عن محافظ لحج .. كلمة لا بد منها
الثلاثاء 28 أُغسطس ,2018 الساعة: 08:17 مساءً

للعمل رجاله وللوفاء شواهده وقواعده.وللإنتصارات ابطالها وللقيادة سحرها  على الناس ودورها عند الشدائد ومفعولها في رفع الهمم وطمر المحن وتفكيك الأزمات التي تشكل حالة استثنائية من التيه والاختلاط والتباس الوعي، فلا تعطي المرء القدرة والامكانية للوصول إلى يقينات أو أفكار كليّة تجلو حقائق الأمور وتفكك تشابكاتها وتوصل الى قناعات توافقية وعقلانية.. حين تتدافع الأفكار وتتداخل الوقائع وتختلط الامور إلى درجة الابهام والدهشة، ويكاد الانسان يحار فيما يقول وفيما يدبّر ويفكّر .

ولقد ولدت الحالة السياسية والاجتماعية والعسكرية التي عاشتها محافظة لحج خلال السنوات الثلاث الاخيرة على وجه خاص واقعا اقتصاديا ومعيشيا وامنيا سيئا وتعيسا الى ابعد الحدود افرز حالة من الغضب والنزق  والفساد وتمردات استثنائية لاتزال تولّد تعبيراتها الحادة والفوضوية حتى الان رغم.كل الجهد ، وكان ما يؤرق الناس فيها هو انفتاحها على قضايا متعددة يصعب نظمها في نسق وسياق واحد ولذا فقد ظل الأمر أكثر تعقيدا والتباسا وأكثر نزوعا للفوضى والفساد والتمرد والتسيب والانفلات الامني بحيث عجز كل من تولوا مهمة القيادة فيها عن معالجتها..

غير أن القدر قيض للأيام الصعبة والتحديات الجسيمة والوقائع الحالكة رجالا على حجم التحدي لا يعرفون في وقت الشدة مكانا للحسابات الصغيرة والحزازات القديمة والمنافسات الحزبية والخواطر الملوثة بسموم الشماتة والتشفي، بل يعمدون بدل ذلك إلى العمل الجاد وجسر الهوة وردم كل الخلافات ومحو كل التعارضات والتناقضات وغسل كل ما يعلق بالمشاعر والأحاسيس من شوائب ورواسب ومعاتبات.

رجال أدركوا أن فضيلة العمل والمثابرة والاخلاص تحتاج إلى إرادة سياسية ووطنية حازمة وقوة عقلية راجحة ومغالبة نفسية وروحية شاقة وقدرة هائلة على الترفع والتسامي والتسامح.. لأن التحديات الجسيمة تتطلب رجالا عظماء وأعمالاً جليلة وهمماً شامخة وقدراً كبيراً من 'الجهاد الاكبر.

ولعله من المصادفات التاريخية النادرة في محافظة لحج  أن يوجد الرجل الأمثل للمهمة الأصعب في الوقت الأدق سوى أن الحال كانت هكذا في قرارات فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي التي قضت بتعيين اللواء احمد عبدالله التركي قائدا عسكريا لجبهة الصبيحة قبل ان يصدر قرارا حكيما آخر بعد ذلك بفترة قصيرة قضى بتعيينه محافظا لمحافظة لحج وهو الرجل الذي تصادف وأن كنت شاهدا على بعض ما مابذله.وما انجزه في سبيل إنجاح المهام الموكلة إليه لا بل وتجاوز مستوى الإنجاز والإكمال إلى عتبة ابتكار الحلول الأنجع واجتراح الإستراتيجيات الأجدى والأنفع سبيلا إلى رفع التحدي  على مستوى المحافظة ومؤازرة النهج الذي رسمه وتبناه وعمل من أجله رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي.

طيلة هذه الفترة الوجيزة الحافلة بالوقائع التي قضاها الرجل في منصبيه العسكري والمدني  لمسنا من الرجل عفة في النفس، ونظافة في اليد، وحسنا في المعشر وتحريا للصدق  والنزاهة والأمانة والشرف جعلنا نجزم مطمئنين أنه خير مثال على الجمع بين المنصبين المدني والعسكري اللذان افضيا به الى تحقيق انتصارات ميدانية كبيرة في تلك الجبهتين التنموية والعسكرية بمحافظة لحج وتخومهاخلال فترة وجيزة  ظل حريصا فيها وحتى هذه اللحظة على خوض المعركتين معا بنفس الروح الوطنية المخلصة لها وواعيا بضرورة تخليصها من عثراتها وأزماتها وتعزيز وجودها وصمودها على كافة المستويات، هذا مع قدرة فائقة على المجاهرة بالحق والحرص على الحوار والبحث الجدي والجماعي عن جوامع وقواسم مشتركة بينه وبين المواطنين واستشراف إصلاحات سياسية واقتصادية وتنموية متدرجة ومقاربات في الصفوف والمواقف والأهداف ، خصوصاً بعدما برهنت التحديات الحاضرة ان من المستحيل الفصل بين ما هو مدني وبين ماهو عسكري وعلى وجه الخصوص في محافظة لحج لاعتبارت كثيرة ــ تتمتع بها دون غيرها ــ لا يتسع المجال لذكرها هنا...

ومع الوقت ترسخت لدي ـ شخصيا ـ قناعة متجذرة أن  القراءة العميقة والدقيقة لشخصية هذا الرجل الواعد تكشف بجلاء عن صرامة  خارقة في قراراته  تستتر خلف هذا المظهر الهادئ والوديع والمهذب.. وأصبحت بكامل اليقين على ان ثمرة الأعمال المسندة إليه كانت من نوع مختلف وأن قدراته على الإدارة والتدبير فاقت كل سابقيه.. فكم تحدث، خلال جلسات العمل عن رؤيته التنموية والاصلاحية موضحا ومشددا على  أن المنصب الذي يشغله لا يعدوا ان يكون تحشيدا غوغائيا بلا معاني أو غايات وانما هو عملية تنموية -  اجتماعية  راقية ولم يكن ـ شأن الكثيرين ـ يطلق كلاما مرسلا جزافا وإنما كان يعاضد حديثة بالفعل ورؤيته بالعمل وطرحه بالتطبيق  مانحا الأولوية القصوى لمتطلبات الناس، وملخصا في كلمات قليلة صيغة الكثير من البرامج والمخططات العلمية والعملية الكفيلة بتطوير أنماط الحياة، وتسريع وتائر التنمية، وتلبية احتياجات ابناء المحافظة المتطلعين بلهفة جامحة وشغف شديد الى عيش رغيد وحياة افضل...

لأجل ذلك كله لم أتفاجئ ـ كمتابع  ـ بحجم الإنجازات العينية المشهودة التي حققها الرجل على المستوى المدني والعسكري، وهي المكاسب التي نقلت المحافظة من واقعها المأساوي الذي غرقت فيه الى واقع اكثر اشراقا وجمالا.وتفاؤلا وربما ـ ظلت ــ هذه المكاسب. ـ  بعيدة المنال لو لم يرصد للمهمة صاحبها  وبوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، انعقد النصر الذي كان حلما، وتجسد الأمل الى عمل بعد جهد وجد، أقل ما يوصف به أنه تجاوز كل مفردات "التطبيل" و لو أن  المقام يتسع للتحليل والتعليل ، لكان بمستطاعنا تقديم قراءة مطولة أو مقاربة مفصلة حول جملة من المهارات والانجازات التي اجترحها الرجل على مدى فترة توليه لمنصبه كمحافظ لمحافظة لحج القصيرة جدا.

وللمقال حلقة ثانية...


Create Account



Log In Your Account