كيف كانت السعودية تستقطب المشائخ بينما كانت إيران تتغلغل في مؤسسات عائلة صالح العسكرية ؟
السبت 01 سبتمبر ,2018 الساعة: 12:10 صباحاً
متابعات

كان شباب الانتفاضة في اليمن ربما اكثر وعيا وادراكا من النخب للمخاطر التي كانت تتهدد اليمن والمنطقة لاسيما المملكة والخليج العربي… وكانوا يرون في استمرار نظام عفاش خطورة كبيرة على اليمن وتماسكه وعلي المملكة تحديدا التي رعت هذا النظام منذ بواكيره الاولي وعلي مدي ثلاثة عقود قدمت له الدعم الكبير في كل صراعاته وحروبه ومغامراته العبثية في الداخل ولم يخطر ببالها ربما ان هذا النظام الانتهازي والطائفي والفاسد بإمكانه ان ينقلب في يوما ما علي هذا الدعم والسخاء اللامحدود… كان الشباب وكثير من القوى الحية يدركون ذلك ويقرأون المستقبل جيدا.. لست هنا في معرض الدفاع من عدمه عن الثورة او الانتفاضة السلمية التي بدأت في الجنوب ثم امتدت لليمن كله رغم انتمائي اليها وتأييدها باعتبارها كانت الحل الوحيد للتغيير في اليمن بعدما تلاشت كل الحلول وسدت كل الأبواب بصرف النظر عن القوي التي تصدرتها او شاركت فبها ..

نحن هنا ندافع عن التغيير الذي كنا نرى وغيرنا كثير انه بات ضروريا في تلك المرحلة.. بعدما تفشى الفساد وتفجرت الحروب الاهلية بكل مكان واخذ الجنوب يشتعل اكثر فاكثر. بينما ينشغل النظام بمشروع التوريث وشراء الولاءات وغيرها من الممارسات التي كانت يومها تشكل تهديدا خطيرا لكيان الدولة اليمنية ونظامها الجمهوري… كانت المنطقة في قلب اهتمامات الشباب لاسيما المملكة .. ان اي انهيار او فوضى ستنعكس بالتأكيد علي الجوار ..تحول اليمن يومها الي ساحة لعب كبيرة لقوى خارجية ابرزها ايران ..كثير من رموز نظام صالح كانت لهم علاقة بإيران من قريب اومن بعيد كما اتضح فيما بعد.. عملت إيران علي ان يكون لها نفوذ في الجنوب لاسيما داخل الحركة الاحتجاجية الجنوبية عبر اطراف في نظام صالح… نفوذ جنوبا مقابل نفوذها شمالا لدي جماعة الحوثي واختراقها لنظام صالح… هدف ايران كان ذكيا في توظيف هذه الاوراق لأهداف عديدة لكن الهدف الاساسي هو اعاقة حركة التغيير ومنع اقامة نظام حكم وطني في اليمن… دولة وطنية…

ماذا يعني عدم وجود دولة وطنية في اليمن لإيران ..انه يعني الكثير بالتأكيد… اتخاذ اليمن ساحة لتعزيز حضورها ونفوذها وتنفيذ مخططها المدعوم غربيا بالوصول الي الهدف الذهبي وهو تهديد امن المملكة وربما اسقاط نظام الحكم فيها… واعادة تقسيم المنطقة..

كانت حركة التغيير تدرك هذا المخطط وكانت تعرف ان صراع التغيير في اليمن ليس مع المملكة وانما مع ايران ومن خلفها دوائر غربية.. اخترقت نظام صالح واعدت جيشه الضخم بصورة طائفية لإنجاز الهدف الذهبي فيما بعد.. ضمن المخطط المحكم.. لتقسيم المنطقة والسيطرة عليها..

 

الأهم.. والأخطر..

كان مخطط ايران يسير بهدوء وسرية تامة… كانت المملكة تعمل مع المشايخ والوجاهات اي مع المؤسسات الاجتماعية القبلية التقليدية التي كان يتلاشى حضورها في اليمن رويدا رويدا و تغدق عليها الاموال لتعزيز نفوذها وحضورها ..كانت ايران تخترق المؤسسة الرسمية لدولة عائلة صالح.. الحرس الجمهوري والقوات الخاصة العمودان العسكريان الاساسيان التي يتكئ عليهما صالح ونظامه اذ ساهمت الولايات المتحدة الامريكية بتمويل انشاءهما وتسليحمها (مشترطة) وضعوا هنا خطوطا عريضة تحت كلمة مشترطة… مشترطة ان يكون افراد وضباط وقادة هاتين المؤسستين من الطائفية الزيدية الموالية لجماعة الحوثي يضاف لهم الجهاز الامني الاضخم وهو الامن المركزي.. وكانت سيطرة صالح وعائلته علي تلك المؤسسات لاتعدوا ان تكون سيطرة شكلية كما اتضح لاحقا..

كانت ايران ايضا تخترق التوجيه المعنوي لجيش صالح وتخترق المؤسسة الاقتصادية عبر عناصر زبدية هاشمية شيعية وعديد مؤسسات اخرى هامة ومؤثرة.. كان صالح يوهم المملكة انه يقاتل الحوثيين في صعدة وله عدة اهداف شخصية اهما ابتزاز المملكة والحصول علي اموال كما هي عادته.. والاخر القضاء علي القوة العسكرية التابعة لعلي محسن والتي يسيطر عليها التيار الاسلامي ممثلا بحزب الاصلاح اعتقادا منه انه يقف عائقا امام مشروع التوريث.. وفيما وقعت المملكة داخل الاعيب صالح الذي لا بهمه وطن ولا دين ولا مكة ولا مدينة.. بقدر ما يهمه الاستمرار في السلطة وتوريثها لنجله.. كان لدى ايران اهداف جهنمية من حروب صعدة ابرزها تقوية شوكة جماعة الحوثي واكسابها مزيدا من الاتباع والشعبية والنفوذ والترويج لها داخليا وخارجيا وهي تعرف ان صالح غير صادق في القضاء عليها بل انه يمدها بالدعم والسلاح ..والشي الاخر انهاك المملكة واستنزافها ماليا ومحاولة القضاء علي التيارات الاسلامية التي اخذت علي عاتقها مواجهة جماعة الحوثي من داخل الجيش او من خارجه.. وهي تعلم ان الحرس الجمهوري والخاص والامن المركزي لن يدخلون المعركة بل يجري اعدادهم لمرحلة لاحقه حينما تتمكن جماعة الحوثي من الوصول الي صنعاء.. بينما يشارك في حروب صعدة الفرقة الاولى وجماعات سلفية وسنية والجنوبين من افراد وضباط الجيش الجنوبي السابق تم استدعاءهم من التسريح الذي لحقهم في 94 والزج بهم في هذه الحرب.. لهدف خطير وذكي وكأن ايران كانت تدرك ان من سيقف ضد تمدد مشروعها في اليمن والجوار هم الجنوبيون والتيارات الاسلامية السنية وهذا ما حدث بالفعل..

 

كيف كشفت الانتفاضة المخطط ؟

من محاسن الثورة او الانتفاضة الشعبية السلمية في اليمن انها كشفت المخطط الايراني الغربي الذي كان يجري الاعداد له من داخل نظام صالح ومؤسساته وحولته من مخطط سري الي مخطط معلن ومفضوح يستهدف اليمن والمملكة والمنطقة برمتها.

كانت حركة التغيير تعي ما يحدث ولديها من المعلومات ما يجعلها تتنبأ او تتوقع السيناريوهات اللاحقة ..كان شباب التغيير يضعون ايضا اهدافهم ..

الهدف الاول :اذا نجحت الثورة ورحل صالح ونظامه ونجحت قوى جديدة بالوصول الي السلطة فانه بذلك تحقق الانتصار وتم اجهاض مشروع ايران ..وسيتم الشروع ببناء نظام حكم وطني… ومؤسسات دولة وطنية تحافظ علي اليمن.. وتصون امن المملكة والمنطقة..

الهدف الثاني: اذا ما تم خداع قوى التغيير وخداع المملكة وجعلهما يقدمون على اجهاض الهدف الاول وافشال مشروع التغيير الكامل واعادة انتاج النظام القديم او جزء منه تكون الانتفاضة هنا وشبابها قد قدموا خدمة كبيرة للمملكة على الاقل تتمثل في فضح مشروع ايران ونظام صالح وتحالفهما السري واخراجه للعلن ورمي الكرة في ملعب المملكة فيما بعد.

الغريب ان المملكة ظلت مخدوعة بنظام صالح المخترق ايرانيا وتحاول اعادة انعاشه واحياءه من جديد بينما تشن ايران حربها المستعرة وحملاتها القذرة علي شباب الثورة ورموزها باستخدام وسائل قذرة وحقيرة مصرة علي منعهم من الوصول والتأثير والعمل مع الجماهير وجعلهم اما حبيسي البيوت او السجون او المنافي ويرافق ذلك حملات وشائعات للإحراق والتشويه داخليا وخارجيا انتقاما من افشال مخططها الخطير.. وللأسف وظفت ايران ونظام صالح عدد من قوى التغيير لتبني هذه الحرب ضد رموز التغيير وشبابه.

لكن الشباب لم يستسلموا وكانوا يدركون ان هناك معركة جديدة مع ايران وصالح علي مساحة شاسعة من الجغرافيا اليمنية ..المعركة التي ستتدخل فيها المملكة وعديد من تحالف دول عربية… المعركة التي سيتورط فيها صالح وستكون نهايته علي يد حلفاءه الانقلابين.. وسينكشف فيها مشروع تآمر الهضبة مع ايران والغرب علي اليمن والدولة الوطنية ومشروع التغيير.. وعلي المملكة والمنطقة..

اراد صالح الحرب مدفوعا اليها من الادوات الايرانية التي تسيطر علي نظامه ..لم تدفع ايران صالح للحرب لتحقق له هدفه بالعودة الي الحكم او توريث نجله لا كلا كان هدفها استخدام القوة العسكرية النظامية التي بحوزته واستخدامها ومعها صالح كغطاء رسمي للحرب واستخدام امكانياته وآلته الاعلامية والسياسية المعدة والمدربة…وربما حضوره وتأثيره في الوسط وتهامة.. اما في الجنوب فقد خسرت الرهان بورقة صالح.. وحدث مالم بكن في الحسبان.

تورط صالح او تم توريطه… اطلقت قيادات حوثية تهديدات تجاه المملكة وهددت بالوصول الي باب المندب ومن ثم الي مكة والرياض كانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير.

وجدت المملكة نفسها في موقف صعب.. اطلق القيادة اليمنية دعوات للمملكة بالتدخل بينما كانت قوات صالح والحوثي علي مشارف عدن.. تشكل التحالف العربي ودخل المعركة ..وكانت حركة التغيير تدرك ان دخول التحالف وتحديدا المملكة هو لحماية امنها ومصالحها في مواجهة النظام الذي دعمته واوصلته للسلطة في ثمانينات القرن الماضي في الشمال ودعمته في كل حروبه جنوبا وشمالا للتمكين له وعملت له مبادرة في 2012 لإنقاذه من التغيير الشامل.. ولم يكن تدخل التحالف من اجل دعم مشروع التغيير في اليمن ودعم اقامة الدولة الوطنية… لكن حركة التغيير التي وجدت نفسها تقاتل مع التحالف كان لها اهدافها ايضا ..كانت تدرك ان الحرب سوف تفضي الي وضع حدا لحياة صالح ومغامراته رغم ان التخالف لم يكن يريد ذلك ولو انه نجح صالح في انقلابه علي الحوثين لكان التحالف حوله الي رمز وطني واممي وربما اعاده حاكما لليمن… لكن تقديرات التحالف لم تكن في مكانها ورهانها علي صالخ الذي بات منذ وقت مبكر لعبة بيد ايران كان رهانا رومانسيا للغاية.

تورط صالح مرتين… مرة حينما اعلن حربه علي اليمنيين… والاخرى لما حاول الانقلاب علي خلفاءه ولم يعد يملك شيء.. خلاص بح.. كش ملك.

 

خدمة اجندة ايران

ما يزال التحالف للأسف لم يدرك لعبة. ايران القذرة في اليمن وقدرتها علي التخفي خلف اجندة خطيرة نجد التحالف احيانا يوفر لها الدعم المباشر او غير المباشر بقصد او بدون قصد..

وبالعودة علي بدء نوكد للمرة الالف ورغم وضوح الامر ان حركة التغيير اليمنية معركتها الرئيسية منذ 2007 مرورا ب 2011 مع ايران ومشروعها الطائفي في اليمن واستخدامها لنظام صالح في تحقيق ذلك الهدف… وما كنا ندركه منذ 2007 وقبلها انكشف جليا في 2015 بكل وضوح ووجدنا انفسنا جميعا في مواجهته.. تحالف على حركة تغيير في اليمن ..حراك ومقاومة واحزاب وشباب وجيش مؤيد للثورة ..ولم بكن التحالف ليجد غير حركة التغيير للوقوف معه في معركته مع ايران في اليمن مع ذلك هناك من يصر علي استمرار استبعاد رموز وشباب التغيير والمقاومة وقواها واعادة نطام صالح ورموزه ..واعادة انتاجه.. تحت مبررات واهية وخدعة مستمرة ما تزال ايران تلعب بها فيتعاطى معها العرب وكأنها هدف من اهدافهم ثم بعد دمار وخراب يكتشفون انهم خدعوا.

ماتزال ايران مصرة علي هدفها وهو متع حركة التعيير اليمنية من الوصول للسلطة واعادة بناء دولة يمنية وطنية وتعمد الي التخريب بكل مكان لاسيما في عدن وتعز باعتبارهما المدينتان اللتان فجرتا الثورات ضد نظام صالح وما تزالان قادرتان علي احداث تحول جديد لصالح مشروع الدولة الوطنية اليمنية في اليمن الذي يخدم التحالف ويضرب مصالح ايران ..لكنهم لا يفقهون!!

 

في الختام

 

التحالف بحاجة لمراجعة حساباته في اليمن وموقفه من الشباب والدولة اليمنية الاتحادية الوطنية.. وتحقيق الامن والاستقرار في المدن المحررة واعادة الاعمار… وتحرير تعز والحديدة اولا.. واصلاح وضع الامن والجيش… واجراء تغييرات داخل نظام وحكومة الشرعية المخترفان…

بالنسبة للشرعية نقول الي متي الفشل والاخفاق… سلوككم يخدم اجندة ايران في ضرب مشروع الدولة. الوطنية في اليمن من خلال توريث الوظيفة العامة.. وعدم القيام بمهامكم الوطنية في المناطق المحررة… واستنرار الفساد والنهب وتخريب مؤسسات الدولة.. ومحاربة الشعب في لقمة العيش وانتم تعلمون انه العنصر الحاسم الذي يعتمد عليه لإفشال مخططات ايران في اليمن والمنطقة..

ماذا ستفعلون في جنيف ما هو رصيدكم في المناطق المحررة.. ما هو مشروعكم لليمن وانقاذ البلاد …ستذهبون لإفشال الحوار لأنكم لا تريدون الحرب ان تنتهي لا بالخوار ولا بالسلاح وهذا يخدم اجندة ايران… الحوثين ايضا سيفعلون نفس الشي وسيفشلون الحوار…

الحراك مجموعة مكونات موزعين علي كل اللاعبين لإصدار البيانات لخلط الاوراق واستلام الصرفة..

الانتقالي عليه مراجعة مواقفة وان لا يكون جزءا من اجندة تخدم ايران في التباعد بين اليمنيين واعادة تطبيع الاوضاع في عدن والمناطق المحررة..

الانتصار الكامل على ايران في اليمن لن يتحقق الا بدعم مشروع الدولة الوطنية اليمنية القادرة. علي حماية امنها وحماية. الجوار ومنع اي تدخلات لخدمة. اجندة تضر بالمملكة والمنطقة.. علي ان فشال مشروع ابران في المنطقة بداء من اليمن.. وملامحه واضحه وتحقق منه الكثير..

 

باسم فضل الشعبي

رئيس مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية والاعلام


Create Account



Log In Your Account