أعترف بخطأي لسبتمبر !!
الخميس 27 سبتمبر ,2018 الساعة: 10:13 صباحاً


بالأمس لم أكن متحمسا كثيرا لفكرة إحياء ذكرى 26سبتمبر هنا فى تعز بعرض عسكري على خطى البيادة المنظم وإنما كنت مع إقامة كرنفال وعروض فنية لطلاب المدارس وأصحاب المهن وهم يرفعون علم الجمهورية بصفوف غير منظمة ولا خطى منتظمة لكي يرسمون لوحة زاهية بألوان الأزياء التى يرتدونها مع أيوب وهو يشدو إشرقي تحت سمائي ياسيوفي .

جاء صباح سبتمبر وتجمهر أبناء تعز فى أطراف شارع جمال وقد أفسحوا المجال -قدر الإمكان - لمن سيمرون من بينهم ولا احد يصغي لصوت المنصة المجلجل بالخطب والمكتظة بعشاق المكرفونات، قلت فى نفسي حينها ماذا ينتظر هؤلاء غير مرور أرتال عسكرية من الجنود وهم يستعرضون بخطوات منتظمة لأقدامهم وكأنها معجزة أن تنتظم احذية الجند أثناء سيرها .

ما إن بدأ العرض وبدأت البيادات تدق الأرض لم أكن أعيرها إهتماما أو انتباها بصريا
لكن السمع كان قد تمرد واصبح يصغي لتلك الخطوات وكأنها إيقاع حماسي يعبر عن ثورة غضب.!

شعور بالكبرياء والأنفة تسلل إلى نفسي دون علم وبدأت اتفاعل لاشعوريا مع خطى البيادات التى كنت أسخر منها قبل لحظات ،، شعور لا يقاوم ولا يصدق فرض نفسه علي مع نشوة بالإعتزاز غرس نفسه لا أدري كيف أقتنعت به أثناء العرض .

حاولت مقاومته دون جدوى ،مقيد الحيلة والتصرف وجدت نفسي فاقد السيطرة وقد أصبح الأمر بيد نفسي وليس بيدي ولا خيار غير القبول أو الإستمتاع بما ما تفرضه النفس ولو كان مخالفا لرأي ورغبة صاحبها .

قلت لنفسي حينها ما الملفت فى مرور الجنود بيننا وهى تتشابه فى كل شىء عدى أسمائهم والوان البزة العسكرية ؟
قالت لي وهى تنظر لخطاهم .. هؤلاء هم سبتمبر .. آلا تسمع لزئير أقدامها القادمة من الجبهات تشدو نصرا وأعتزاز ؟!
ألا تعجبك تلك البيادات التى تحمل من يدافعون عن المدينة ، إنظر إليها وهى تحمل من إسترخصوا أرواحهم ودماءهم من أجل الوطن .. تلك البيادات التى تسخر منها
هى غير النعال التى يرتدونها كل من هم هنا بما فيها حذائك ..

قاطعتها لأوقف التغزل بالبيادات ،فمن يرتدونها أنفسهم لا يقولون ما تقوليه ولكن لماذا تخصخصي النضال وتحتكريه فيهم ..ليسو وحدهم من يدافعون عن المدينة وليسو وحدهم من يضحون ،فجميعنا ندافع وكلنا نقاوم اليوم وليسوا هم فقط ؟

بثقة يأتي ردها ..
صحيح كلنا أحفاد سبتمبر وصحيح أننا نعيش أجواءها وأوضاعها فعلا ،لكن من يعيشون تضحياتها وبطولاتها ويرسمون ملحمتها من جديد هم الجيش وليس كلنا ، والصحيح أيضا أننا جمهوريو الفكر والفكرة أما الجيش فهو سبتمبري الميادين والمتارس ،من يقفون فى وجه الإمامة رأس برأس ودم بدم هم من يحتفلون بعيد سبتمبر ونحن نحتفي بهم .

فالوطن حين ينزف لا يحتاج إلى حبر أو بياض وإنما إلى قربة دم يحيا بها ،والجيش هو بنك دمه وللوطن فيه حساب مفتوح يمر عبره قوافل الشهداء والجرحى كل يوم دون توقف ،وهؤلاء أبناء الجيش والمقاومة طوابير فى الجبهات يصطفي الوطن من يشاء منهم وفي أي وقت ، هل أنت واحد منهم .. للأسف لا ؟

أتدري ياهذا .. إن ما أخشاه لو أن الوطن فى محنته هذه يريد أختبار ولاء أبنائه ووفائهم ؟! وأنت تعرف أن مقياس الوفاء للأوطان يقاس بالتضحيات بالروح والدم وليس بالقلم أو الفم أصحاب النضال الناعم ..

حينها ياترى من سيفوز فى هذا الإختبار غير الجيش والمقاومة ؟!

لا تجادل كثيرا
فكل من هم هنا يحبون الوطن ولكن وقت المحنة لا يحتاج الوطن إلى حب يداويه وإنما إلى مقاتل يحميه . أما مشاعر الحب وقت الجد تتحول الى بكائيات وقصائد مرثية أما حب الجيش له تغدو دماء وتضحيات وملاحم بطولية .

وجميعهم ايضا يدعون الوطنية ويتغنون بها بحماس ومع أول أزمة يقع فيها الوطن ، ترى الميسور منهم يحجز مقعده على متن أول طائرة تغادر الوطن والمعسور فيهم يعلن بيع فمه وقلمه مقابل أن يحيا على وطن يموت .

سمعتك قبل قليل تقول كلنا مقاومة !!
صحيح كلنا مقاومة ولكن مقاومة خلف هؤلاء وقد صاروا درعك
تتلقف أجسادهم الموت قبل أن يصل إليك عدى موت القذائف العشوائية يتحكم بها الحظ والقدر والقاتل معا .

ولكن لماذا لا تقول
كلنا يشعر باليأس والكفر بالشرعية إذا انقطعت رواتب المعلم والطبيب والمحافظ ،أما الجيش يبدد اليأس و يبقى حيا حتى لو انقطع الدعم لأشهر أو أعوام .. حتى صارت المدينة تلقب بالمدينة الصامدة بفعل صمود هؤلاء فى الجبهات .

هذه الحقيقة التى ينكرها كل منهم هنا وهذه الحقيقة التى يعرفها الوطن ولو قيل كلنا وكلنا وكلنا الوطن فالقول يسر والكتابة لضعاف النفوس فيما ميادين البطولة لا تبايعك سوى على الروح والدم .

سينتهي هذا العرض وسنعود إلى المنازل فيما هؤلاء منازلهم متارسهم ، وفى أخر النهار الجميع سيخلد إلى النوم
اما الجيش يبقى بعضه ساهرا حتى لا نفقد الآمان ونصحوا بلا جمهورية .

إنتهى الحديث مع نفسي والعرض على وشك الإنتهاء تمنيت لو يطول لكي أحيي الجيش وأسمع بإنصات لخطى بياداته ،بدأ آخر جندي يتوارى عن العين والناس تنظر إليه حتى أفل .

ليس كل جيش شريف سوى الجيش الذي يقاوم هو من يستحق التحية والإحترام ،فما قدمه يشفع له عن كل خطأ فردي غير مقصود ، فما من خطأ أعظم من خطيئة الحرب إن لم تغفروا !؟


Create Account



Log In Your Account