهذا ما تحاول القيام به.

وإذا كان القسم الذي معي الحوثيين غير معترف به في التعامل والتمثيل بوصفه في حكم المحتل فإن المؤتمر بقيادة نجل صالح في حال اختياره غير مرغوب فيه من قبل أطراف الشرعية على اعتبار أنه سيكون ضدها وعلى حسابها لاحقا وبالتالي فإن دعم الإمارات له مهما كان حجمه لن يجعل طريقه مفروشا بالورود وسيكون مجرد شخصيات معينة تلتف حول أحمد كمنتفعين لا تأثير لها على الأرض ولا فروع.

ليس من حق أحمد اختطاف المؤتمر لمجرد أن والده كان رئيسه وكأنه ملك شخصي ولا يحق له تجاوز هادي الذي يُفترض أنه رئيسه بحكم رئاسته للدولة ويؤيده كبار قياداته بغض النظر عن تاريخها الوطني والسياسي ناهيك عن أن الرجل نفسه معاقب دوليا بموجب قرارات مجلس الأمن ولا يحق له ممارسة نشاط سياسي من هذا النوع وحتى لو تم رفع العقوبات فهو غير مقبول من قوى الثورة التي ثارت ضده مثل والده وبقية الأسرة لفسادهم واستبدادهم وجرائمهم.


Create Account



Log In Your Account